منتديات العرب
أهلا بكم في منتديات العرب , نرحب بأعضائنا الأحبة و كذلك الزوار الكرام اللذين نرجوا منهم التسجيل لدينا
منتديات العرب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات العرب

عام لكل العلوم والمعرفة المتعلقة بالمجتمع
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الوركاء أوديسة العراق القديم قساوة التراب وخصوبة الأنثى

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
فيصل الكناني
عضومتقدم
فيصل الكناني


علم الدولة : الوركاء أوديسة العراق القديم قساوة التراب وخصوبة الأنثى 123
رقم العضوية : 21
الجنس : ذكر
تاريخ التسجيل : 20/09/2008
الحمل
الفأر
عدد المساهمات : 12754
نقاط : 24490
تاريخ الميلاد : 07/04/1960
العمر : 64
الموقع : العراق
العمل/الترفيه : سأل الممكن المستحيل : أين تقيم ؟ فأجابه في أحلام العاجز
الجنسية : عراقية
المزاج : من يحب الشجرة يحب أغصانها
الاوسمة : الوركاء أوديسة العراق القديم قساوة التراب وخصوبة الأنثى Images?q=tbn:ANd9GcThSl-_Rum7XuoKxSOAArejMDJAccaRSjGpDMi0OqnxY-DteGVn

الوركاء أوديسة العراق القديم قساوة التراب وخصوبة الأنثى Images?q=tbn:ANd9GcTIKATErlQKHQqIIqh18OzqOgHKzo1O_Osqosqg4sD2nxLs1fPm

الوركاء أوديسة العراق القديم قساوة التراب وخصوبة الأنثى Empty
مُساهمةموضوع: الوركاء أوديسة العراق القديم قساوة التراب وخصوبة الأنثى   الوركاء أوديسة العراق القديم قساوة التراب وخصوبة الأنثى Emptyالجمعة 28 يونيو - 18:00

