هذه
المحاضرة تكشف -كما يقول المؤلف -القشرة السطحية لعلم غسيل المخ. و أهم
ما يجب أن يعرفه الجميع هو أنه من ضمن كل اللى إتغسل مخهم بنجاح لا يوجد
شخص واحد يعلم (أو يصدق) أنه قد تم غسيل مخه. و أن اللى تم غسيل مخهم
بيدافعوا تلقائيا بحرارة و إخلاص عن الشخص الذى قام بعملية الغسيل.
و عملية “غسيل المخ” عادة تبدأ بفكرة “إحياء” شئ. و بالطبع ليتم إحياء هذا الشئ يجب إقناع المستمع أولا أنه “مات”.
و
أى دراسة لعلم غسيل المخ يجب أن تبدأ بدراسة “إحياء” المسيحية فى أمريكا
فى القرن الثامن عشر. فمن المعتقد أن شخص يدعى جوناثان إدواردز إكتشف
الطريقة بالصدفة أثناء قيامه بحملة تبشيرية عام 1735 بمدينة نورثامبتون
بولاية ماساشوستس.
فقد
إكتشف إدواردز أنه يمكنه فرض عقدة الذنب و الخوف الشديد و التوتر على
مستمعيه عن طريق خطبه و أن ذلك يؤدى إلى إنهيارالمستمع “المذنب” تماما و
إستسلامه له.
وحقيقة
ما كان يعمله (من الناحية الفنية) هى أنه كان يخلق حالة تؤدى إلى “مسح”
ما فى عقول مستمعيه و بذلك تكون جاهزة لإعادة برمجتها.
إلا
أن الخطأ الذى وقع فيه هو أن رسالته كانت سلبية. فقد كان يقول لهم “أنت
مذنب و مصيرك إلى الجحيم” فكانت النتيجة أن أحد مستمعيه إنتحر و قام آخر
بمحاولة للإنتحار.
و
قد أدت الأبحاث بعد ذلك لنتيجة أنه بمجرد إنتهاء المبشر أو القائم
بعملية غسيل المخ من عملية المسح أو “تنظيف” المخ فإن الضحية يصبح جاهزا
لتقبل أى إقتراحات أو أفكار جديدة لتحل محل الأفكار القديمة بدون أى
مقاومة – حتى و لو كانت منافية للمنطق أو للمعتقدات الأصلية للضحية.
و
قد إستخدم مبشر آخر يدعى تشارلز فينى نفس الطريقة بعد ذلك بأربع سنوات
فى نيويورك. و ما زالت الطريقة مستخدمة حتى يومنا هذا من المبشرين و
الطوائف و الجماعات الدينية و بعض مستقطبى المستثمرين و عصابات الجريمة
المنظمة و القوات المسلحة فى معظم دول العالم (بما فيها الولايات
المتحدة).
و
الواجب ذكره هنا هو أن معظم الدعاة لا يدركون أنهم يستخدمون وسائل غسيل
المخ. فكل ما حدث هو أن إدواردز إكتشف الطريقة بالصدفة و نقلها منه
الآخرين ثم تم تطويرها على مدى 200 سنة و هذا يفسر الزيادة فى التشدد و
التعصب المسيحى و خاصة الموجه عن طريق التليفزيون بينما تراجعت معظم
المذاهب المعتدلة و المألوفة
أطوار العقل الثلاثة:
بالرغم
من أن المسيحيين هم أول من إكتشفوا “غسيل المخ” فقد قام بتفسيره عالم
روسى يدعى “بافلوف”. و قد بدء عمله فى بداية القرن العشرين بعمل تجارب
على الحيوانات ثم قام بعمل تجارب على الإنسان. و بعد الثورة الروسية أدرك
لينين فاعلية هذه الطريقة فاستخدمها للوصول إلى أهدافه.
و قد إكتشف بافلوف إلى أن عملية غسيل المخ تتقدم على ثلاثة مراحل:
ألأولى سماها ” مرحلة التكافؤ” و فيها يكون رد فعل العقل متساوى لكل من “الإثارة الضعيفة” و “الإثارة الشديدة ”
الثانية
هى “مرحلة التناقض الظاهر” Paradoxical phase و فيها كون رد فعل العقل
شديد لأنواع الإثارة الضعيفة و ضعيف لأنواع الإثارة القوية.
و
الثالثة هى مرحلة “ما فوق التناقض الظاهر” Ultra-paradoxical phase و
فيها يتقلب سلوك و رد فعل الشخص من إيجابى الى سلبى أو من سلبى إلى
إيجابى.
و مع التطور من مرحلة إلى أخرى يتم إستكمال عملية “التحول” conversion و تتأكد سيطرة المبشر على ضحيته.
و
يوجد طرق عديدة لتحقيق “التحول” . و لكن الخطوة الأولى لعمل غسيل المخ
الدينى أو السياسى تبدأ بالتأثير على عاطفة الشخص أو المجموعة حتى يصلوا
إلى درجة عالية الغضب أو الخوف أو الإهتياج و الإثارة أوالتوتر العصبى.
و
نتيجة هذه الحالة العقلية هى إضعاف قدرة الشخص على الحكم على الأمور و
تسهيل إمكانية الإيحاء له و التأثير عليه. و كلما طالت أو إشتدت حالة
الغضب أو التهيج أو الخوف ضعفت قدرته على المقاومة و سهل التأثير عليه.
و
بمجرد أن يتم “تطهير” المخ (أى الإنتهاء من المرحلة الأولى) يصير
الإستيلاء على العقل أمر يسير و يكون من الممكن إستبدال الأفكار القديمة
ببرنامج جديد من الأفكار و السلوك.
و من الأسلحة الأخرى التى تستعمل لتعديل وظائف العقل الطبيعية هى:
الحرمان من الطعام
التغذية بكميات عالية من السكر
الإرهاق البدنى و الحرمان من النوم
التحكم فى التنفس
ترديد كلمة أو صوت واحد لمدة طويلة يوميا
الكشف عن أمور أو أسرار رهيبة
إستخدام المؤثرات الصوتية و الضوئية
إستخدام البخور و الأدوية النباتات المخدرة
و
يمكن الحصول على النتيجة نفسها باستعمال أدوات العلاج النفسى الحديثة
مثل الصدمات الكهربية أو خفض نسبة السكر فى الدم عن طريق الحقن
بالإنسولين.
كيف يعمل الواعظ الإحيائى (Revivalist) ؟
إذا أردت أن تشاهد إحيائى أثناء عمله فمن المحتمل أنك ستجد عدد لا بأس به منهم فى مدينتك.
