أجزاء الشمعدان (candelabra) الحاملة لشموع الإنارة لم تكن معروفة منذ القدم، وكان المعتقد في (التوراة) أنّه ينبغي أن يصنع من الذهب، وكذلك فروعه الحاملة للشمع، يجب أن تكون مصنوعة من الذهب الخالص، (أو من مادّة واحدة)، وتخرج منه ستة أفرع كلُّ ثلاثة منها متقابلة تتفرّع من جهة من جهاته (زيادة على الفرع الأوسط الذي يشكّل الحامل السابع) على أن تكون حاملات الشموع على شكل حبة لوز، ويزين كلُّ فرع من حاملات الشموع بزرّ تزييني فيه زهرة تجمِّله)([1]).
وجاء أمر الشمعدان في الكتاب المقدّس في أقدم نصوصه تحت اسم (المنارة)، فقد ورد فيه: "وتصنع منارة مطروقة من الذهب الخالص هي وقاعدتها وساقها وتكون كأساتها بما في ذلك عقدها وأوراقها قطعة واحدة منها. ويتفرع من جانبي المنارة ست شعب ثلاث من جانبها الأول وثلاث من جانبها الآخر، ويكون لكل شعبة من الشعب الست ثلاث كأسات على شكل زهرة اللوز بعقدها وأوراقها. وفي عمود المنارة ذاتها أربع كأسات على شكل اللوز بعقدتها وأوراقها وعقدة تحت كل شعبتين من الشعب الست المتفرعة من عمود المنارة. وتكون العقد والشعب كلها قطعة واحدة مطروقة من ذهب خالص"([2]).
ويمتاز هذا الشمعدان بسمة الشكل النباتي، (الأغصان والكؤوس والساق والأزهار التزينية)، وفي الحضارة البابلية كان شكله يوحي بأنه شجرة للعالم، فقد دلـت فروعه السبعة على الكواكب السبعة، وقد كان الشمعدان موجوداً في معبد القدس، ثمّ سُرِق بعد الغزو الروماني، كما صُوِّرَ في قوس تيطس (Titus) في الساحة الرومانية (Roman Forum).
وقد استعمل الشمعدان في فنون العصور الوسطى رمزاً لليهودية، فهو شجرة ضوء بكامل إشعاعها، يشع نحو الله، ولذا فقد رسم متّجهاً نحو السماء، وفي زمن المكابيين استمرّ يعطي ضوءه مدّة ثمانية أيام، بالرغم من أنّه زُوِّدَ بكمية قليلة من الوقود([3]).
ومن الممكن أن نحمل هذا الشكل على رمز قارّة (Atlantis) الذي كان يرمز إلى الفردوس بمباركة الطبيعة، ويحكمها ملوك حكماء، إلى أن تمرّد سكانها على الآلهة، مما حدا بالآلهة إلى القضاء عليها([4]).
وقد تخلّص اليهود من الجزء العلوي من هذا الرمز، من أجل إلغاء شكل الصليب من رمزهم الديني. إذ يشكّل الصليب والشمعدان رمزاً لعاصمة أتلانتس وهي باسيليا (Basileia).
وفيما يلي رمز (Atlantis) هذا، وهو رمز مزدوج مقلوب، يشكِّل الصليب مع الشمعدان اليهودي:
[1] ) Biedermann, H., Dictionary of Symbolism, P. 57.
[2] ) سفر الخروج 25/31-36.
[3] ) Biedermann, H., P. 57.
[4] ) Ibid, P. 22. |