الوركاء أوديسة العراق القديم قساوة التراب وخصوبة الأنثى

الوركاء أوديسة العراق القديم قساوة التراب وخصوبة الأنثى Http___www.azzaman14

قد يحدث وأنا في نشوة هذا الانزياح التأريخي أن يداهمني سوآل من هم سكنى الوركاء .؟ وللإجابة عليه اصهر المعلومة في بوتقة المخيلة ، ثم أسكبها في قالب المرأى ، فأقول الزمن نهر منبعه الأزل ومصبه الأبد ، وما بين المنبع والمصب ، تسعى قوافل حقب التأريخ .. الوركاء هي الأرض البتول ، التي تعاقبت عليها عصور سادت فيها الحضارات ثم بادت ، شجرة السومريين هي أول شجرة استسقت الفرات ، ثبت أصلها بتربة الوركاء ، وناش فرعها مَحَفاتْ الآلهة ، ثم خلف من بعدهم » الأكاديون » البابليون » الكيشيون » الذين وشموا جسد الوركاء بالمعابد والقصور ، وخلعوا عليها ثياب حضاراتهم الزاهية ، قبل أن تُحْكَمَ من قبل » الأشوريين » الكلدانيين » الأخمنيين » أو تستظل بفىء البنايات الضخمة التي أنشأها » الأغريق » السلوقيون » الفرثيون » والتي ما تزال أطلالها تغط بنوم عميق تحت كساء التلال .. وأفاد المنقبون الذين ميزوا سبعة أدوار تأريخية رئيسية ، قسموها الى طبقات ثانوية بلغ مجموعها 12 طبقة بأن أعلى طبقات المدينة هي التي تنتشر فيها الأبنية الفرثية والساسانية ، وأعمق تلك الطبقات التأريخية تعود الى العصر الأكدي . ثم ميزوا 18 طبقة أخرى تعود الى ما قبل التاريخ ، تكمن تحت تلك الطبقات الأثنتي عشرة ، أعلاها طبقة عصر فجر السلالات ، أو ما يسمى بعصر لجش . وفي أخرها وهي الطبقة الثامنة عشر ، انقطعت آثار السكنى ، وبانت الأرض الغرينية ، لقد خلع عصر العبيد على المدينة ثياب الحضارة ، فتجلت منذ منتصف الألف الرابع قبل الميلاد وهي ترفل بتلك الثياب ، وخرجت بزينتها في عصر أوروك ، فتقدم فن العمارة ، وشيدت المعابد المكسوة بالجص الأبيض ، أو المزدانة بالفسيفساء المؤلفة من مسامير الفخار المصبوغة بالألوان الزاهية ، كما تحسنت » الصناعات » التعدين » الصياغة » فنقشت الألواح » المسلات » الأختام » الآنية البارزة النقوش والمطعمة بالصدف .. إن الوركاء حين تسفر للعاشقين ، ستخشع أبصارهم لمرأى أجل مدينة عراقية ضاربة في القدم ، فَمَنْ مِنْ المدن السومرية تضاهي أول عاشقة لنهر الفرات ، وهي المدينة التي وضع أُسسها الحكماء السبعة ، ثم زفوها إلى الحضارة البشرية .. أولئك الحكماء الذين تعلمت منهم الأمم المتعاقبة أصول العمران في أقدم سبع مدن عراقية ، وهم الذين يضاهون الملوك السبعة الذين حكموا قبل الطوفان .. وتذكر الألواح أن الوركاء مدينة ذات أهمية ، فهي من المدن العراقية الضاربة في القدم .. حيث ولدت في الألف الخامس قبل الميلاد ، وترعرعت في فجر عهد السكنى في جنوب بلاد ما بين النهرين ، وظلت تفرش حضنها ، وتفتح ذراعيها لمن أراد السكنى حتى صدر الإسلام ، وهي المُبَشَرُ بها منذ الألف الرابع قبل الميلاد كمهبط للآلهة ، ومركز مهم من المراكز الدينية ، لتلبس تاج هيبتها في العهد الشبيه بالكتابي ، أو الشبيه بالتأريخي .. ويُرْجِعْ الدكتور فرج بصمجي ابتداء التاريخ في الوركاء ، وغيرها من المدن السومرية التي نشأت في جنوب بلاد الرافدين إلى نحو ثلاثة آلاف سنة قبل الميلاد ، وهو تأريخ بداية تأليف الملاحم التي دونت » الحوادث التاريخية » الحروب » البطولات » الخوارق » سير الملوك » الأعمال العمرانية » .. يحتم علينا التعرف على أسماء السلالات التي نشأت في عصور ما قبل وبعد الطوفان ، وأسماء ملوك كل سلالة ، وفترة حكم كل ملك ، أن نتحرى جداول إثبات الملوك السومريين المعروفة باللغة السومرية بمصطلح الملوكية نام ـ لوكال وهي الجداول التي سنجد في نشراتها المتعاقبة ضالتنا