منتديات العرب
أهلا بكم في منتديات العرب , نرحب بأعضائنا الأحبة و كذلك الزوار الكرام اللذين نرجوا منهم التسجيل لدينا
منتديات العرب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات العرب

عام لكل العلوم والمعرفة المتعلقة بالمجتمع
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 البهلول...عارف في ديار الجاهلين

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
علي
عضومتقدم
علي


رقم العضوية : 10
الجنس : ذكر
تاريخ التسجيل : 14/07/2009
عدد المساهمات : 4339
نقاط : 6974

البهلول...عارف في ديار الجاهلين Empty
مُساهمةموضوع: البهلول...عارف في ديار الجاهلين   البهلول...عارف في ديار الجاهلين Emptyالأربعاء 7 أغسطس - 22:54

من هو البهلول

لنبدأ بتعريف ضافٍ عن هويته، فهو أبو وهب بهلول بن عمر الصيرفي الكوفي. وقيل بهلول الصيرفي الكوفي أبو وهيب بهلول بن عمرو الصيرفي الكوفي. وفي مجالس المؤمنين: بهلول بن عمرو هو وهيب بن عمرو.


ولد البهلول في الكوفة، ولم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته. وتوفي ببغداد حدود سنة 190 هـ، وقيل سنة 192 هـ، وقيل بعد سنة 247 هـ، ودفن بها. وانه عمر طويلاً حتى الثمانين.


وخلاصة التحقيق ان مكان قبره وهو الموضع الحالي في مقبرة الجنيد البغدادي بالكرخ القريبة من مقبرة شيخ العرفان معروف الكرخي وشهيد العشق الالهي الثالث الحلاج. ومن الطريف فقد قبر الى جانبهم حكيم صوفي من سيخ الهند اسمه بابا نانك وكدرو نانك بتسمية اتباعه من السيك. وكان لي فترة عملي رئيسا لدائرة اسيا واستراليزيا وافريقا متابعات بخصوص هذا الزاهد الهندي وكانت مكاتبات بيننا وبين السفارة الهندية في بغداد وزارني وتواصل معي القائم بالاعمال الهندي في بغداد يومها حول موضوعه. ويعتقد القائمون على المقبرة انه مسلم او تحول الى الاسلام بعد تتلمذه على المتصوفة المسلمين اما السيدك الهنود فيعتقدون انه احد كبار دينهم وقد حلت به الروح الالهية.


يقع قبر العارف الكبير البهلول في طريق مطار المثنى مروراً بمنطقة الشالجية بإتجاه جامع براثا، وقد كتبت لافتة خط فيها قبر بهلول الكوفي.

وهو من كبار علماء وفضلاء عصره، كان رحمه الله من أصحاب الإمامينِ الصادق والكاظم عليهما السلام. بل هو من خواص تلاميذ الإمام الصادق عليه السلام. وهو واحد ممّن رووا عن الإمامين الصادق والكاظم عليهما السلام. عُرف بالحكمة والذكاء، وكان أديباً، شاعرا.

ولد بالكوفة ونشأ بها، وعاصر من ملوك العباسيين كلاًّ من موسى الهادي وهارون الرشيد والأمين والمأمون والمعتصم والواثق والمتوكل. وهو سيد عقلاء المجانين في زمانه واحد رموز التصوف والعرفان ومن الدعاة لله باسلوب تميز به في زمن تعاظمت به النقمة على ال علي وفاطمة وشيعتهم. وكان جامعاً للخصال الحميدة. من جمال الخلقة ومن امتلاكه لدرجة عالية من المفاكة مما يفتح له الابواب في ايصال الافكارً.
وكان اولئك الملوك يستقدمونه الى بلاطهم لمنادمته وسماع نوادره ومليح حكاياته وبديع شعره ولطيف فكاهاته. وكان البهلول يتخذ من ذلك وسيلة للنقد الهادف والدعوة لله والتزام بمكارم الاخلاق والتذكير باليوم الاخر. ولأجل التخلص من طغيان اولئك الملوك المتجبرين كان يتصرف تصرف المجانين، ويظهر السفاهة والبلاهة وذرا للرماد في العيون كان يبدو لهم وكأنه مجنون. وكان ذلك بأمر من الامام الكاظم عليه السلام لحفظ نفسه ودينه، ولكي يستطيع من أن يسفه الباطل ويظهر الحق، فعرف بالمجنون خلافاً للواقع والحقيقة لانه كان من سادة العقلاء وكبار الدعاة.


كان يفتي علي منهج أهل البيت عليهم السلام ويوضح للناس منهج اهل البيت الذين اوصى الرسول الكريم بالرجوع اليهم من بعده. وكان يناظر كبار المخالفين كأبي حنيفة النعمان بن ثابت وغيره ويفحمهم



التقى به الرشيد في الكوفة سنة 188هـ 802م فأعجب به وجعله من بعض خاصته ليسمع نوادره.