إذهب إلى كنيسة مبكرا و اجلس فى أحد الصفوف الخلفية (فى الربع الأخير من القاعة).
غالبا
ستسمع موسيقى مكررة (repetitive) تعزف أثناء وصول الملأ لحضور طقوس
العبادة. ستلاحظ أن الموسيقى لها خققة مكررة تتراوح بين 45 و 72 دقة فى
الدقيقة لتكون قريبة من معدل ضربات القلب البشرى.
وهذا المعدل له تأثيرمنوم و يؤدى إلى تبديل حالة الوعى (altered state of consciousness) فى نسبة عالية جدا من الحاضرين.
وتسمى
هذه الحالة “موجات المخ الفا” (Alpha brainwaves) و فيه يتراوح تردد
موجات المخ بين 8 و 12 ذبذبة فى الثانية فى حين أنه فى حالة الإنتباه
العادية (beta) يترواح التردد بين 13 و 25 ذبذبة فى الثانية.
و
فى حالة ال”ألفا” يسهل على الشخص أن يتعلم أشياء جديدة حيث تتضاعف قدرته
على الإستيعاب و القابلية للإيحاء حوالى 25 ضعف – و فى الواقع تستغل هذه
الحالة فى وسائل التعليم الحديثة ( هذا الموقع يعطى نبذة عن هذا الموضوع
و يمكن الحصول على معلومات أكثر بإجراء بحث عن: alpha brainwaves أو The
Silva method).
هذه
الموسيقى ستكون غالبا مكررة فى كل مرة تذهب فيها للكنيسة أو سيكون معدل
الخفقات واحدا فى كل مرة. و هذا سيؤدى إلى دخول الحاضرين فى “حالة الوعى
البديلة” فور دخولهم الى القاعة (فى المرات التالية) حيث أنهم سيتذكرون –
لا إراديا – الحالة العقلية التى كانوا فيها فى المرة السابقة و يستجيبون
فورا لبرمجة ما بعد مرحلة التنويم.
راقب
الحاضرين و هم فى إنتظار بدء الوعظ. ستجد أن كثيرا منهم فى حالة نشوة أو
شبه غيبوبة و إرتخاء بدنى وستلاحظ أن سواد أعينهم متسع (دليل على حالة
الإسترخاء). و فى كثير من الأحيان ستجد أنهم يترنحون من جانب للآخر أو من
الأمام إلى الخلف.
ثم يأتى بعد ذلك مساعد الواعظ و هو مدرب على الكلام بصوت “متدرج”.
الصوت المتدرج” يتميز بأنه محدد الخطوة و يستعمل فى التنويم المغناطيسى.
و
أحيانا يستعمله المحامون (المدربون على التنويم المغناطيسى) لترسيخ نقطة
معينة فى ذهن المحلفين. و هو صوت رتيب تنطق فيه الكلمات بمعدل ثابت
يتراوح بين 45 و 60 كلمة فى الدقيقة لزيادة التأثير.
و
هنا يبدأ المساعد فى عملية “التصعيد” ليسبب “حالة الوعى البديل” و ذلك
بتوليد حالة من الإثارة و الترقب بين الحاضرين. ثم يأتى بعد ذلك مجموعة
من الفتيات “جميلات و طاهرات” يرتدين ملابس الشيفون أو الحرير الشفاف و
يغنون بعض الأغانى التبشيرية. و هذا النوع من الأغانى يولد نوع من الهياج
العاطفى و التضامن من الحاضرين.
و
فى أثناء الغناء تسقط إحدى الفتيات على الأرض مغشيا عليها من شدة التأثر
أو كأن روح مقدسة قد تقمصتها و هذا يؤدى إلى إشتداد حدة الموقف فى
القاعة.
فى
هذه اللحظة تمتزج وسائل التنويم المغناطيسى مع وسائل “تحويل” الحاضرين و
يصبح إهتمام الحاضرين مركز على ما سيقال أو ما سيحدث بعد ذلك. و هنا
أصبح الجميع فى حالة “الفا” (شبه غيبوبة) و يمر المساعد على الحاضرين
بصندوق التبرعات و فى الخلفية لا يزال هذا الصوت يتكلم بمعدل 45 كلمة فى
الدقيقة قائلا: “إعطى للرب .. إعطى للرب .. إعطى للرب ..” و يستجيب له
الحاضرين و يعطوه ما طلب.
و هذا المال قد لا يصل للرب و لكن “مندوبه الثرى” سيزداد ثراءا.
ثم
يأتى بعد ذلك واعظ “النار و الجحيم” و يبث الرعب فى قلوب الحاضرين
بكلمات عن “الشيطان” و “الذهاب إلا الجحيم” و نهاية العالم القريبة و
الشؤم و الكآبة.
و
فى واحدة من هذه المحاضرات التى حضرتها – تكلم الواعظ عن الدم الذى
سيتدفق قريبا جدا من جميع حنفيات الكرة الأرضية و قد إستحوذته فكرة “سيف
الرب الدموى” الذى رآه الجميع معلقا فوق المنبر فى الأسبوع السابق. و بناء
على ما شاهدت من فوة و فاعلية الإيحاء أثناء التنويم المغناطيسى فليس
لدى أى شك أن الجميع قد رأوا هذا السيف و أن 10 الى 25 % من الحاضرين
(على الأقل) سيروا أى شيء يطلب منهم أو يوحى إليهم.
فى
معظم جلسات “الإحيائيين” (Revivalists) نجد أن الوعظ المبنى على التخويف
و الترهيب يتبعه عدد من “الشهود” حيث يدلى عدد من المستمعين بتصريحات
مثل:
“لفد كنت كسـيحا و الآن أستطيع أن أمشى بطريقة طبيعية”
أو ” كنت مصابا بالتهاب المفاصل و شفيت منه تماما”.
و
هى وسائل للتلاعب بنفسية المستمعين التى تؤدى إلى إقتناع الشخص العادى
–ذو المرض الغير مستعصى- أنه بلا شك سيتم شفاؤه. و بعد الإستماع إلى عدد
من هذه القصص تصبح القاعة مشحونة بالرهبة و الشعور بالذنب و حالة شديدة
من الإثارة و الترقب و الأمل.
عادة
يكون الراغبين فى الشفاء مصطفون فى مؤخرة القاعة فيطلب منهم التقدم
للأمام (ليراهم الجميع). و قد يضغط الواعظ بكف يده على جباهم صارخا: “إشف”
مما يؤدى إلى إطلاق (إو تحرير) الطاقة النفسية المدفونة فى المريض
(النصف نائم) و بذلك يتم “تطهيره” من العواطف المكبوته. و قد يصحب ذلك
صراخ المريض أو سقوطه فى حالة تشنج.