حتى آخر ملوك سلالة ايسن التي خُتِمَتْ بنشرتها تلك الجداول ، التي كانت قد أُسْتِهِلَتْ بنشرة صدرت في عهد سلالة أور الثالثة في فترة حكم السلالة الخامسة التي أسسها في الوركاء الملك السومري أوتو ـ حيكال الذي اشتهر اثر تحريره البلاد من سيطرة الكوتيينِ البرابرة ، وظل هذا الملك الشهير يمثل السلالة الخامسة ، التي اقتصرت على حكمه ، حتى يوم انتزاعه من قبل ملك آخر هو أور نمو مؤسس سلالة أور الثالثة . وبما أن الملوكية كانت قد هبطت من السماء ، عندما ارتأت الآلهة التي تمسك بزمامها وشاراتها أن تحكم الأرض والناس من خلال نواب تصطفيهم من بين البشر . حيث يأتي التفويض من الآلهة الكبار المقمين في السماء الى الآلهة الأصغر آلهة المدينة التي تفوض ملك المدينة ليحكم الناس بالنيابة ، فيقوم هذا الملك بإصدار شريعته . وقد اختار إله الشمس أوتو ابنه مسكيكاشر ليكون المؤسس لسلالة الوركاء وأن يحكمها بصفته أين أي السيد ، ثم بصفته ملكاً ذهب الى البحر ، وارتقى الجبال .. تذكر نشرة السلالة السومرية الأولى التي حكمت في الوركاء أسماء اثني عشر ملكاً ، أغلبهم من صنف الآلهة ، أو أشباه الآلهة الذين لا شبيه لهم في الناس كافة ، والذين أُتْرِعَتْ الأساطير السومرية بخوارق » بطولاتهم » فحولتهم » نسلهم » انجازاتهم » صفاتهم » التي مُلِئَتْ بها جُعَبَ الملاحم ، ولعل جلجامش المشهور بالملحمة التي عرفت باسمه هو أكثرهم شهرة ، وقد ورد ذكره في الكتابات القديمة المكتشفة في الوركاء مقترناً ببناء أسوار المدينة ، كما اشترك في بناء معبد أي ـ أنا ويذكر المؤرخ طه باقر أن ترتيب جلجامش الذي دام حكمه 126 عاماً هو الملك الخامس من بين اثني عشر ملكاً وردت أسمائهم وسنوات حكمهم في أثبات الملوك مسبوقة بلقب أين En من سلالة ملوك مدينة الوركاء أي السلالة الثانية على النحو الآتي
1ـ ميسكيكاشر » 322 عام
2 ـ انمر كار » 420 عام
3ـ لوكال بندا » 1200 عام
4ـ دموزي » 100 عام
5ـ جلجامش » 126 عام
6ـ أورـ ننكال » 30 عام
7ـ أودل ـ كلاما » 15 عام
8 ـ لباشر » 9 أعوام
9 ـ اين ـ نندار ـ أناَّ » 8 أعوام
10 ـ مشيدي حكم » 36 عام
11 ـ ميلام ـ أنا » 6 أعوام
12 ـ لوكال ـ كيدو 36 عام
يدرج النص التأريخي الضارب في القدم تمال13 أسمي جلجامش وابنه أور ـ ننكال ضمن أسماء الملوك الذين تشرفوا بتجديد المعبد الذي كسا حارة تمال بثياب القداسة والذي عُبِدَتْ فيه الآلهة ننليل زوجة الإله السومري الشهير انليل .. إن شهرة الوركاء لا تعود الى كون هذه المدينة كانت مركزا دينيا وحضاريا طيلة تعاقب أقوام الأزمان المختلفة على استيطانها من قبل بدء التأريخ ، أو لما تحقق فيها من منجزات حضارية تركت بصماتها على تاريخ وادي الرافدين ، والأمم القديمة الأخرى كاختراع الكتابة ، وصناعة الأختام الاسطوانية ، وبناء الزقورة ، وظهور النحت فقط ، وإنما لكونها من المراكز السياسية التي قامت فيها سلالات حاكمة ، كان أشهرها سلالة الوركاء الأولى التي خلد التاريخ مآثر عدد من ملوكها أمثال » انميركار » لوكال بندا » جلجامش » بطل أوديسة العراق القديم وأشهر ملوك الوركاء ، أميرة المدن السومرية التي قَبَلّتْ ترابها المقدس شفتا الفرات ، وداعبت ثوبها الأخضر أنامل الربيع ، فاضطجعت على بساط الخصب , مخضبة بحناء الغرين ، بعدما أسكرتها رائحة الحقول , لتغفو في كِلَتَها المنسوجة من ضوء الشمس ، حالمة بفارسها الهابط من رحم الآلهة .
ثريا النجوم
