فيصل الكناني عضومتقدم
علم الدولة : رقم العضوية : 21 الجنس : تاريخ التسجيل : 20/09/2008 عدد المساهمات : 12754 نقاط : 24490 تاريخ الميلاد : 07/04/1960 العمر : 64 الموقع : العراق العمل/الترفيه : سأل الممكن المستحيل : أين تقيم ؟ فأجابه في أحلام العاجز الجنسية : عراقية المزاج : من يحب الشجرة يحب أغصانها الاوسمة :
| موضوع: بنت المعيدي.. سحر الصورة وتوليد المتخيل الشعبي السبت 29 يونيو - 15:14 | |
| نبراس الذاكرة
كثيرا ماتعتمد المثيولوجيا العراقية الشعبية على ثنائية المكان والشخصية، اذ تشكل هذا الثنائية عمقا تكوينيا للحكاية والصراع وللعلاقات بينهما..مثلما تشكل فضاء لتوليد الاشاعة ولتخيلاتها المتوالية، تلك التي يظل المخيال الشعبي يواصل انتاجها بتلوينات وسرديات مختلفة.. الهور وبيئة الماء في الجنوب العراقي شكلّت مجالا للتوليد الحكائي، ولتخيّل عوالم سحرية، ولعلاقات اجتماعية وتبديات نفسية تخضع الشخصيات المتخيلة الى توصيفات معينة، او ربما تسحبها من لحظة تاريخية عائمة في المكان الى مجال يكون فيه المخيال السردي اكثر توليدا للحكي، اذ سيسبغ عليه سمات وملامح وتوليدات عابرة للزمن الواقعي، وعالقة بالزمن السردي... بنت المعيدي الشخصية المتخيلة في المثيولوجيا العراقية، خضعت الى العديد من القراءات التوصيفية بدءا من توصيف طبيعة شخصيتها، وخصوصية جمالها، وانتهاء بالتوصيف المكاني الذي اسهم في توليد نفسي وجمالي واجتماعي وسحري لهذه الشخصية الساحرة، اذ ان توصيف شخصية المعيدي توحي بتوصيف دلالي لوجود بيئة الاهوار بكل عوالمها وغموضها، اي البيئة المائية الممتدة بين مدن العمارة والناصرية والبصرة، والخازنة لمورثات اسطورية وحكايات شعبية، خاصة حكاية حفيظن اذ وسمت هذه البيئة حياة ساكنيها بنمط من المعيش، وبطبائع عمل معينة وملامح لشخصياتها، وضمن حدود مكانية معينة، وبانماط بيئية وغذائية وعلاقاتية معروفة.. كما ان التجنيس الانثوي التابع- بنت المعيدي- لهذه الشخصية يلغي عنها صفة الاسمية التعريفية، فهو تعبير مقصدود في التعمية، وفي التعبير عن سرية هذه الشخصية، وعن طبيعة الثقافة المهيمنة والخاضعة للخطاب الذكوري بمرجعياته الاخلاقية والاجتماعية، والذي ظل يتيح للمخيال الشعبي مجالا توليديا لان يركب احداث الحكاية على وفق ماتتطلبه الحاجة التخيلية من اثارة ومن غواية، اومايفرضه السياق الحكائي والاجتماعي والنفسي من اشباعات تؤشر لثقافة الحرمان الجنسي والنفسي من جانب، وللشبق التعويضي الذي يرتبط بتضخيم الحكاية كمعادل موضوعي ونفسي لحرمان المنتج الاول للحكاية، وحتى لمولديها الاخرين الذين يخضوع لسلطة الاستيهام التي يمارسها دون وعي الحكواتي او الناقل.
