قال
الأسْعَرُ الجُعْفيُّ
أبُلِغْ أبَا حُمْرانَ أَنَّ عَشِيرَتي ناجَوْا ولِلقَومِ المُناجينَ التِوا
باعُوا جَوَادَهُمُ لِتَسْمَنَ أُمُّهُمْ ولِكي يَعُودَ عَلىْ فِرَاشِهِمُ فَتَى
عِلْجٌ إذا مَا بَزَّ عَنهَا ثَوبَها وتَخامَصَتْ قالَتْ لَهُ مَاذَا تَرَى
لكِنْ قَعِيدَةُ بَيتِنَا مَجْفُوَّةٌ بادٍ جَناجِنُ صَدْرِها وَلَهَا غُنَى
تُقفي بِغَيْبةِ أَهْلِها وَثّابَةً أوْ جُرْشُعاً عَبْلَ المَحَازِمِ والشَوَى
ولقَدْ عَلِمْتُ عَلَى تَجَشُّمي الرَدَى أنَّ الحُصُونَ الخَيْلُ لا مَدَرُ القُرَى
رَاحُوا بَصَائِرُهُمْ عَلى أكْتَافِهِمْ وبَصِيرَتي يَغْدُو بِهَا عَتَدٌ وَأَي
نَهْدُ المَرَاكِلِ مُدْمَجٌ أرْساغُهُ عَبْلُ المَعَاقِمِ ما يُبالي ما أَتى
أَمَا إِذَا اسْتَقبَلتَهُ فَكَأَنَّهُ بازٌ يُكَفْكَفُ أَنْ يَطِيرَ وقدْ رَأَى
وإِذِا هُوَ اسْتَدْبَرْتَهُ فَتَسُوقُهُ رِجْلٌ قَمُوصُ الوَقْعِ عارِيَةُ النَسَا
وإذِا هُوَ اسْتَعْرَضْتُهُ مُتَمَطِراً فَتَقُولُ هَذَا مِثْلُ سِرْحانِ الغَضَا
إنّي رَأيْتُ الخَيْلَ عزَّاً ظاهراً تُنجي مِنَ الغُمَّى ويَكشِفْنَ الدُجَى
ويَبِتنَ بالثَغرِ المَخُوفِ طَلائِعاً ويبِتْنَ لِلصُعْلُوكِ جَمَّةَ ذِي الغِنى
وإِذَا رَأيتَ مُحارِباً ومُسَالِماً فلْيَبْغِنِي عِنْدَ المُحاربِ مَنْ بَغَى
وخَصاصَةُ الجُعفيِّ ما صاحَبْتَهُ لا تَنْقَضي أَبَداً وإِنْ قِيلَ انقَضَى
مَسَحُوا لِحَاهُمْ ثُمَّ قَالوا سالِمُوا يَا ليتَني في القوْمِ إذْ مَسَحُوا اللِحَى
وكَتيبَةٍ وَجَّهتُها لِكَتيبَةٍ حتَّى تقولَ سرَاتُهُمْ هذا الفتَى
لا يَشْتَكُونَ غيرَ تَغَمْغُمٍ حَكَّ الجِمالِ جُنُوبَهُنَّ مِنْ الشَدَات
يَخرُجْنَ من خَلَلِ الغُبارِ عَوابِساً كأَصَابعِ المَقرُورِ أَقْعَا فاصْطلى
يَتَخالسُون نُفُوسَهُمْ بِرِمَاحِهِمْ فَكَأنَّمَا عَضَّ الكُماةُ عَلى الحَصَا
يَا رُبَّ عَرْجَلَةٍ أَصَابُوا خَلَّةً دَأَبُوا وَحارَدَ لَيْلُهُمْ حتَّى بَكَى
بَاتَتْ شَآمِيَةُ الرِياحِ تَلُفُّهُمْ حتَّى أَتَوْنَا بَعدَ ما سقطَ النَدَى
فَنَهَضْتُ في البَرْكِ الهُجُودِ وفي يَدي لَدْنُ المَهَزَّةِ ذُو كُعُوبٍ كَالنَوَى