، يسرج طائر الفجر الأبلق ، ويردفها خلفه طائراً إلى صوامع الآلهة التي لا يدركها البصر ، ولا تطأها أقدام العالم السفلي .. الوركاء المدينة السومرية المقدسة » المنيعة الأسوار » العامرة الأسواق » الطيبة الشعب » القوية الجيش » العظيمة الملوك » السامقة الزقورات » الجليلة المعابد » المهيبة الكهنة » المتعددة الآلهة » غرست قدميها في برودة الرمال ، وناشت بهامتها ثريا النجوم ، فأبهرت بمفاتنها عيون السماء ، زينت معابدها أنصاب الآلهة ، وتربع على عرشها الملوك ، فأحاط بخدرها الجيش ، وأحبها الشعب .. بلدة معطاء ولود ، مترعة بالطقوس ، تلفظت بالحرف الأول ، فأنطقت بملاحمها الحجر .. أعلنتـــــها الأنوناكي14 أميرة البلدان ، عُمِدَتْ بالنهر المقدس ، فباركها الإله ذو الهالات المشعة وأهدتها البقرة الوحشية ننسون غرسها الذي زرع بذرته في رحمها الملك لوكال بندا أو للا كبير كهنة كُلاب ابنهـــــا جلجامش أو كما نسخ بالكتابة المسمارية في الألواح السومرية كش ـ بل ـ كا ـ مش Gish Bil Ga Mesh ، والذي يعني في الأكدية ، المحارب الذي في المقدمة وفي السومرية ، الرجل الذي سينبت شجرة جديدة كناية عن الأسرة ، كما ذُكِرَ اسمه مقروناً باسم لوكال بندا في الألواح الصورية ، ويذكر المؤرخ طه باقر أن اسم هذا البطل الذي اقترنت به ملحمة الخلود قد انتقل الى معظم الآداب القديمة كما أن أعماله نسبت الى أبطال الأمم الأخرى مثل هرقل و أخيل والاسكندر ذي القرنين و أوديسيوس وقد ذهب أكثر من باحث الى أن أُسس قصص هرقل تستند بالدرجة الأولى الى أصول مستقاة من ملحمة جلجامش وصلت الى بلاد اليونان عن طريق الفينيقيين فكلا البطلين من أصل الهي ، وكلاهما اتخذ صاحباً حميماً أنكيدو بالنسبة الى جلجامش و يوليوس بالنسبة الى هرقل ، وكانت المرأة هي سبب جلب الكوارث الى كل منهما ، الآلهة عشتار في حالة جلجامش و دينيريا أو الآلهة هيرا بالنسبة الى هرقل ، وكلاهما قتل الأسود الضارية واكتسى بجلودها ، وتغلب على الثيران السماوية المقدسة ، ووجد هرقل العشب السحري للخلود كما وجده جلجامش ، وزار هرقل جزيرة الموت كما أبحر جلجامش عبر بحر الموت .. كما يرى الباحث روبرت كريفز أن هوميروس استقى الكثير من حوادث ملحمة جلجامش بالنسبة الى احد أبطال الالياذه أخيل حيث يضاهي صاحب أخيل المسمى بتروكلوس أنكيدو صاحب جلجامش وأم أخيل هي الآلهة ثيتس تضاهي الآلهة البابلية ننسون أم جلجامش وكما نشد الاسكندر الخلود في نبع ماء كائن في بحر الظلمات مما يضاهي ما جاء في الملحمة بحث جلجامش عن نبات الخلود بصفتهما مؤلهين .. جلجامش الملك » العظيم الشأن » الجميل الخلقة » الشاكي السلاح » الذي فرشت أيا طريقه بالنور ، ذلك الجبار الذي حباه شمش السماوي بالحسن ، وخصه أدد 15 بالبطولة ، طوله أحد عشر ذراعاً ، وعرض صدره تسعة أشبار ، مخيف كالثور الوحشي ، لا يُرَدْ فتك سلاحه ولا يُصَدْ ، ثلثاه من مادة الآلهة ، وثلثه الباقي من مادة البشر .. جلجامش الفحل الذي لا ينضب ما يمنية في الأرحام ، الملك الذي له حق الليلة الأولى في الدخول على العروس قبل زواجها ، فحل عذراوات الوركاء اللاتي ناءت أجسادهن بثقل جسده ، وهو يهصر أضلاعهن على فراش من ريش مقدس ، باركته الآلهة ، وفرشه الكهنة .. جلجامش خامس ملوك الوركاء ، بل هو ملك الملوك ، البطل الذي لا يؤمن بالتراجع .. تراجع أمام الملك أكا بعد أن خذله البرلمان الوركائي .. كان أكا آخر ملوك سلالة كيش الأولى يمتلك » السلاح الفتاك » الجيش القوي » نزعة السلطان » حب السيطرة » وكانت الوركاء تمتلك كل المغريات التي يسيل لها لعابه .. فأرسل الى ملكها يدعوه الى الاستسلام ، وينذره بالحرب .. لم يكن زمام حكم الوركاء بيد جلجامش لوحده ، بل كان هناك مجلسين يمثلان البرلمان الوركائي يعود إليهما حق تقرير شؤون البلاد الخطيرة مثل الحرب والسلم .. عرض جلجامش إنذار أكا على مجلس شيوخ المدينة ، وحثهم على التصويت الى جانب قرار الحرب