زمن شعبوي
خاصة وان هذه الحكاية عبرت الزمن الافتراضي الى زمن شعبوي ظل توليديا وتعويضيا من خلال ماتركته الصورة/ الايقونة المعروفة في ذاكرتنا الشعبية، والتي نسجت حول نفسها سلسلة متوالية من الحكايات المتخيلة، فضلا عن تحولها الى رمز جنسي وجمالي، تماهى معه الكثيرون من ابناء البيئة الجنوبية، او حتى من ابنائها المهاجرين الذين حملوا صورتها معهم الى المدن التي هاجروا اليها، تاكيدا لرمزيتها التعويضية عبر اقامة علاقة فيتشوية مع تلك الصورة/ الايقونة، والتي تحولت الى علاقة تحكمها شهوة هذه الصورة وعلاماتها المعروفة، والتي لايعرف احد عن حقيقة من رسمها او حتى من صورها... سيرة الحكايـــــــــــــــة وتوليدهــــــــــــــــا.. البعض وضع الحكاية في سياق تاريخي غير واضح، والبعض الاخر نقلها الى بيئات مختلفة، رغم ان التوصيف الخارجي للشخصية والتسمية يحدد طبيعتها وطبيعة مكانها..ولعل طبيعة علاقة هذه الشخصية بمعشوقها المتخيل هي الفضاء الذي ظل حاكما لسرديتها، ولبواعث الاثارة فيها وفي غموض هذه العلاقة، فهل هو شخصية الضابط الانكليزي، او ربما الضابط العثماني او احد المستشرقين الذين جاءوا الى الجنوب بحثا عن اسراره؟ اذ انغمس هذا العاشق الافتراضي في علاقة غير متكافئة مع بنت المعيدي كما تقول الحكاية، ماخوذا ومنبهرا بجمالها الى حدّ تمرده- في هذه العلاقة- على التقاليد التي تحكم البيئة الجنوبية المعرفة بصرامتها الاخلاقية، خاصة في قضايا الزواج، فضلا عن ان الحكاية قدمت لنا صورة عن المعيش النسائي في هذه البيئة، والانفتاح على عوالمها السرية و المغلقة والخاضعة لضوابط دينية تحكم العلاقات مع النساء ومع الاخر المختلف دينيا واجتماعيا وعشائريا.. سيرة الحكاية هي سيرة المتخيل فيها، وربما هي سيرة غامضة لعلاقة سرية بين رجل وامراة اثيرت حولها الشكوك، فاجترح العقل الشعبوي الحكواتي، العقل الصانع للكثير من السرديات الاخلاقية والبطولية وحتى الجنسية، نوعا من الحكاية التي فيها الكثير من التعمية القائمة على سيرة مضادة تمحو الاسم، وتبرز اسم المعيدي بوصفه التجريدي..اذ يمكن وصف هذه العلاقة كما هو وارد في الادبيات العشائرية ب(النهيبة) والتي تتقاطع مع القيم العشائرية و تعرّض العائلة الى توسيمات اخلاقية مهينة.. هذا التشكّل الحكائي لسيرة بنت المعيدي ارتبط ايضا بنمط الحياة في البيئة المائية، اذ ان المعدان ينتمون الى توصيف اجتماعي له خصوصيته الاجتماعية والعملية في البيئة الجنوبية، اذ هو يختلف عن التشكلات الاخرى في السستم الاجتماعي القبائلي، فهم لايعملون بالزراعة، بل يعملون رعاة للجاموس، كما انهم من سكان اماكن بعيدة الى حد ما عن المراكز التي تديرها المشيخات المعروفة، والتي يحكمها نظام اجتماعي يقوم على ملكية الاراضي الزراعية، وعلى التحكم بالشكل الاجتماعي للمكان، بما فيها علاقات الزواج.. وهذا ما اعطى لهذه الحكاية طابعا مثيرا وغامضا في آن، من خلال حدوثها في بيئة معينة، وكذلك من عدم ربطها توصيفيا بالبيئة الريفية الزراعية التقليدية ذات العوالم والعلاقات المعروفة، اذ وضعها المتخيل الشعبي بوصفها سيمياء جنسية- النمط الجمالي والجسماني لسكان الهور- اكثر من تحميلها بعدا اخلاقيا اخر يتجاوز ماهو مالوف وما مسموح به في تلك البيئة.. خاصة وان النساء في الاهوار اكثر انخراطا في العمل من غيرهن مع الرجال في بيئة صعبة ومعقدة، وربما هو ماوضع صانع الحكاية امام توليف حكواتي يقوم على تبرير المكاشفة في سياق وجود مثل هذا النمط من العلاقات.. غموض هذه الحكاية هو ماجعلها اكثر عرضة للثبات والتجديد، اذ ان الكثير من الرواة يتداولونها، رغم وجود نص حقيقي للحادثة، او حتى حكاية يعتد بمصداقيتها، كل ماتركته الحكواتي لنا عن حكاية فتاة جميلة وساحرة في الهور ارتبطت بعلاقة مع عاطفية سرية مع(اجنبي) طلبها للزواج بخلاف التقاليد السائدة، لكنها قام ب(نهبها) وسط غابات القصب في الاهوار، تلك هي ذاتها غابات خمبابا في الاساطير السومرية القديمة، وهروبهما معا الى بلد الانكليز، ولانه احبها وسحره جماله، فانه طلب من احد الرسامين ان يصورها بملابس احتفالية ابرزت جمالها الساحر وارسلها الى اهلها، اذ تحولت هذه الصورة الى البنية المولدة للحكاية، ولشفرتها الراسبة في اللاوعي الجمعي..