و إذا كانت حالة “التطهير” فعالة فقد يؤدى ذلك إلى شفاء المريض فعلا.
و
فى مرحلة “التطهير” (و هى إحدى المراحل الثلاث التى أشرت إليها فى بداية
المحاضرة) يكون العقل مفرغ (مؤقتا) و مستعد لتلقى الإيحاء (أو البرمجة).
بالنسبة
للبعض قد يكون الشفاء دائم و لكن للأغلبية سيدوم لمدة أربعة إلى سبعة
أيام. و حتى لو لم يستمر الشفاء لمدة طويلة – فعند عودة المريض فى
الأسابيع التالية فستتغلب قوة الإيحاء على المشكلة و فى بعض الأحيان
–للأسف- ستحجب المرض (دون علاجه) مما قد يكون ضارا بالمريض على المدى
الطويل.
و
أنا لا أقول هنا أن الشفاء غير حقيقى أو أنه لا يتم. فهو يتحقق فعلا.
ربما لأن الشخص كان عنده إستعداد للتخلى عن السلبيات التى سببت المرض أو
ربما كان الشفاء من عند الله و لكنى أعترض بشدة على من يدعى أنه يمكن
تفسيرهذه الظاهرة بما لدينا من علم الآن عن المخ و وظائف العقل.
و
تختلف تقنيات الوعظ من كنيسة لأخرى. فبعضهم يستخدم لغة مبهمة و يتكلم
بجمل معقدة مما يؤدى إلى حالة “تطهير” لبعض المستمعين بينما يخلق الموقف
حالة من الإثارة الشديدة فى نفسية المراقبين.
و
استعمال وسائل التنويم الجماعى علم شديد التعقيد. و يؤكد المحترفون أنه
قد تطور و أصبح أكثر تأثيرا مما كان عليه فى الماضى. و فى لوس أنجليس
يقول أحد مصممى المبانى الذى يقوم بتصميم الكنائس و إعادة ترميم القديم
منها أنه يبذل 80% من مجهوده فى تصميم أنظمة الصوت و الإضاءة. و قد بينت
الإحصائيات أن دخل الكنائس التى يقوم بتصميمها من التبرعات يصل إلى ضعف
الكنائس الأخرى.
وسائل ال”تحويل” الستة:
المنظمات
و الطوائف الدينية يعملون باستمرار على تجنيد المزيد من الأعضاء. و
لتحقيق هذه الغاية يجب أولا أن يخلقوا فيهم “الحالة العقلية” المطلوبة. و
فى معظم الحالات عليهم أن يصلوا إلى غايتهم فى وقت قصير مثل عطلة نهاية
الأسبوع أو حتى فى يوم واحد. و فيما يلى سأقدم لكم الوسائل الرئيسية التى
تستخدم لإتمام عملية التحويل:
بعقد
الإجتماع أو دورة التدريب فى مكان منعزل عن العالم الخارجى. قد يكون بيت
خاص أو مكان فى أحد الضواحى المنعزلة أو حتى فى صالة رقص فى أحد
الفنادق. و فى أى حال يسمح للحاضرين أن يستعملوا دورات المياة فى أضيق
الحدود.
و
تبدأ الدورة بأن يقوم المشرف (أو الموجه) بخطبة طويلة عن أهمية
“الإلتزام” إو “المحافظة على الإتفاق”. طبعا مبدأ المحافظة على الإتفاق
هو مبدأ جميل و هو من أهم القيم و لكن المشرف يفسده لأسباب شخصية.
و
يقسم الحاضرون لموجههم (و لأنفسهم) أنهم سيلتزمون بالإتفاق و يتم تخويف
او “إرهاب” من يرفض ذلك حتى يخضع أو يتم طرده من الدورة التدريبية.
الخطوة التالية هى إجبار الحاضرين على الإلتزام باستكمال التدريب للنهاية و هذا يضمن أكبر عدد ممكن للإنضمام للتنظيم.
و
عادة يتحتم على الحاضرين أن يوافقوا على عدم تعاطى أى عقار (سواء مخدر
أو منبه) و الإمتناع عن التدخين و أحيانا عن الطعام و قد يتم منحهم فترة
قصيرة جدا لتناول الوجبات لخلق جو من التوتر. و السبب الرئيسى وراء هذا
الإتفاق هم تغيير “الكيمياء الداخلية” للأعضاء الجدد مما يخلق نوع من
البلبلة على أمل أن يسبب –و لو القليل- من القصور فى وظائف الجهاز العصبى
و بالتالى يزيد من إمكانية “التحويل”.
قبل
إنتهاء الإجتماع – يقوم المشرف باستخدام “الإتفاق” لمطالبة الحاضرين
بالبحث عن مشتركين جدد. و يطلب منهم الموافقة على هذا “الإتفاق” الجديد
قبل مغادرة المكان. و حيث أن “الحفاظ على الإتفاق” أصبح مبدأ ذو أهمية
قصوى و يحتل مكانة عالية فى قائمة الأولويات فإن الأعضاء الجدد (أو
المحولون الملتزمون) سيقومون بعمل المستحيل لجذب معارفهم لحضور دورة
تمهيدية مجانية ستقوم المنظمة بتقديمها فى موعد تم تحديده.
و
“المحول” الجديد يكون عادة متحمس (وقد يصل إلى حالة التعصب) للمنظمة. و
فى الواقع يوجد تعبير دارج لدى أكبر و أنجح المنظمات يقول: “بيع بضاعتك
بواسطة متحمس (أو متعصب).”
و
قد أنتجت هذه الدورات التدريبية (على أقل تقدير) مليون خريج حتى الآن و
من ضمنهم نسبة عالية مزودون (أو مبرمجون) ب”زر داخلى” فى عقولهم يمكن
تفعيله بكلمة معينة أو جملة أو صوت أو صورة أو حتى رائحة معينة لتضمن
المنظمة ولاؤهم فى المستقبل وتضمن تلبيتهم لنداء المعلم الروحى أو
المنظمة إذا استدعت الظروف.
فكر فى التبعات السياسية لمئات الآلاف من المتعصبين المبرمجين لإدارة حملة لمعلمهم الروحى!
عليك
أن تأخذ حذرك من هذا النوع من المنظمات التى تستدرجك لحضورحلقات متابعة
للندوة الأولى. قد تكون هذه “الحلقات” أسبوعية أو ندوات رخيصة السعر و
لكنها تتميز بأنها دورية و تفدم بانتظام. فالغرض منها هو الحفاظ على
السيطرة و القدرة على التحكم فى الشخص.
و الإشارة الثانية التى تدل على أن وسائل التحويل جارى إستعمالها هى الإلتزام بجدول محدد من شأنه أن يسبب إجهاد بدنى و عقلى.