أحْذَيْتُ رُمْحى عائِطاً مَمكُورَةً كَوَماءَ أَطرافُ العِضا لَها خَلا
باتَتْ كِلابُ الحيّ تنبحُ بينَنَا يَأكُلنَ دَعلَجَةً ويَشبَعُ مَنْ عَفَا
ومِنَ اللَيَالي لَيلَةٌ مَزءودَةٌ غَبراءُ ليسَ لِمَنْ تَجسَّمَها هُدَى
كلَّفتُ نَفسِي حَدَّها وَمِراسَها وَعَلِمْتُ أنَّ القومَ ليسَ لهُمْ غَنَى
وَمُرَأَّسٍ أقصدْتُ وَسْطَ جمُوعِهِ وعِشارِ رَاعٍ قَد أخذْتُ فَمَا تُرى
ظلَّتْ سَنابِكُها على جُثمانِهِ يلعَبْنَ دُحْرُوجَ الوَليدِ وقَدْ قَضَى
قال
عدِي بن رعّلاء الغَسّاني
رُبَّما ضَربَةٍ بسيفٍ صَقِيلٍ دُونَ بُصرَى وَطَعْنَةٍ نَجلاءِ
وغَمُوسِ تَضِلُّ فيها يَدُ الآ سِى ويَعيَي طبِيبُها بالدَواءِ
رفعُوا رايةَ الضِرابِ وآلوا ليَذُودُنّ سامِرَ المَلحاءِ
فَصَبَرْنَا النُفُوسَ للطَعنِ حتَّى جرَتِ الخيلُ بينَنا في الدماءِ
لَيْسَ مَنْ ماتَ فاستراحَ بِمَيْتٍ إنَّمَا المَيْتُ مَيِّتُ الأحياءِ
إنَّما المَيْتُ مَنْ يعيشُ ذليلاً سِيئًّا بالُهُ قليلَ الرجاءِ
قال
رَجُلٌ من غَنِيٍ
إنَّ العواذِلَ قد أتعبنَني نَصَبَا وَخِلتُهُنَّ ضعيفاتِ القُوى كُذُبَا
ألغادِياتِ عَلى لَوِم الفَتَى سَفَهاً فِيمَا استفادَ ولا يَرْجِعْنَ ما ذهَبَا
يا أيُّها الراكبُ المُزْجِى مَطيَّتهُ لا نِعمَةً تَبتَغي عندي وَلا نَسَبا
أعْص العَواذِلَ وَارمِ الليلَ عنْ عُرُضٍ بذي سَبيبٍ يُقَاسي لَيلَهُ خَبَبا
نَاتي المَعَدَّينِ خاظٍ لحْمُهُ زِيمٌ سامٍ يَجُرُّ جِيادَ الخيلِ مُنجَذِبا
مِلْءِ الحِزامِ إذا مَا اشتدَّ مِحْزَمُهُ ذِي كاهِلٍ ولَبَانٍ يَمْلأ اللَّبَبَا
يَظَلُّ يَخْلِجُ طَرْفَ العَينِ مُشتَرِفاً فَوقَ الأكامِ إذا مَا انتصَّ وارتَقَبَا
كَالسَمْعِ لَمْ يَنْقُبِ البَيْطارُ سُرَّتَهُ وَلمْ يَدِجْهُ ولمْ يَضرِبْ لَهُ عَصَبا
عارِي النَواهِقِ لا يَنْفَكُّ مُقْتَعَداً في المُطنِباتِ كَأسرَابِ القطَا عُصُبا
تَرَى العَنَاجِيجَ تُمرَى بعدَ مالَغِبَتْ بالقِدِّ مَرْيَا ومَا يُمرَى ومَا لَغِبا
يُدنِي الفَتَى لِلغِنَى في الراغِبِينَ إذَا لَيْلُ الِتمامِ أهَمَّ المُقْتِرِ العَزَبا
