من أنت ؟؟!!
قد يفاجئك البعض بسؤال: من هو صديقك ؟
وبعفوية مفرطة وتلقائية حميمة تكون إجابتك سريعة للتعرف عن ذاك الصديق ؟ واحرى بك أن تتريث قبل الإجابة لتفكر فقبل أن تمنح مفاتيح الثقة لأي كان ( ففي التأني السلامة وفي العجلة الندامة ) فأغلبية البشر أصبحوا يجيدون الظهور على المسرح وإتقان فن التمثيل من دراما وتراجيديا حتى الحب بات من الأدوار المهمة والمتقنة وأيما إتقان يأسر القلوب ويعمي البصيرة فان كنت ممن قلبه يتولى زمام امره فانك مهزوم لا محالة لأنه يلمس أوتار القلب منك لتنظر إليه من منظارك لذاتك البريئة العفيفة و( كل يرى الناس بعين طبعه ) ربما يحتم عليك التنازل عن شكوك والاستعاضة عنها بحسن الظن ، فلقد أتقنوا عليك فن المجاملة المصطبغة بالمحبة الخالصة والكرم والبذل والعطاء ، وذاك الأسلوب المنمق في التعامل والكلمة التي تأسرك من دون قيود فإن (أنت أكرمت الكريم ملكته ) – من هنا يكون لك الصديق الامثل إلى أن يأتي ، حين تنجلي فيه الأمور وتظهر الحقيقة المؤلمة بعد سقوط الاقنعه المزيفة ، وما كانت تهدف اليه من اغراض ومصالح شخصيه تجعل كل ما امامك ينهار في لحظة لم تكن تتوقعها وبعد فوات الاوان ، ومن يأتي اللوم على نفسك لثقتك المفرطة والتي اعطيت لاولئك المتجردين من الانسانية ، بالتمادي في الاستغلال بياض فؤادك وكرمك للوصول الى اهدافهم ؟
فنحن وفي معظم الاحيان نستهين بمعنى الصداقة ، ونرضى بقبول أي انسان كائن ما يكون بالتقرب الينا وادخاله في دائرة معارفنا ، وان رأينا منه عيبا وسلوكا منحرفا ، نقول : كلنا عيوب وذاك شأنه ما دام لا يظهر لنا الا الخير ، في حين ان نظرة الآخرين نحونا تختلف عما نضمره نحن من خير وموده والفة لكل من هم حولنا اذا تكثر التساؤلات ونحن ياغافل لك الله نسيح في هذه الارض ولا ندري في أي تيار جرفنا ، والي أي مصير سرنا وبارادتنا اتحنا الفرصة لالئك المتحذلقين والمتملقين والوصوليين المخادعين لتحقيق اطماعهم وطموحاتهم من خلال تساهلنا وثقتنا وايماننا بهم كأصدقاء .
ترى : هل صديقك حقا ، ذاك الذي افصحت عنه منذ الوهلة الاولى ؟
هل هو الصاحب في السفر ؟ هل هو صديق وقت الضيق ، ام تراه الودود في وقت النكبات والمحن والرقيق في الرخا ء والشدة ، الذي لاغنى لك عنه ولا مفر لك من استشارته ؟
ان الصداقه شئ مهم في حياتنا لما لها من عظيم الشأن ، والأثر في استدراك الامور وتفاديها او الاستمرار فيها ، انها المحبة الخالصة التي قد صبغت بصبغة روحية للتآلف بين القلوب فتجمعها على المودة والرحمة والكلمة الطيبة ، فعند حلول الشدائد تتآزر الافئدة لتصبح قوة لا تقصفها الرياح ، اما في لحظات الفرحه يجتمع شملها على المحبة والغبطة والسرور ، فالصديق هو من صدقك وليس من صادقك ، من آثرك ، وتأثرت بك ، رحمك واطمأن لوجودك الى جانبه ان كل واحد منا يتوق الى مصاحبة من يتصف بمكارم الاخلاق ويتقرب ممن هم اهل لها ليشار اليه بالبنان ( هو ذا صديقي ) الصادق الصدوق الخير الأمين ، لذا لابد من ان نختار من يعبر معنا عن هذا المعنى الاخلاقي الكبير (صديق) .
فالصادق لا يصاحب كذابا والشخص المتواضع لا يصاحب مغرورا ، فالمغرور ان رأى منك حسنة نسبها اليه وان بدت منه الاساءة نسبها اليك ، فالانسان الملخص لا يصاحب مخادعا او منافقا والعكس تماما ، وان حدث ذلك تكن صحبة مؤقته لا تلبث ان تقتلعها الرياح العاتيه ، حتى وان كان هواء باردا طيارا ، لانها صداقه واهية أحد طرفيها هشا ليس له قاعدة او اساس تتكئ عليه ولا تدوم طويلا .
فالصداقه لها معنى كبير لا يستهان به ، وما احوجنا اليها ، فكما نحتاج للماء والهواء ن نحتاج حتما الى الصداقه الحقه ، وهذا ما يعطينا الحق للتريث والتأني والتردد في اختيار الصديق الصدوق ، والافصاح عنه من البدء اذ يجب علينا التأكد من ماهية تلك النفس الملتصقه بنا على الدوام ، فليس ضروريا ان يكون كل من عرفناه وتحدثنا اليه وصحبناه يستحق كلمه صديق ، فالاعلان عنه لمن حولك ينبئهم بمن تكون ، اذ تتراءى لهم كثير من الصور والمعاني ، التي سرعان ما تتركز في اذهانهم بما يعرفونه عن ذاك الشخص وينتهي بهم الامر الى انك انت ذاك الصديق ، فالمتعارف عليه ما ندركه نحن من خلال تجارب الحياة ، ان العلاقات لا تقوم الا على النماذج المتشابهه ، فكل يلوذ الى وليفه ، والنفس مائلة الى اشكالها والطيور واقعه على امثالها .
فلا تصاحب الشرير فان طبعك يسرق من طبعه خلسه وانت لا تعلم .
فقل لي : من صديقك اقول لك .. من انت ؟
رأي حكيم: ويبقى الصالح من الرجال صالحا حتى يصاحب فاسدا فإذا صاحبه فسد، مثل ماء الأنهار تكون عذبة حتى تخالط ماء البحر، فإذا خالطته ملحت وأفسدها.
**************************************************