علينا ألا نخضع لبيت كيش بل لنحارب بالسلاح
ونرفض أعمال السخرة وحفر الآبار
لكن المجلس آثر الاستسلام بدلا من الحرب
لنخضع لبيت كيش ولا نحارب بالسلاح
لنخضع لأعمال السخرة وحفر الآبار
استدعت الخيبة غضب جلجامش ، وغضب لغضبه مجلس محاربي المدينة الذين صوتوا الى جانب قرار الحرب الذي عرضه جلجامش ، حيث قرر الرجال المحاربون التحصن خلف أسوار الوركاء المنيعة ، والدفاع عن مدينتهم والتضحية في سبيل استقلالها وحريتها وقالوا لجلجامش
لا تذعن لبيت كيش
إن أوروك المدينة التي شيدتها الآلهة
وأي أنا البيت الذي هبط من السماء
إن الآلهة العظام هم الذين صمموا وأقاموا أجزاءه
وإن سورها الذي يناطح السماء
وإن بيتها السامي الذي أسسه آنو
أنت يا جلجامش الذي رعيته أنت الملك والبطل
أنت الأمير الذي يحبه آنو
فكيف خفت من اقترابه
فإن جيشه مبعثر صغير
وإن رجاله ليسوا شجعانا
هطل السرور على قلب جلجامش هطول المطر على ثياب البادية ، وأزاح كلام الرجال المحاربين الهم عن صدره كما يزيح السيل شروخ العطش عن مرآة الصحراء ، وأمر تابعه أنكيدو أن يهيئ الشكارا الأسلحة ومستلزمات الحرب
اجمع آلات القتال
ودعها تحدث الرعب والهلع
أما عن أكا فان الخوف مني سيتسلط عليه
وسوف يضطرب أمره ويحل به الوهن
شيوخ المدينة
ولكن سرور جلجامش بقرار الحرب سرعان ما وأد بعد عشرة أيام من ولادته ، فما أن وصل جيش أكا وأحاط بأسوار المدينة حتى ارتجفت الوركاء ارتجاف المقرور في غرة فجر شتوي .. وما كاد الرجال المحاربون يرون ذلك الجيش الكبير المنظم المنتشر كالجراد المتهيئ لالتهام الحقول الذي جاء بأسلحته الفتاكة ، وخيوله السريعة ، وهو يحاصر مدينتهم ، وينذر بدك أسوارها ، حتى ضموا صوتهم الى صوت مجلس شيوخ المدينة ، وطالبوا جلجامش بالاستسلام .. فأضطر جلجامش الى المفاوضة وقبول شروط أكا بعد أن أبصر نظرة الخوف والخذلان في عيون المدافعين عن المدينة ، وقد خلَّد الأدب السومري هذه الواقعة بقصيدة ناهزت 115 بيتاً مجدت جلجامش برغم استسلامه وقبوله بقرار الصلح .. جلجامش الذي تقول ألواح ملحمة الخلود التي اقترنت باسمه أن الوركائيين دأبوا على الشكوى منه الى الآلهة ، إذ لم يدع جلجامش ابناً طليقاً لأبيه ، ولا عذراء طليقة لحبيبها ، ولا ابنة لمقاتل ، ولا خطيبة لبطل ، والذي لم تنقطع مظالمه عن الناس ليل نهار فاستمع الإله آنو لشكوى شعب الوركاء ، ودعا الآلهة الخالقة أورورو التي خلقت جلجامش بأمر من انليل أن تخلق غريماً له يضارعه في قوة العزم ، وليكونا في صراع مستديم لتنال أوروك الراحة والسلام ، فامتثلت أورورو ، غسلت يديها ، تناولت قبضة من الطين ، ورمتها في البرية ، فخلق من قبضة الطين تلك أنكيدو خلاصة الإله ننورتا16
يكسو جسمه الشعر الكث
وشعر رأسه كشعر المرأة
ونمت فروع رأسه جدائل كشعر نصابا15
لا يعرف الناس ولا البلاد
ويلبس لباساُ مثل سموقان17
ومع الظباء يأكل العشب
ويتدافع مع الوحش عند مساقي الماء
لكن الوحش المولود في البرية ، المارد الذي تمخضت عنه الصحراء ، الرجل العجيب المنحدر من التلال ، جوهر آنو لم يكن في بأسه أقوى من بأس نهدي بغي من الوركاء أسرته بين فخذيها لستة أيام وسبع ليال حتى خذلته ركبتاه وأنكرته الصحراء فاقتادته المومس الى الوركاء ليصبح » تابعاً » صديقاً » مسامراً » خلاً » مرافقاً » لجلجامش في مغامرته وسفره الى أرض الحياة .. أبحر معه عبر بحر الموت ، وعبر معه سلاسل الجبال السبع ، وهو الذي أيقظه من سباته ، وسار أمامه الى غابة الأرز ، وساعده على قطع رأس خواوا18 وهو الذي أشار عليه قبل سفره أن ينبئ الإله أوتو لأن غابة الأرز بعهدته ، وقد أخذ جلجامش بنصيحة خله وصديقه .. فأمسك بجدي أبيض في يده ، ووضع جدياً أسمر على صدره وقدمهما قربانا لأوتو .. حمل الصولجان الفضي وقال