و الثالثة هى إستخدام الوسائل التى تزيد من حالة التوتر فى القاعة.
الرابعة:
الشك. و فى إمكانى أن أقضى ساعات طويلة أتكلم فيها عن الوسائل العديدة
التى تستعمل لتوليد الشك و زيادة التوتر. و الأساس فى هذه العملية هو جعل
كل مستمع فى حالة قلق دائمة خوفا من أن توجه الأنظار اليه مما يكشف ضعفه و
يشعره أنه “عاريا” أمام الجمع و هنا يلعب الموجه بعقدة الشعور بالذنب
لدى المستمعين و يقوم بتشجيعهم على الإقرار بأدق أسرارهم للآخرين أو
يدفعهم للإشتراك فى نشاطات تسقط عنهم أقنعتهم.
وقد يدفع أحد المشرفين بمستمع للوقوف على خشبة المسرح ثم يقوم بتأنيبه و توبيخه أمام جميع الحاضرين.
و قد بينت الإستفتاءات العامة أن أكثر ما يخشاه أغلبية الناس هو الوقوف و التحدث أمام جمهور من المستمعين.
فيمكنك
أن تتخيل حالة الرعب التى يمر بها الشخص عند وقوفه على المسرح و التى
تؤدى فى بعض الأحيان إلى فقدان الوعى عند البعض و لكن الأغلبية تلجأ إلى
حالة من “الغياب الذهنى” ****لة لمواجهة (أو الهروب من) هذا الموقف و هم
ينتقلون بهذه الوسيلة إلى حالة “الفا” العقلية مما يجعلهم أكثر إستعدادا
لتقبل الإيحاء و يسهل عملية التحويل.
المؤشر
الخامس الذى يدل على أن عملية “التحويل” تسير قدما هو إستعمال فيض من
الإصطلاحات ألتى لا يفهمها إلا العالمين ببواطن الأمور من الحاضرين.
أحيانا يكون المحاضر سليط اللسان و يستخدم لغة خبيثة (أو حتى شريرة) ليسود
شعور عام بعدم الإرتياح بين الحاضرين.
و
المؤشر السادس و الأخير هو إنعدام الدعابة (أو خفة الدم) و يمنع الضحك
أثناء الندوة على الأقل حتى تتم عملية “التحويل”. أما بعدها فتكون البهجة
و المرح من الأشياء المستحبة لتعرب عن التغيير الذى حدث و تكون رمزا
للبهجة و السرور و السعادة “الجديدة” (أو المفقودة) التى تم التحول إليها
(أو العثور عليها).
و
أنا لا أقول هنا أن هذه الإجتماعات لا يأتى من ورائها خير على الإطلاق.
فى الواقع قد يكون فيها بعض الفائدة. و لكنى أريد أن يكون الجميع على
يقين بما يحدث لهم (أو حولهم) و يأخذوا حذرهم و يعلموا أن إستمرارهم فى
التورط فى مثل هذه الإجتماعات قد يؤدى إلى أضرار يصعب علاجها.
و
قد قمت على مدى السنين بتقديم ندوات متخصصة لتعليم التنويم المغنطيسى
لأخصائيين فى علم النفس و للمعالجين. و قدقال لى بعضهم: “إننى أقوم بهذا
العمل لأننى أعلم أنه يأتى بنتائج و لكنى لم أكن أعرف كيف تتحقق هذه
النتائج”. و بعد أ ن بينت لهم كيف تعمل هذه الطرق قرر بعضهم الإمتناع عن
الإستمرار فى هذا الطريق و اللجوء إلى وسائل أخرى أكثر ودية.
لقد
أصبح العديد من هؤلاء المعالجين أصدقاء لى و أصبحنا نتبادل المعلومات و
الخبرة و التجارب بيننا. و أكثر ما يزعجنا فى هذا الموضوع من تجاربنا
الشخصية هو يقيننا بالقدرة الهائلة التى يستطيع بها شخص واحد و معه
ميكوفون أن يسيطر على صالة مملوءة بالمستمعين و يتحكم فيهم. أضف إلى ذلك
قليل من الموهبة القيادية أو الجاذبية الشخصية (charisma) و يمكنك أن
تضمن عدد كبير من “المحولين” أو كما يسميهم البعض “المهتدين”.
و
من المؤسف أنه توجد نسبة مرتفعة من الناس على إستعداد تام لتسليم
إرادتهم و الإستسلام الكامل لجماعة معينة أو حتى لشخص واحد ليقوم بالتحكم
فيهم.
إجتماعات
التنظيمات الدينية و المنظمات السياسية (و خاصة المنظمات التى يكون أغلب
أعضاؤها من الشباب و المراهقين) تعتبر أنسب مكان لمشاهدة ما يطلق عليه
“Stockholm Syndrome” حيث يبدأ الضحايا بإظهار علامات الحب و الإعجاب بل و
أحيانا الرغبة فى إقامة علاقة جنسية مع آسريهم او معتقليهم أو الذين
يقومون بتعذيبهم.
(أنظر فى هذه الوصلة للتعريف http://en.wikipedia.org/wiki/Stockholm_syndrome)
و
يتحتم على هنا أن أوجه كلمة تحذير: إذا كنت تعتقد أنه فى إمكانك أن تشارك
فى هذه الإجتماعات دون أن تتأثر بها فأنت غالبا مخطئ. و الدليل المثالى
على ذلك هو قصة إمرأة توجهت إلى هاييتى (فى أمريكا الجنوبية) فى بعثة
بغرض دراسة وسائل السحر و الشعوذة التى تشتهر بها هذه الدولة.
و
فى تقريرها ذكرت أن الموسيقى دفعتها للقيام بالرقص رغم إرادتها و أنها
فقدت السيطرة تماما على حركة جسدها و إنتقلت إلى “حالة عقلية بديلة”.
فبالرغم من أنها كانت على علم تام بالطريقة و إعتقادها بأن علمها هذا
سيحصنها فقد شعرت أنها مهددة بالسقوط ضحية للموسيقى و شرعت فى مقاومتها
فغادرت البيت.
و بعد لحظات قليلة تقمصتها الموسيقى مرة أخرى و بدأت تدور حول البيت و تمارس الرقص وحدها و هى فى شبه غيبوبة.
لقد
ولدت الموسيقى فيها حالة عقلية و أثارتها على غير ما كانت تتوقع. و بعد
أن أفاقت شعرت وكأنها قد “ولدت من جديد”. و قد أكدت هذه التجربة أن الغضب
و محاولة المقاومة يؤديان حتما إلى “التحول”.