حتَّى يُصادِفَ مالاً أو يُقالَ فتىً لاقى اللّتي تَشعبُ الفِتيانَ فانشَعَبَا
إنَّ ابتِياعَكَ مَوْلَى السَوْءِ تسألُهُ مِثلُ القُعُودِ ولَمَّا تَتَّخِذْ نَسبَا
إذَا افتَقَرْتَ نَأي واشتدَّ جَانِبُهُ وإنْ رَآكَ غَنيَّاً لانَ واقتَرَبا
وذُو القَرابَةِ عِندَ اللَيلِ تَطلُبُهُ هُوَ البَعيدُ إذَا ما جِئْتَ مُطَّلِبا
لا يَحملنَّكَ إقتارٌ على زُهُدٍ ولا تَزَلْ في عَطاءِ الله مُرتَغِبا
لا بَلْ سَلِ الله ما ضَنُّوا عَلَيْكَ بهِ ولا يَمُنُّ عَليكَ المَرءُ ما وَهَبا
ألا تَرى إنَّمَا الدُنيَا مُعلَّلةٌ أصحابُها ثم تَسري عنْهُمُ سَلبَا
بَيْنَا الفتَى في نَعيمٍ يطمئِنُّ بهِ ردَّ البَئِيسَ عليهِ الدَهرُ فانقلَبا
أو في بَئيسٍ يقاسيهِ وفي نَصَبٍ أَمسَى وقدْ زايلَ البأساءَ والنصَبا
ومن يُسوِّي قصيراً باعُهُ حَصِراً ضيقَ الخليقَةِ عَثّاراً إذَا ركِبا
بِذِي مَخارِجَ وضّاحٍ إذَا نُدِبُوا في الناسِ يَوماً إلى المَخشِيَّةِ انتَدَبا
لا تكُ صَبّاً إذَا استَغْنى أضَرَّ ولمْ يحفِلْ قرابَةَ ذي قُربَى ولا نَسَبا
الله يُخلِفُ ما أنفقتَ مُحتَسِبَاً إذا شَكرتَ ويؤتِيكَ الَّذي كَتَبا
مِثلي يَرُدُّ على العادي عدَاوَتَهُ ويُعْتبُ المرءَ ذَا القُربَى إذا عَتَبا
تَحمِي عليّ أُنُوفٌ أنْ أَذِلَّ وَلا يَحمي مُنَاوِئُهَا أنفاً ولا ذَنَبا
أَنَا ابنُ أعصُرَ يسمو للعُلى وتري فيمنْ أُقاذِفُ عن أعراضِهِمْ نَكِبا
إذَا قُتيبَةُ مدَّتني حَوالِبُها بالدُهْمِ تَسمَعُ في حافاتِها لَجَبا
مَدّّ الخليجِ تَرَى في مَدَّه تأقَاً وفي الغَواربِ مِنْ آذِيِّهِ حَدَبا
لايمنعُ الناسُ منّي ما أرَدْتُ ولا أُعطِيهُمُ ما أرادوا حَسْنَ ذَا ادَبا
لا يَخفضُ الحربُ للدُّنيا إذا استعرَتْ ولا تَبوخُ إذا كُنَّا لَهَا شُهُبا
حتَّى نَشُدَّ الأسَارَى بعدَ مَافزَعُوا مِنْ بَيْنِ مُتّكئ قَدْ فاظَ أوكَرَبا
سَائِلْ بناحيَّ عَليَاءٍ فقدْ شرِبُوا مِنَّا بِكأسٍ يستَمرِثوا الشُرُبا
إنَّا نَحُسُّهُم بالمَشرَفيّ وهُمْ كالهِيمِ تَغشي بايْدي الذادةِ الخَشَبا
**************************************************