يا أوتو عزمت الدخول الى ارض الحياة
فكن حليفي وعوني
فأجاب أوتو السماوي
ما شأنك بأرض الحياة .؟
فأجابه جلجامش
يا أوتو أريد أن أكلمك فأصغ لكلمتي
في مدينتي يموت الرجل وهو حزين القلب
إن الرجل يهلك وقلبه مثقل بالألم
هاأنذا أنظر من فوق الأسوار
فأشاهد هياكل الموتى وهي طافية في النهر
وأنا سيكون مصيري هكذا حقاً
والإنسان مهما استطال لا يمكنه أن يبلغ السماء
ربما أن الأجل الموعود لما يحل
فإنني عزمت أن أدخل أرض الحياة وأخلد اسمي
فتقبل منه أوتو تضرعه ودموعه على أنها قرابين وظهرت الرحمة والعطف عليه كما ظهر السرور على جلجامش فاختار خمسين رجلاً من الأبطال الذي لا أُسر لهم ليعبروا معه الجبال السبع ويقطعوا أشجار الأرز وسار هو وصديقه لينهيا حياة خواوا وقد قطع جلجامش الشجرة الأولى بنفسه ، وقطع أبناء مدينته الذين رافقوه تاجها وربطوه في سفح الجبل وعندما قطع جلجامش الشجرة السابعة .. اقترب من مخدع خواوا ولطمه على خده لطمة شديدة ، فاصطكت أسنان خواوا وأراد أن يصد جلجامش ، وخاطب الإله أوتو قائلاَ يا أوتو أنني لا أعرف الأم التي ولدتني ولا الأب الذي أنجبني ، فأنت الذي ولدتني في الأرض وربيتني . وتعود من جلجامش بحياة السماء والأرض ، وحياة الأرض السفلى ، فرق له قلب جلجامش وقال لأنكيدو لندع الطائر الذي أمسكنا به يعود الى موضعه ، وندع الرجل الذي أسرناه يرجع الى حضن أمه . فأجاب أنكيدو إن الطائر الذي أمسكنا به لو عاد الى عشه ، فسوف لن ترجع أنت الى مدينة أمك التي ولدتك . فصاح خواوا لقد نطقت بالشر علي يا أنكيدو . وحين تفوه هكذا بادراه وقطعا رقبته وقدماه قرباناً الى أنليل و ننليل .. لكن الآلهة ارتأت أن يموت أحد البطلين اللذين قتلا الثور السماوي وقتلا حارس غابة الأرز وقطعا أشجارها فاختارت أنكيدو لتلقي بعباءة الحزن على أكتاف جلجامش ، ذلك البطل الشجاع الذي استل سيفه وجعله كالرداء الذي يلفه ويحميه . وقف على الأرض العظيمة كالثور . وضع فمه على الأرض ، واصطكت أسنانه وأقسم قائلاً وحياة أمي ننسون التي ولدتني ، وحياة أبي لوكال بندا الطاهر ، وكرر القسم قائلا سأقاتل ذلك الرجل إن كان رجلاً ، وأصارعه إن كان إلهاً ، فإنني وجهت خطاي الى أرض الحياة ، ولن أتوجه الى المدينة .. جلجامش الذي قهر غول الغابات بذراع اله كان يخفق خلف أضلاعه , قلب إنسان لم يستطع هضم موت صديق . وتمكنت منه دابة من دواب الأرض » ناعمة » زاحفة » لا تملك أذراعاً » ولا سياقناً » سرقت عشبة خلوده ، فتركته حاسرا في دار الفناء ، وصارت تبدل ثوبها كل عام .. أيقن انه صائر إلى مصير صديقه . فبنى سورا يقي بلدته شر الأعداء . اعتصمت البلدة بعده بالسور حتى داهمتها خيول الدهر ، فتهدم السور الذي امتص أخر قطرة عرق في جبين الوركائيين ، كاشفاً تجاعيد البلدة لعيون الأفق .. احدودبت الأرض وانحسر النهر تاركا أسنمة من التلال التي تعتليها الشمس كل غروب ..
قوافل الغرباء
تقوّضت أعمدة المعابد ، فهشمت السقوف رؤوس الكهنة ، وطمرت أجداثهم . انتفخت أوداج الصحراء ، فطمت الرمال » تيجان الملوك » ملابس الأمراء » أسرار الملكات » عطور الأميرات » خزانات الكنوز » غرف الجواري » مخادع العبيد » فضائح السادة » الكل التهم التراب » توسد التراب » تدثر بالتراب » تحول إلى تراب » اندثرت حكمة الأسلاف تحت غبار الزمن . تلفع السور بعباءة الدهر . صار وكرا للبوم بعدما كان وكرا للديدبان . انسابت من جحوره الزواحف ، لاذت بثغوره الذئاب ، تمترس الجن خلف بقاياه .. حقب مرت وحقب ، تهافتت على إطلال البلدة