و
الأمل الوحيد فى عدم “التحول” فى هذه الإجتماعات هو أن يكون الشخص
“بوذا” نفسه فلا يسمح لأى عواطف –سواء إيجابية أو سلبية بأن تتمكن منه.
ويندر وجود من عنده هذه المقدرة.
و
قبل أن استرسل – أريد أن أعود الى “الإشارة السادسة” لعملية التحويل.
أريد أن أذكر حكومة الولايات المتحدة و معسكرات التدريب العسكرية. ففى
فيلق المارينز يتحدث المدربين عن “كسر الرجال” قبل إعادة بناؤهم كرجال
جدد – أى رجال المارينز.
فما الذى يفعلوه بالتحديد؟
إنهم
يقومون باتباع نفس الطرق التى يتبعها رجال التنظيمات الذين يقومون
ب”كسر” ضحاياهم ثم إعادة بناؤهم كبائعى زهور سعداء أو مروجين مخلصين
لأفكار التنظيم فى محاولة لجذب المزيد من الضحايا ليتم “هدايتهم”.
و يتم إستخدام الوسائل الست جميعها فى معسكرات المارينز.
و
بأخذ طبيعة المهنة فى الإعتبار فأنا لا أستطيع أن أحكم عن مدى الفائدة
أو الضرر الناتجة من إستخدام هذه الوسائل. و لكنها حقيقة ثابتة أن هؤلاء
الرجال قد تم غسيل مخهم. و الذين يتعذرتحويلهم يتم تسريحهم أو يقضوا معظم
مدة خدمتهم فى الحبس.
تتميز الحركات الجماعية عادة برئيس أو زعيم يتمتع بقدر واف من ال”كاريزما”.
و
يبذل الأتباع جهدا كبيرا للتأثير على معارفهم فى محاولات لضمهم إلى
جماعتهم و تحويلهم أو فرض طريقتهم عليهم و ذلك عن طريق سن القوانين
ومحاولة إجبار الآخرين على الخضوع لها و لو حتى بالقوة – باستخدام السلاح
وتوقيع العقوبات. و هى وسائل تطبيق القانون.
و
يشترط لنجاح هذه الجماعات أن يتم “خلق” عدو أو شيطان أو فئة مكروهه
لأعضائها. فعدو جماعات “المسيحيون المولودون من جديد”( born again
Christians) هو الشيطان نفسه – و لكن هذا لم يكن كافيا لهم فأضافوا له
القوى الخفية (Occult) و السحر و أتباع “العهد الجديد” (New Age) و كل من
يعترض على إندماج الكنيسة و الدولة كما هو واضح فى برامجهم الإنتخابية
الموجهة ضد كل من يعارض أفكارهم و وجهة نظرهم.
و
فى حالة الثورات يكون الشيطان عادة هو الطبقة الحاكمة أو الأرستقراطية. و
تعتبر بعض التنظيمات الدينية كل من لم يحضر دورتهم التدريبية شيطانا يجب
معاداته. و للإنصاف يجب أن أذكر أنه توجد تنظيمات ليس لها عدو و لكن هذه
التنظيمات سرعان ما تبوء بالفشل أو فى أحسن الحالات تظل نكرة.
“المؤمن
الحقيقى” (و المقصود هنا هو المؤمن بتنظيم أو جماعة معينة) يكون عادة
إما مختل عقليا أو غير أمن (متزعزع) نفسيا أو ليس له أصدقاء أو أمل فى
الحياة. فالشخص الذى إمتلأ قلبه بالحب لا يبحث عن حلفاء و لكنه يلجأ لهذه
الوسيلة عندما يمتلئ قلبه بالكراهية و الحقد و ينفر الناس من حوله نتيجة
لتصرفاته الشاذة التى تعكس تسلط أفكار جماعته و استحواذها عليه .
وسائل الإقناع
الإقناع
–من الناحية التقنية – لا يعتبر “غسيل مخ” و لكن غسيل المخ هو التلاعب
بعقل شخص آخر بدون أن يكون هذا الشخص على يقين بالأسباب التى جعلته يغير
رأيه.
و
فى هذه الندوة – ربما يسمح لى الوقت أن أقدم لكم عدد قليل من آلاف من
وسائل الإقناع المتبعة اليوم بالرغم من أنها كلها مبنية على أساس الوصول
إلى نصف المخ الأيمن و مناشدته. فالنصف الأيسر من المخ منطقى و يتصف
بالرشد و العقلانية. أما النصف الأيمن فهو خلاق و خيالى. هذا الشرح مبسط
للغاية و لكنه يفى بالغرض حيث أنه يشرح الفكرة العامة.
فالهدف
هنا هو الهاء النصف الأيسر من المخ و صرف إنتباهه عن عملية الغزو
الجارية للنصف الأيمن. و الطريقة المثلى هى أن يقوم الشخص المتحكم بتوليد
حالة وعى بديلة تؤدى إلى نقلك من حالة الوعى الكامل (beta) إلى حالة
alpha. و هذه الحالة يمكن قياسها بواسطة أجهزة رسام العقل EEG.
دعونى
أولا أعطيكم مثل عن طريقة إلهاء النصف الأيسر. هناك وسائل متقدمة
يستخدمها السياسيون و بعض المحامين و قد قيل لى أنهم يطلقون عليها إسم “شد
الوثاق” (tightening the noose).
فلننظر
إلى سياسى أثناء حملته الإنتخابية فهو يبدأ بما يسمى ب “مجموعة نعم” أى
مجموعة من الأسئلة التى يكون رد المستمعين عليها بالإيجاب و بالتالى فهم
يوافقون على هذه التصريحات و قد تراهم أحيانا يومئون رؤوسهم ليؤكدوا
موافقتهم. ثم تأتى بعد ذلك مجموعة البديهيات.
و
هى تصريحات قد تحتمل صحتها بعض الشك. و لكن حيث أن المتحدث قد سبقها بما
وافقوا عليه فمن المرجح أن يستمروا فى الموافقة. و أخيرا تأتى مرحلة
الإيحاء.
و
هذا هو ما يريد السياسى منك أن تقوم بعمله و حيث أنك كنت على موافقة معه
على طول الخط فمن السهل أن تقبل هذه الإيحاءات. و الآن إستمع بانتباه
إلى خطبتى السياسية و ستجد أن التصريحات الثلاثة الأولى هى “مجموعة نعم” و
الثلاثة الذين يتبعونهم هم “البديهيات” و أخيرا الإيحاءات:
“سيداتى و سادتى: هل أنتم غاضبون بسبب أسعار الطعام المرتفعة؟
هل تعبتم من أسعار الوقود الخيالية؟
هل سقمتم التضخم الذى لم يعد من الإمكان التحكم فيه؟
أنتم تعلمون أن الحزب الحاكم قد سمح للتضخم أن يرتفع إلى 18 فى المائة فى العام الماضى.