وكان بهلول يرفض منح الرشيد وجوائزه. فتظاهر بهلول بالجنون لئلا يقتله الرشيد. واطلقوا على بهلول الرشيد لقب سلطان المجاذيب. وصار اسمه في ما بعد صفة لكل مخبول أو شبه مجنون أو البلاهة.
كان جنون بهلول ينتابه من حين إلى حين، فهو إذن عاقل في معظم أوقاته. لكنه يتجانن اي يظهر الجنون حسب الظروف مما يدل بوضوح على امتلاكه طاقة عالية في التحكم في نفسه وانفاعالاته ولا جدل انها قوة عقلية يمتلكها البهلول انى يريد واستعملها في صياغة مشروعه مع السلطة ومع الناس.



والتامل بسيرته ومواقفه تكشف لنا ان لغته كانت لطيفة ودقبقة وسليمة. وتكشف لنا كذلك انه راوية للقصص التي يطرحها في المكان والزمان المناسبين مما يدل على سرعة الخاطر والبديهية.

وعلى صعيد رواية الحديث عند المدرسة الاخرى يقول احد ابرز علماء الحديث والرجال السنيين وهو محمد بن أحمد الذهبي المتوفى سنة 748هـ: أن بهلولاً كان يروي الأحاديث عن عمرو بن دينار وعاصم بن بهدلة وأيمن بن نائل، وأن أحاديثه لا مقبولة ولا مرفوضة. ولم يدون أحد من تلاميذه شيئاً من اقواله.



وذكر المستوفي ان أباه عمراً كان عماً للرشيد العباسي واستبعد ذلك السيد محسن الامين العاملي في اعيان الشيعة وقال لأنه لو كان كذلك وصف بالهاشمي أو العباسي وغير ذلك. وهو ما لم يذكر المؤلفون شيئاً منه فيما يتصل بنسبه.

ولكن الشائع بين الناس انه من اقارب الرشيد او ابن عمه وقد سمعت ذلك من العديد من الجدات والعمات والخالات وكانت والدتي لا تجادل في كونه ابن عم هارون الرشيد. فراى معظم العامة أنه يمت بصلة القرابة إلى هرون الرشيد وأنه ابن عمه أو أن بهلول عمه وإن الرشيد اغتصب الخلافة منه. وقيل ان قرابتة من هارون الرشيد كانت السبب في عدم تورعه وخوفه من هارون الرشيد وعماله، حتى انه كان يدخل عليه وعليعم أي وقت شاء ويتكلم بما يريد.
ظاهرة التبهلل عند العقلاء



البهلول لغة بضم الباء وجمعه بهاليل. معناه الكريم النبيل والسيد الجامع لكل خير.

والناس تلفظ بُهلول فتقول بَهلول بفتح الباء، وهو ما تعودت عليه السنتنا عندما ننطق اسمه والصواب ضمها. ومن معانيه الضحّاك. وبعض الناس اليوم اذا ارادوا ان يصفوا احدا بالجنون والغباء والبلاهة يقولون عنه انه بهلول اي خبل او امخبل!!!




وظاهرة التبهلل ليست من ابتكار البهلول الصوفي بل انها نسبت اليه لشهرته في هذا الباب. ومن مارس اسلوب التبهلل قبل بهلول كثيرون. والبهاليل من العرب وان لم يُسموا بالبهاليل لكنهم ادعوا الجنون او البلاهة والبلادة وهم عقلاء ولم يفعلوا ما يسيئ الى حاكم مباشرة بل باساليب متقنة ودقيقة تجلب الاثر ولا تعطي الدليل الجرمي ضدهم. وهم يتقصدون ذلك محتمين بسياج من الوهم الشعبي في ضعف عقولهم وهم الاكثر عقلاً والابهر ذكاء لكنهم يتقون سيف الحاكم وجرمه باظهار الغريب من السلوك.



ولم يكن بهلولنا الكوفي أول بهلول في التاريخ الاسلامي إلا انه حاز شهرة واسعة فاقت من سبقه ومن لحقه من البهاليل حيث يذكر لنا التاريخ ان أول من تظاهر بالجنون هو الطفيل بن حكيم الطائي الذي أسر في وقعة المفتح مع القراء فسيروهم الى الحجاج فأراد الحجاج ان يقتل الطفيل فأوهم الطفيل الحجاج بأنه قد ذهب عقله فجعل لا يسأله عن شيء إلا اجابه بخلاف سؤاله فقال الحجاج: ذهب والله عقل الرجل... سواء قتلت على هذا أو قتلت مجنوناً. خلّوا عنه. فكان الراوي وهو ابن عياش اسماعيل العنشي عالم الشام ومحدثها في عصره يقول: والله لقد كان طفيل بن حكيم من أعقل الناس وأدهاهم ولكنه أوهم الحجاج أنه قد ذهب عقله فأفلت من يده.

