أثبت
الحفائر الأثرية والأدلة الأنثروبولوجية , أن العراق كان يعيش حياة
مستقرة في عصور ما قبل التاريخ من الألف الرابع قبل الميلاد , ونظرًا لما
تتسم به أرض العراق من مميزات جغرافية فريدة فقد كانت من مواطن الاستقرار
البشري الأولى في العالم , وعرفت الحضارة الإنسانية بدايات نشوئها متمثلة
في أرقى حضارة زراعية وصناعية عرفها الإنسان حينئذ حيث عرف النار وكيفية
توليدها,وكذلك صناعة الفخار وأدواته المبكرة .
ويعد موقع ( جرمو ) قرب جمجمال نموذجًا للقرية الزراعية في شمال العراق ,
حيث أظهرت التنقيبات في هذا الموقع ست عشرة طبقة سكنية تضم الخمس العليا
منها أقدم الآثار لصناعة الفخار في وادي الرافدين .
ولم تلبث مظاهر التمدن أن انتقلت بعد ذلك إلى القسم الجنوبي من البلاد
حوالي سنة 4000 ق.م متمثلة في آثار (تل العبيد) الواقع على بعد أربعة أميال
إلى الشمال الغربي من مدينة أور . ويعتبر تل العبيد أقدم المستوطنات
البشرية التي كشفت عنها التنقيبات في الجنوب . ولكن المقومات والمظاهر
الحضارية لم تنضج إلا في العصر اللاحق ـ عصر الوركاء ـ الذي تميز بظهور
الأختام الأسطوانية والمصطبة ,وفن النحت ,وظهور أقدم وسيلة للتدوين.
ـ الحضارة السومرية
تعتبر الحضارة السومرية ( 2850 ـ2400 ق . م ) في العراق من الحضارات
الإنسانية المبكرة التى خلفت تراثًا عريقًا , ويعد السومريون من أقدم
الشعوب التي استطاعت وضع لبنات الحضارة الأولى في القسم الجنوبي من العراق
القديم الذي عرف ببلاد سومر ,وتكشف النصوص السومرية عن جوانب من منجزات
السومريين الحضارية ,وكاختراع الكتابة , والنقش في العمارة ,والحذق في
صناعة الفخار ,وغيرها من المظاهر الحضارية . كما تمتاز هذه الفترة بظهور
أولى السلالات السومرية التي شكلت أنظمة سياسية عرفت باسم دويلات المدن
,وقد وجدت معالم هذه الحضارة في مدن مختلفة من العراق ,وهي كيش (تل
الأحيمر) ,وتل (كرسو) ,وتلول الهباء (لكشي) واشبونا (تل أحمر) ,وأوروك
(الوركاء) ,وينبور (نفر) ,واريدو (ابو شهرين ) ,وغيرها . **************************************************