و إزدادت الجرائم ب نسبة 50 فى المائة فى الإثنى عشرة شهر الماضية.
و أنتم تعلمون أن مرتباتكم لا تكاد تكفيكم من شهر لآخر.
أيها السيدات و السادة: الحل الوحيد لمشاكلكم هو أن تنتخبونى أنا – “فلان الفلانى” لأمثلكم فى مجلس الشيوخ.”
أعتقد
أنكم سمعتم الخطبة السابقة من قبل. و لكنى أريد أن ألفت نظركم إلى ما
يطلق علية “الأوامر المطمورة” (أو الدفينة). على سبيل المثال: أثناء
النطق بكلمات معينة يقوم الخطيب بعمل أيماءة أو لفتة بيده اليسرى و ذلك
لأن الأبحاث بينت أنها مناسبة لمخاطبة نصف المخ الأيمن.
ويتم
تدريب سياسى العصر الحديث و الخطباء بواسطة جيل جديد من الخبراء الذين
برعوا فى إستعمال جميع الوسائل و الحيل و الخدع القديم منها و الحديث
ليتلاعبوا بعقلك حتى تقبل مرشحهم أو برنامجهم.
إن
فكرة “البرمجة اللغوية العصبية” Neuro-Linguistic programming و
تقنياتها قد تم حمايتهم و إحاطتهم بالسرية لدرجة أننى إكتشفت أن المحاضرة
عنهم سواء بالكلام إو عن طريق النشر يؤدى إلى المحاسبة القانونية. و
بالرغم من هذا فإن التدريب على هذه البرمجة متاح لأى شخص يكون على
إستعداد لأستثمار وقته و دفع مصاريف التعليم.
إنها
واحدة من أقوى و أنجح وسائل الخداع و التلاعب بالعقل التى تعرضت لها. و
قد التحقت صديقة لى بدورة تدريبية عن البرمجة اللغوية العصبية و ذكرت أن
معظم الحاضرين كانوا من رجال الحكومة.
و
هناك طريقة جديدة –ما زلت أتعلمها- يطلق عليها Interspersal technique و
هى أن يتكلم الخطيب عن شئ معين و لكنه يزرع فى عقل المستمع إنطباع أو شئ
غير الذى تعنيه كلماته.
على سبيل المثال إفترض أنك تشاهد برنامج تليفزيونى حيث يقول فيه المعلق:
“قام السناتور جونز بمجهود ضخم لتبرئة التصرف الأحمق لبعض المصانع التى ساهمت فى مشكلة النفايات النووية”
ففى
الظاهر يبدو أنه يتكلم عن حقائق و لكن إذا أبرز (أو فخم) كلمات معينة -و
خاصة إذا لوح بيده أثناء نطق هذه الكلمات فقد يترك عند المشاهدين
إنطباعا بأن السناتور جونز هو الأحمق. فهذه هى الرسالة الضمنية التى يرغب
المعلق فى توصيلها إليك و فى نفس الوقت لا يمكن محاسبته لأنه لم يخطئ
صراحة فى حق أى شخص.
تستخدم
وسائل الإقناع على مستوى أقل من المذكور سابقا ولكن بنفس الفاعلية.
فمندوب شركة التأمين يعلم أنه سيسهل إقناعك إذا تمكن من رسم صورة معينة
فى خيالك لشئ يشغل تفكيرك. و هذا هو التواصل مع النصف الأيمن من مخك. فقد
يتوقف عن الكلام أثناء محاولته لبيع التأمين لك و ينظر حوله فى منزلك ثم
يقول:
“هل يمكنك أن تتخيل منزلك الجميل و قد التهمته النار فلم تبق لك منه شيئا؟”
لا
شك أنك يمكنك أن تتخيل هذه الكارثة! فهى واحدة من الصور المرعبة
المدفونة فى عقلك الباطن و قد أخرجها هو الآن و أصبحت واعيا بها و أصبح
أيضا من المرجح أن تشترى منه التأمين.
هناك
جماعة دينية تسمى “هاركريشنا” تعمل فى جميع المطارات الكبيرة فى
الولايات المتحدة و هم يستعملون الطريقة التى أطلق عليها “الصدمة و
البلبلة” و هى تعتمد على إلهاء النصف الأيسر من المخ (و هو النصف
المنطقى) و مخاطبة النصف الأيمن مباشرة.
و
بينما كنت فى صالة الإنتظار فى أحد المطارات كنت أراقب طريقة عمل أحدهم.
فهو يقف بجوار الحائط ثم يقفز فجأة أمام أحد العابرين ثم يشرع فى
الكلام. و فى البداية يتكلم بصوت مرتفع (يكاد يكون صراخا) ثم يخفت الصوت
تدريجيا و هو يسلمك نسخة كتابه و يطلب منك أن تتبرع بأى مبلغ يدعم قضيته.
عندما
يصدم الشخص فهو عادة “ينسحب نفسيا” على الفور – وفى هذه الحالة فقد جاءت
الصدمة من الظهور المفاجئ لهذا البائع من أتباع هاركريشنا و صوته
المرتفع. أو بعبارة أخرى فقد إنتقل المستمع الى حالة “ألفا” لأنه لا يرغب
فى مواجهة الواقع الذى فرض نفسه أمامه فجأة. و كما ذكرت من قبل – فى حالة
ألفا يكون من السهل على الشخص أن ينصاع للإيحاء فيمد يده لأخذ الكتاب.
و
بمجرد إستلام الكتاب قهو يشعر بنوع من “الذنب” و يكون على إستعداد
لإعطاء شئ فى مقابل ما أخذ. و مما لا شك فيه أن معظمنا “مبرمج” على فكرة
العطاء فى مقابل الأخذ. و فى هذه الحالة يكون العطاء هو المال.
الإيحاء الخفى (أو المحجوب)
الإيحاء الخفى (subliminal) هو إيحاء يخاطب العقل الباطن فقط. و فد
يكون على شكل كلمات مدفونة فى قطعة موسيقية أو صورة تظهر و تخفى بسرعة
كالوميض فى فيلم بحيث لا يدرك المتفرج أنه شاهدها.
و معظم شرائط الموسيقى الخاصة ببرمجة العقل الباطن تحتوى على كلمات
إيحائية مسجلة بصوت منخفض. و فى إعتقادى أن هذه الطريقة غير مؤثرة لأن
الصوت الذى يكون مستواه أضعف من مستوى سمع الأذن لا يمكن أن يؤثر فى
المستمع.