قوافل الغرباء تهافت الذباب على أكوام التمر ، هجموا على ما تبقى من السور ، وأشبعوه ضربا بالمعاول . نبشوا المقابر » بالفؤوس» المُدى » الأظافر » مزقوا أكفان » الملوك » الأمراء » الحكام » الكهنة » الجند » العبيد » الجواري » حملوا » تماثيلهم » مسلاتهم » كنوزهم » أسلحتهم » أوانيهم » وصلبوها في كبرى المتاحف ترشقها أعين الذين لا يملكون جذورا لحكاياتهم بسهام الفضول .. أفترس الغرباء ملاحم السومريين . فكوا طلاسم الخط المسماري . سرقوا الحكمة وأعادوا ما تبقى أكواما من الطين المشوي .. الشيء الوحيد الذي لم يستطيعوا سرقته ، أو التجاسر عليه هو هياكل البنايات المقدسة .
المعابد هي بيوت الآلهة التي هبطت من السماء لتستقر على الأرض ، وتضفي عليها هالة قدسية ، استدعتها الحالة الدينية التي أوجدها » الاستيطان » الاستقرار » التطور الزراعي » والتي أدى ظهورها الى خروج التنظيمات » الإدارية » الاقتصادية » الاجتماعية » بحلل جديدة حيكت في أروقة تلك المعابد ، التي شمخت لتضع السماء فوق رؤوسها ، والأرض تحت أُسسها .. في عصري الوركاء القديم والوسيط . أمسكت أيدي المعابد بأعنة دويلة المدينة ، لتقودها نحو نظام » المدينة المعبدية » الحكومة المعبدية » لقد نسج عصر العبيد ثياب الحضارة السومرية التي استهلت الألف الثالث قبل الميلاد لتخرج بحلتها من المحراب الى دنيا الحضارات ، وتعلن بصوت عال أن المعابد » بوجودها » بتطورها » باتساعها » الأفقي » العمودي » قد بلغت أوج قدسيتها في طور الوركاء الأخير الذي أسمته ثلة من الباحثين في المعهد الشرقي بجامعة شيكاغو اصطلاحاً بالعصر الشبيه بالكتابي أو الشبيه بالتاريخي ، حيث خلعت عليها الحياة العمرانية المتطورة ثياب القداسة » الفضفاضة » الأنيقة » المزخرفة » التي حاكها الكهنة الوركائيون بنول الموروث الديني السومري . وأجلسوها على المصاطب ، لتواكب التطور الحضاري الجديد المميز لوادي الرافدين الذي تجلى بأحسن صوره بالأختام الأسطوانية التي بدلت شكلها المنبسط ، وبدولاب الخزاف الذي أُستعمل لأول مرة في إنتاج الخزف الوركائي المزدهي بألوانه وأشكاله الجديدة حيث تلاشى الفخار الرمادي القديم ، وأوشك الفخار الأحمر على الانقراض حين أُنْتِجَ الفخار الإجاصي الجديد ، واستعملت العجلات . فراحت العربات السومرية المزينة بالنقوش والكتابات تختال والضابحات الممشوطات الأعراف يسحبنها في صباحات دروب الوركاء .. أُسْتُغِلَتْ المعادن بشكل أمثل بعد التطور الذي حصل في فن التعدين .. فازدهرت القرى التي تمثل الأرحام التي أنجبت المدن التي نمت وترعرعت وكبرت لتعلن عن انتقالها من الحياة الريفية الى الحياة المدينية التي أدى تطورها الى تأسيس دويلات المدن ، لتصبح سمة النظام السياسي المميز لعصر فجر السلالات ، الذي أعقب العصر الشبيه بالكتابي ، والذي ظهر فيه فن النحت بالحجر بنوعيه المجسم والبارز . كما تحسنت الزراعة وازدهرت نتيجة التطور الذي حصل في نظام الري .. وأخيراً خلع أعظم اختراع عطاياه على عصر فجر السلالات ، فخرج على دنيا الحضارات مختالاً فخوراً متسربلاً بثياب الكتابة التي ظهرت لأول مرة في تأريخ الحضارة .. حيث كانت في الطور الشبيه بالكتابي صورية ، مقتصرة على تدوين واردات المعابد وأملاكها من الحيوانات والضيع ، فلم تدون بها النصوص التأريخية ، ولا شؤون الحياة العامة .. كانت عصور ما قبل التأريخ هي الأرضية التي اهتزت وربت وأنبتت المعتقدات الدينية ، التي نمت وتطورت حتى إذا اكتمل نضوجها في عصر فجر السلالات اعتلت صهوة العرش الروحي لمجتمع وادي الرافدين ، لتكون الدليل الذي يقود قافلة المجتمع الوركائي في جميع نواحي الحياة. ..
م ن

