"مجموعة أهم الأحداث"* : ربما الكثير من الناس في العالم العربي لا يعني لهم شيئا اسم " محمد نجيب يوسف قطب القشلان ". ربما حتى في مصر والسودان نفسيهما ، رغم أنه كان أول رئيس جمهورية مصر العربية المولود في السودان من أب مصري و أم سودانية وحامل أعلى رتبة عسكرية وقائد مجلس الثورة الذي قضى على الملكية ونفي آخر ملوكها.
صحيح أنه لم يستمر في دفة الحكم إلا القليل من الوقت ليتم عزله من الرفاق ووضعه رهن الإقامة الجبرية بعيدا عن الأضواء لمدة 30 سنة ، محرم عليه حتى الخروج أو مقابلة أشخاص خارج أسرته .
قد يتساءل المرء أي ذنب ارتكبه محمد نجيب ليلقى هذا المصير المجحف لمدة ثلاثة عقود كاملة حتى وفته المنية مهجورا منسيا مشطوبا من ذاكرة الناس حتى أنهم فوجئوا بإعلان عن وفاته في 28 أوت أغسطس عام 1984.
رغم أنه كان أول حاكم جمهورياً وصاحب إعلان المبادئ الثورة المعروفة ودوره البطولي في حرب فلسطين وشخصيته المحببة بين أفراد القوات المسلحة وعامة الناس.
هذه الصفات منعته من الارتقاء إلى مناصب عليا في عهد الملكية رغم أنه كان مرشحا ليكون وزيرا للحربية، تخوفا من هذه الشعبية . ربما كانت هذه الصفات الحميدة أيضا سبب في ماساته بعد أن تم اختياره ليكون رأس الحربة للثورة المصرية لتخلص من النظام الملكي وإعطاء لهذه الثورة مصداقية أمام الرأي العام ثم تم التخلص منه بعد عبور تلك الثورة إلى شاطئ النجاح وتحوله من قائد ثورة يوليو إلى ضحية الثورة نفسها.
ومن صدف الأمور إن إقالته تمت بطريقة محزنة لم يتلقاها الملك المنفي نفسه ، الذي أطلقت على شرفه 21 طلقة مدفعية أما اللواء محمد نجيب قائد الثورة فلم تؤدي له حتى التحية العسكرية وهو يودع مكتبه إلى منفاه في فيلا زينب الوكيل.حتى هذا المنفى كان مجبر على تركه بعد الحكم القضائي الذي حصل عليه ورثة هذا العقار.
رغم القسم عبد الحكيم عامر له ، نيابة عن قيادة الثورة ، بان إقامته في هذه المنفى لن تزيد عن بضعة أيام ليعود بعدها إلي بيته, لكنه بقى فيه حتى رحيله إلى الرفيق الأعلى . تجاهل هذا الرجل استمر حتى بعد عفو الرئيس السادات عنه عقب حرب أكتوبر 1973.
زعيم بهذا الحجم ينهي أيامه في غرفة مهجورة مهملة يملك فيها سرير ومجموعة من الكلاب الوحيدة التي بقت وفية له ، تؤنس وحدته بعد أن هاجره الكل . ولم يسمح له حتى حضور جنازة أحد أبنائه المتوفين .
لكن اللواء محمد نجيب ، الذي كان نسيا منسيا طوال ربع القرن زائد خمسة سنين استفاد من جنازة رسمية وحمل جثمانه على عربة مدفع إلى مثواه الأخير ، جنازة ذكرت الناس بأن كان لمصر أول رئيس جمهورية و كان رأس حربة في إطاحة بالنظام الملكي جنازة طويت صفحة رجل قاد أهم حدث عرفه العصر الحديث .
لقد رحل الرجل في هدوء يوم 28 من شهر أغسطس / أوت عام 1984 عن عمر يناهز 82 عاما تاركا مذكراته لتتذكره الأجيال بعد تم محو اسمه وسيرته من كتب التاريخ و الكتب المدرسية .
وجري التنكيل بهذا الرجل إلى درجة أن أحد الحراس تجرأ و ضربه علي صدره وفي نفس مكان الإصابة التي تعرض لها في حرب فلسطين عام 1948 ، حادثة دونها اللواء محمد نجيب في مذكراته...
**************************************************