و فى بداية عهد برمجة العقل الباطن (أو اللاوعى) كانت كلمات البرمجة
تنطق بنفس مستوى صوت الموسيقى و لا يمكن للعقل الواعى أن يميزها و لكن
يمكن كشفها بواسطة أجهزة الكترونية.
و لكن للأسف مخترع هذه الطريقة فام بتسجيلها و قد حاولت أن أشترى منه حق إستعمالها و لكن المفاوضات معه باءت بالفشل.
و فيما بعد تمكنت من الحصول على نسخة من الإختراع المسجل و طلبت من
مجموعة من مهندسى الصوت الموهوبين فى هوليوود أن يبتدعوا طريقة أخرى توصل
لنفس النتيجة و قد قاموا بتحقيق طلبى و ابتدعوا طريقة لا يمكن كشفها حتى
بأحدث ألأجهزة الإلكترونية!
و قد توصلنا إلى هذه الطريقة بسرعة و سهولة جعلتنى أتساءل عن مدى
التقدم الذى أحرز فى هذا المجال من قبل مؤسسات الإعلانات و الحكومة التى
تكرس إمكانيات ضخمة من المال و الخبراء للبحوث و لتطوير هذه الطرق.
فمن المستحيل أن نكتشف الإيحاءات التى يمطرونا بها فى الإعلانات و
الأغانى أو حتى فى الخطب التى قد تحتوى على صوت مخفى وراء الكلمات
المسموعة.
و السؤال المهم هنا هو: هل برمجة العقل الباطن فعالة؟
و انا أؤكد
لكم أنها فعالة لدرجة كبيرة. و تأكيدى لم ينجم عن ردود أفعال الذين
إستعملوا شرائطى الصوتية فقط بل أيضا عن الإحصائيات التى أعدها الخبراء
الذين يضعوا هذه الإيحاءات وراء الموسيقى التى تسمعها فى المحلات الكبرى
(السوبر ماركت) و التى كانت الرسالة الأساسية فيها هى: لا تسرق – و قد
أفادت هذه الإحصائيات أن نسبة السرقات إنخفضت بمعدل 37 فى المائة فى خلال
الشهور التسعة الأولى من بدء هذه التجربة.
و فى العام الماضى (1984) ذكر مدير معمل “علم النفس الفيسيولوجى
المعرفى” (Laboratory for Cognitive psychophysiology) بجامعة إلينوى أن
نتائج أبحاث المعمل تؤكد فعالية برمجة اللاوعى عن طريق الشرائط المسموعة و
أنها صالحة للإستخدام ****لة لإنقاص الوزن و علاج الإدمان كما تستخدم
وسائل التنويم المغناطيسى و البرمجة العصبية اللغوية (Neuro-Linguistic
Programming)
سوء إستغلال الجماهير:
فى إمكانى أن أقص عليكم عدد كبير من الحالات التى تدعم فاعلية برمجة
العقل الباطن عن طريق الإيحاء الخفى و لكنى سأستغل الوقت المتاح لى اليوم
لأحذركم من طريقة اكثر غموضا و أدق من الإيحاء الخفى.
لقد تعرضت شخصيا لتجربة الجلوس فى قاعة فى لوس أنجليس إجتمع فيها أكثر
من عشرة آلاف شخص للإستماع لشخص يتمتع بقدر كبير من الكاريزما.
و بعد أن دخلت القاعة بحوالى 20 دقيقة أيقنت أننى سأكرر دخولى فى – و
خروجى من – حالة الوعى البديلة. و قد حدث نفس الشئ للأشخاص الذين كانوا فى
صحبتى و حيث أن هذا هو عملنا و تخصصنا فقد كنا على يقين تام بما يجرى
حولنا بعكس باقى الحاضرين الذين لم يشكوا فى الأمر.
و الظاهرة الوحيدة التى فتحت عينى إلى ما يجرى حولنا هى موجات الصوت
ذات الذبذبة بين 6 و 7 ذبذبات فى الثانية (المتوافقة مع موجات ألفا) و
الصادر من أجهزة تكييف الهواء. وهذا الصوت يزيد إلى حد كبير من إستعداد
الحاضرين لتقبل الإيحاء.
و تؤكد الإحصائيات أن 10 إلى 25 فى المائة من الجماهير لديهم المقدرة
على الوصول إلى حالة من الوعى البديل تجعلهم يتقبلوا إيحاءات المبرمج و
يأخذونها على أنها أوامر واجبة التنفيذ.
الفيبراتو Vibrato:
الفيبراتو هو الرجفة التى تسببها بعض الأصوات أو الآلات الموسيقية ذات
ذبذبة معينة تؤدى إلى إنتقال المستمع إلى حالة الوعى البديلة . و فى فترة
من فترات التاريخ الإنجليزى كان كل من يتمتع بهذه الخاصية من المغنيين
يمنع من الأداء أمام الجمهور لأنه كان ينقل المسمتمعين إلى حالة بديلة
تؤدى بهم إلى أحلام اليقظة و التى تكون غالبا جنسية الطبع.
و الذين حضروا حفلات الأوبرا و استمعوا ل”ماريو لانزا” يعرفون هذه الظاهرة و هم على علم بمدى تأثير هذا المغنى على الجماهير.
الموجات ذات التردد المنخفض جدا ELF) Extra low frequency)
دعونى ان أخوض فى هذه التوعية بمزيد من التعمق. الموجات ذات التردد
المنخفض جدا هى موجات كهرومغناطيسية غير مسموعة. و من أهم التطبيقات التى
تستخدم فيها هى الإتصال مع الغواصات. و قد قام أحد الباحثين المرموقين
بعمل تجربة بغرض تنبيه المسئولين الأمريكيين إلى إستخدام السوفييت لهذه
الموجات.
و تتلخص التجربة فى تجهيز مجموعة من المتطوعين بأجهزة رسام المخ EEG
ووضعهم داخل حجرة معدنية لا تسمح للموجات العادية باختراقها ثم قام بتعريض
الحجرة لموجات ال ELF. و هذه الموجات تستطيع أن تخترق الأرض و بالطبع
تستطيع أن تمر خلال الجدران المعدنية. ثم قام الباحث بمراقبة الأشخاص ووجد
أن 30% منهم قد تم “الإستيلاء عليهم” فى خلال 6 إلى 10 ثوانى.
و “الإستيلاء عليهم” تعنى أن تصرفاتهم تبعت ما كان متوقع منهم بالضبط!
فالموجات ذات التردد 6 ذبذبة فى الثانية أو أقل سببت إضطراب شديد فى الناحية العاطفية و الوظائف الجسدية.