**************************************************



الوركاء أوديسة العراق القديم قساوة التراب وخصوبة الأنثى %25D8%25B5%25D9%2588%25D8%25B1%2B%25D8%25A7%25D8%25B3%25D9%2584%25D8%25A7%25D9%2585%25D9%258A%25D8%25A9%2B%25D9%2585%25D8%25AA%25D8%25AD%25D8%25B1%25D9%2583%25D8%25A9%2B-%2B%25D8%25A7%25D9%258A%25D8%25A7%25D8%25AA%2B%25D9%2582%25D8%25B1%25D8%25A2%25D9%2586%25D9%258A%25D8%25A9%2B%25D9%2585%25D8%25AA%25D8%25AD%25D8%25B1%25D9%2583%25D9%2587%2B%25D8%25AC%25D8%25AF%25D9%258A%25D8%25AF%25D8%25A9%2B-%2B%25D8%25B5%25D9%2588%25D8%25B1%2B%25D8%25AF%25D9%258A%25D9%2586%25D9%258A%25D9%2587%2B%25D9%2585%25D8%25AA%25D8%25AD%25D8%25B1%25D9%2583%25D9%2587%2B%25D8%25B1%25D9%2588%25D8%25B9%25D9%2587%2B-%2B%25D9%2585%25D8%25AF%25D9%2588%25D9%2586%25D8%25A9%2B%25D8%25A8%25D8%25B5%25D9%2585%25D8%25A9%2B%25D9%2586%25D8%25AC%25D8%25A7%25D8%25AD

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
زكي
عضومتقدم
زكي


علم الدولة : الوركاء أوديسة العراق القديم قساوة التراب وخصوبة الأنثى 123
الجنس : ذكر
تاريخ التسجيل : 06/07/2010
عدد المساهمات : 5670
نقاط : 9147
الموقع : العراق
الجنسية : عراقية

الوركاء أوديسة العراق القديم قساوة التراب وخصوبة الأنثى Empty
مُساهمةموضوع: رد: الوركاء أوديسة العراق القديم قساوة التراب وخصوبة الأنثى   الوركاء أوديسة العراق القديم قساوة التراب وخصوبة الأنثى Emptyالأحد 30 يونيو - 11:32


شكرآ جزيلا على الموضوع الرائع و المميز

واصل تالقك معنا فى المنتدى

بارك الله فيك أخى ...

**************************************************


الوركاء أوديسة العراق القديم قساوة التراب وخصوبة الأنثى 3dlat.net_04_16_5db8_5b4ffb7ed2fb2


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
محمد احمد
عضومتقدم
محمد احمد


علم الدولة : الوركاء أوديسة العراق القديم قساوة التراب وخصوبة الأنثى 123
رقم العضوية : 77
الجنس : ذكر
تاريخ التسجيل : 15/01/2012
عدد المساهمات : 2927
نقاط : 4371
الجنسية : عراقية
المزاج : احيانان سعيد جدا واحيانان غاضب جدا

الوركاء أوديسة العراق القديم قساوة التراب وخصوبة الأنثى Empty
مُساهمةموضوع: رد: الوركاء أوديسة العراق القديم قساوة التراب وخصوبة الأنثى   الوركاء أوديسة العراق القديم قساوة التراب وخصوبة الأنثى Emptyالسبت 28 نوفمبر - 16:30

بارك الله فيك على الموضوع القيم والمميز
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الوركاء أوديسة العراق القديم قساوة التراب وخصوبة الأنثى
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  العراق القديم
» صور من العراق القديم ايام جدي وجدكم
» صور واماكن وشخصيات من تاريخ العراق القديم
»  قلعة كركوك ..من آثـــــــــار العراق القديم
» تاريخ العراق القديم /جامع الملوية في سامراء

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات العرب  :: منتدى التاريخ العام-
انتقل الى: