التغيير من الداخل
التغيير سنة كونية تخضع له كل المخلوقات برمتها ، والإنسان تحدث له تغييرات كثيرة ، جسدية ونفسية وفكرية ، وفي مجال التطوير الذاتي دائماً ما نوجه الفكر لإحداث التغيير من الداخل كقوة ذاتية يمتلكها الإنسان ، وقد قال المولى عز وجل في كتابه الحكيم : (إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ) ، والتغيير من الداخل هو جوهر التغيير في البشر وهو العامل الأساسي لمعظم المتغيرات في حياته ، بعيداً عن الحجج والشماعات التي تستهوي بعض الناس ممن يسقطون عجزهم وفشلهم وعدم تقدمهم وعدم نجاحهم إلى الآخرين وإلى الظروف والأوضاع التي ألمت بهم ، ولا يدرك حقيقة التغيير الداخلي وأثره إلا من خاض التجربة وسعى بصدق وجد ولمس النتائج ، وطالما أن التغيير يحدث من داخل الإنسان ، فالأولى أن يعتمد على نفسه في ذلك والمضي قدماً في تجسيده وجعله حقيقياً وقوياً يراه الجميع ويشهد به كل من حوله ، والحياة مليئة بالكثير من الناجحين ممن حققوا ذواتهم عندما ركزوا عليها.
جاءني سؤال عبر (فيسبوك) يقول : (الإشكالية التي نُصادفها عندما ننوي التغيير هي عدم المداومة عليه ، فكيف لنا أن نستمر ؟ والجواب عن هذا السؤال يأتي من خلال الإجابة عن الأسئلة الآتية :
هل لنية التغيير هدف وغاية ؟
هل تمت النية وفقاً لموقف عارض أم أنها جاءت بعد تأمل في الحالالذيأنت عليه والوضع الذي تعيشه وتعيش تبعاته عليك ؟
هل أنت فعلاً محتاج للتغير أم أنها فكرة استهوتك كأن تكون موضة ؟
هل حسبت حساب التغيير بشكل صحيح ، وخططت له بوعي ؟
هل تجد متعة في الخطوات الأولى التي أخذتها نحو التغيير ؟
هل التغيير الذي أنت في صدده أو قمت بتنفيذه له صلة بشخص ما أم لا ؟
إن هذه الأسئلة تكشف لنا حقيقة مولدات التغيير وعمقه في النفس البشرية وتمكننا من تحليل سلوك الناس وتصرفاتهم تجاهه.
دار حديثٌ بيني وأحد الأصدقاء عن موضوع ما ، فقلت له أثناء الحديث : هل تود إنقاص وزنك ؟
فقال لي (لقد بدأت في ذلك منذ زمن) ، فسألته : (وما الذي اتبعته في ذلك ؟)
فأخذ يشرح لي المسار الذي اتخذه في ذلك لهذا الهدف ولأمور أخرى ، فقد كان (التغيير) هو المحور الأساسي ، حيث قال : لقد غيرت نوعية الأكل ، وغيرت كل شيء في حياتي ، بما في ذلك أسلوب حياتي ومنهاجها وأسلوب تعاملي مع الناس ، حيث كنت متساهلاً جداً وكنت دائماً لا أعارض أحداً ولا أرفض لأحد طلباً ، وكنت دائماً أقول للآخرين : نعم .. حاضر .. إن شاء الله ، أما الآن فقد بلغ بي التغيير درجة أن أقول لبعضهم (لا) فقط لمجرد أن أتعود على قولها.
وكذلك غيرت بيئة عملي ومجال وظيفتي ، ومن وقت لآخر أغير طريقة وضع مكتبي وشكله ، كما غيرت نوعية الأصدقاء الذين أجلس معهم وكذلك الخياط الذي يفصل لي ملابسي وطريقة حلاقة لحيتي ، وبلغ بي التغيير أن غيرت نوعية العدسات التي استخدمها ، وأنا الآن أشعر بالسعادة.
عزيزي القارئ هكذا وجد هذا الصديق أن عليه تغيير أشياء كثيرة في حياته للوصول للسعادة ، فماذا عنك أنت ؟ هل لا تزال تفكر في هذا الموضوع ؟ إن كنت كذلك فلا تنس أن تخطط لحياتك بشكل أفضل.
م ن
**************************************************