و الموجات ذات التردد 8,2 (ثمانية و إثنين من عشرة) ذبذبة فى الثانية
سببت لهم شعور بالهدوء و السعادة و كأنهم أمضوا ساعات طويلة فى التأمل و
التفكر(Meditation)
و الموجات من 11 إلى 11,3 ذبذبة أدت إلى شعور بالإكتئاب الذى أدى بدوره إلى نوع من الإثارة و الرغبة فى إحداث الشغب.
ال Neurophone
الدكتور باتريك فلانجان صديق لى أدرجته مجلة “لايف” كواحد من أكبر
العلماء فى العالم فى أوائل الستينات و كان وقتها لا يزال فى سن
المراهقة. و من ضمن إختراعاته جهاز أطلق عليه إسم ال Neurophone و هو
عبارة عن جهاز إلكترونى يستعمل لبرمجة العقل بالإيحاءات عن طريق الجلد
مباشرة. و عندما حاول تسجيل إختراعه طلبت منه الحكومة الأمريكية أن يثبت
فاعلية الجهاز و لما أثبتها قامت وكالة الأمن القومى بمصادرته. و تمكن
باتريك من إستعادة إختراعه بعد سنتين من المعارك القضائبة.
و هذا الجهاز لا يعتمد على صوت أم صورة فهو يوضع على الجلد. و يقول
باتريك أن جلد الإنسان يتمتع بحواس خاصة و به أجهزة إستقبال تشعر
بالحرارة و اللمس و الألم و و الذبذبات و المجالات الكهربية أكثر من أى
عضو آخر من أعضاء الجسم البشرى.
و فى أحد التجارب قام باتريك بتقديم ندوتين مماثلتين لمجموعتين من
العسكريين فى ليلتين متتاليتين و ذلك لأن القاعة لم تتسع للجميع فى ندوة
واحدة.
المجموعة التى حضرت الندوة الأولى قابلته ببرود و لم تتجاوب معه مما
دعا باتريك لتحضير شريط صوتى خاص للمجموعة الثانية حثهم فيه على أن
يستقبلوه بحرارة و أن يكونوا أكثر تجاوبا معه و ان يشعروا بنوع من
ال”تنميل” فى أيديهم. و تم إذاعة الشريط عن طريق ال Neurophone الذى وصله
بأسلاك كهربائية علقها فى سقف الحجرة. و لم يكن هناك مكبرات صوتية فلم
تكن هناك أى أصوات مسموعة إلا أن الرسالة وصلت بنجاح للمستمعين عن طريق
الأسلاك الكهربائية فاستقبلوه بحرارة و شعرت أيديهم بالتنميل و استجابوا
لتعليمات الندوة بطرق أخرى لا أستطيع ذكرها هنا.
ملحوظة: قمت بعمل بحث عن هذا الجهاز و هو موجود فعلا فى السوق و يباع بأسعار تتراوح بين 450 و 550 دولار أمريكى.
وسائل الإعلام و أسر الجماهير
كلما زادت معرفتنا بكيفية عمل الجنس البشرى عن طريق التكنولوجيا الحديثة زاد علمنا بطرق السيطرة عليه و التحكم فيه.
و أكثر ما يقلقنى الآن هو أن أسر الجماهير عن طريق وسائل الإعلام أصبح
الآن حقيقة واقعة. فجهاز التليفزيون الموجود فى حجرة المعيشة أو حجرة
النوم يؤدى وظيفة تتجاوز مجرد الترفيه أو التسلية.
قبل أن أسترسل فى الحديث دعونى أن ألفت نظركم إلى أنك إذا إنتقلت إلى
حالة وعى بديلة فأنت تنقل عملية التفكير إلى النصف الأيمن من المخ و هذا
يؤدى إلى إفراز الجسم لمواد مخدرة مثل ال Enkephalins و ال
Beta-endorphins و هى تشبه لحد كبير نباتات الحشيش و الأفيون. بمعنى آخر
فهى تؤدى إلى الشعور بنوع من السعادة.
و قد أثبتت البحوث أن نشاط النصف الأيمن من المخ يفوق نشاط النصف
الأيسر بمعدل الضعف أثناء مشاهدة التليفزيون. أو بمعنى آخر فإن الشخص
يكون فى حالة تخدير أكثر مما يكون فى حالة وعى كاملة أى أنه كان يحصل على
حصته من ال Beta-endorphins.
و فى بحث بأحد مستشفيات ولاية ماساشوستس قام الباحث بتوصيل أجهزة رسام
المخ EEG ببعض المشاهدين صغار السن و فى نفس الوقت و صلها بجهاز
التليفزيون بحيث تقوم بإطفاء التليفزيون إذا ارتفعت نسبة موجات ألفا
الصادرة من المخ عن مستوى معين. و النتيجة هى أن عدد قليل جدا من
المشاهدين تمكنوا من إبقاء التليفزيون شغال لأكثر من 30 ثانية. و زيادة
حالة “التخدير” التى وقع فيها المشاهد تتم بوضع إطار (صورة واحدة) لونه
أسود بعد كل 32 إطار فى الفيلم الذى يعرض. و يؤدى ذلك إلى إرسال 45 نبضة
كل دقيقة ليستقبلها العقل الباطن و تزيد من حالة التخدير.
و هذا يجعل العقل أكثر تقبلا للإعلانات ألتى تأتى بعد ذلك. و هناك نسبة
مرتفعة من المشاهدين على استعداد لتقبل أى إيحاءات على أنها أوامر إن لم
يكن فيها ما يخل بمبادئهم أو معتقداتهم الدينية أو سلامتهم الشخصية.
فأسر الجماهير عن طريق وسائل الإعلام أصبح الآن حقيقة واقعة. فببلوغ
الطفل سن ال 16 سنة يكون قد شاهد ما بين 10000 ال 15000 ساعة من برامج
التليفزيون حيث أن متوسط ساعات المشاهدة فى البيت الأمريكى هو 6 ساعات و 44
دقيقة و هذا المتوسط فى إرتفاع مستمر (فهو الآن 3 أضعاف المتوسط فى
السبعينات).
لقد كشفت فى هذه الندوة عن قمة “جبل الجليد” فقط فإذا جمعت بين
الإيحاءات الخفية المدسوسة فى الموسيقى و المسموعات عموما و الأفلام
المرئية فيمكنك أن تدرك مدى فعالية هذه المؤثرات فى غسيل المخ و إن كنت
تعتقد أن هناك قوانين ضد إستعمال هذه الطرق فأنت مخطئ لأن هناك أشخاص
أقوياء فى مواقع السلطة يفضلون أن تبقى الأشياء على ما هى الآن