الصورة والتخيلات الشعبية..
ما تبقى من الحكاية هي الصورة/ الايقونة، وهي الشفرة الساحرة التي تناقلها العابرون والرحالة، اذ حفظت الصورة الحكاية، ولم تحفظ الحكاية الصورة، وراح الرواة والحكواتيون ينسجون لها عوالم واخيلة، تتجاوز المكان الى الفضاء، وتجاوز الرمز الى السرد، وتتجاوز الواقع الى السحر، حتي يمكن القول ان صانع هذه الحكاية هو اول واقعي سحري استطاع ان يصنع ان يضع علاقة عاطفية او جنسية محرمة في سياق حكواتي، ينقذها من المباشرة ومن الخطيئة ويمنحها عمقا انسانيا ساحرا خلدته الصورة/ الايقونة التي كانت اشبه بالتعويذة في بيوت الفقراء، حتى ان البعض قال بان هذه الحكاية تنتمي الى ازمان سحيقة، وانها اشبه بصورة المجدلية التي غابت وحضرت الصورة/ الحكاية، وان الفقراء يعلقوها في بيوتهم وعلى محاملهم وعلى صنادقهم العائلية تيمنا سحريا بطهارتها، وانها صورة للسحر المنقذ، وللجمال الاشباعي الذي يثير غرائز الفقراء في ليليهم الموحشة.. الصورة اختصرت الحكاية، الحكاية التي اختلف رواتها، لكن الصورة هي الشفرة المولدة لهذا السرد المفتوح والمبهر والمثير، والحامل لسيمياء الجسد، والغواية، مثلما هو حامل للغموض، اذ ظلت بنت المعيدي امراة عاشقة بدون اسم، وظل عاشقها تائها يبحث عن وجود، مثلما ظل المعيدي شخصية مسكونة بدالته المكانية والوظيفية، مقابل ذلك ظلت الرواة ينسجون حولها الحكايات والالغاز، وظل الرجال الشبقون يجدون في الصورة الحاضرة اكثر من الحكاية نوعا الاستمناء الروحي والجسدي بحثا عن اشباعات هائمة وعن وجود اكثر امتلاء بسحر هذا الشخصية الغامضة والمثيرة دائما....
علي حسن الفواز م ن
************************************************** | |
|
بنت العراق عضومتقدم
علم الدولة : الجنس : تاريخ التسجيل : 18/12/2009 عدد المساهمات : 4793 نقاط : 7325 الجنسية : عراقية الاوسمة :
| موضوع: رد: بنت المعيدي.. سحر الصورة وتوليد المتخيل الشعبي الإثنين 1 يوليو - 13:51 | |
| ************************************************** | |
|
سومري عضومتقدم
علم الدولة : رقم العضوية : 16 الجنس : تاريخ التسجيل : 12/09/2009 عدد المساهمات : 4956 نقاط : 7566 الجنسية : عراقية
| موضوع: رد: بنت المعيدي.. سحر الصورة وتوليد المتخيل الشعبي الجمعة 18 سبتمبر - 20:17 | |
| موضوع في قمة الخيااال طرحت فابدعت دمت ودام عطائك
************************************************** | |
|