لقد كانت تلك الحادثة هي نموذجا لسجل البهاليل في التاريخ فكان تظاهرهم بالجنون تقية هو الملاذ من بطش الحكام والجبابرة والمتسلطين وقد عاش اكثر هؤلاء البهاليل ومنهم صاحبنا البهلول في الكوفة التي كانت مركز المعارضة للسلطة وكانت موطن البهاليل. ويدرك القارىء السبب الحقيقي لتبهلل هؤلاء في الكوفة، فالكوفة وعلى مدى تاريخها الطويل كانت معقل الثورات ضد السلطتين الاموية والعباسية وقد عاشت اقسى فتراتها في تلك الدولتين.



ويذكر لنا التاريخ ان الكثير ممن تسموا بهذا الاسم بهلول كانوا على جانب من العلم والزهد والفقه والحكمة نذكر منهم :

1 بهلول أبو تميم الذي كان محدثاً من رواة ابن بابويه القمي أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين القمي ت381_991م في كتابه من لا يحضره الفقيه.

2والبهلول بن حسان بن سنان التنوخي ت 204 وكان من اهل الانبار معروفاً بزهده وعلمه وكذلك سمي حفيده بهلول وهو ابن اسحق بن بهلول الانباري القاضي المحدث.

3وابو القاسم البهلول بن محمد بن احمد بن اسحق ت 380 هـ الموافق سنة م990 والذي كان قاضياً ايضاً وغيرهم.



وكان هذا الصنف من عقلاء المجانين حبيبًا إلى الناس يحبون أن يسمعوا حديثَه، ويتحروا أخباره. لانه يبني صورة متميزة تعبر عن طبيعة الحياة بما تشتمل عليهمن عقل، وجنون، وسفه، وحكمة، وطيش، وزرانة، فيقدموا مثلا يثير في النفس بواعث الشفقة، والإعجاب، ومظاهر التناقض، حيث الطرافة، والجدة، واللذةونقد للذات وللمجتمع والحكام والقيادات الدينية المتنفذه ....



تجارب شخصية

في احد ايام اربعينية الحسين قبل ما يقرب من ثلاثين عام اي اوائل الثمانينيات من القرن العشرين، كنت في مجلس عزاء حسيني لابن خال زوجتي ابو منذر السيد محسن السيد محمد الحكيم الحسيني الزيدي، وكان في المجلس مؤسس الحركة الاسلامية العراقية الحديثة الراحل الفقيه الشيخ القائد استاذي ومرشدي وابونا الحركي سماحة الشيخ عز الدين الجزائري دون ان نبدي اي تعارف بيننا وكأني لا اعرفه ولا يعرفني وكان بسيطا جدا بكل شيئ حتى تكاد عين الناظر تزدريه ... وعندما خرج قال لي ابو منذر: سيدنا هل تعرف هذا الابله الذي خرج تواً ؟؟

لم اجبه مباشرة وانما قلت له: من يكون هو؟؟

قال: هو رجل اقرب الى المجنون من الصاحي من الرجال؟

قلت له: وما اسمه واسم بيته؟؟

قال لي: يقال له شيخ عز الدين بن الشيخ محمد جواد الجزائري.

قلت له: والده من اشهر وانجب رجالات العراق وهو عالم مجتهد وقائد ثورة النجف، واسرته من اشرف اسر العراق وهم من بني اسد انصار اهل البيت... فلعلك لم تعرفه معرفة دقيقة فتصفه بالجنون.

قال لي: لا سيدنا انا اعرفه معرفة يقينيه وانه امخبل!!!

قلت في نفسي: يا سيد محسن بل انت المخبل وقد استطاع استاذنا ان يصور لكم نفسه بهذه الصورة لانكم لستم اهلا لحمل سره الحركي الاصلاحي وليخفي نفسه من فضول الناس وقالهم وقيلهم... رحمهما الله كلاهما فسيد محسن كان من خيرة الرجال ولكنه مؤمن بسيط لم يكن بمستوى تحمل الاسرار الحركية!!!

وهذه الممارسة هي ممارسة بهلولية قام بها الشيخ المرشد لئلا يكشف سره الساذجون فينتقل امره للظالمين!!!



وتجربة اخرى في اوائل الثمانينيات من القرن المنصرم وكنت غير مرتاح لمشكلة حصلت يومها، يوم نصحني في مرة من المرات اخي وحبيبي الشهيد السيد مهدي بن الامام الراحل السيد محسن الحكيم، فقال لي سيد ابو هاشم، اسمح لي ان اشخص لك مشكلتك الاساسية في حياتك السياسية والاجتماعية، قلت له تفضل يا ابو صالح، قل لي: انت ذكي اكثر من اللازم، مما يجعل الناس تتهيب في التعامل معك لانك تكشفهم من اول لحظة. اما تتذكر قول الشاعر:

ولما رأيت الجهل في الناس فاشياً ..... تجاهلت حتى ظن أني جاهلُ

فواعجباً! كم يدعي الفضل ناقص ووا أسفا! كم يظهر النقص فاضلُ



قلت له: سيد هل تريدني ان اتبهلل حتى يظن الناس اني ساذجا وبهلا؟؟؟ قال لي: كلا ولكنك ذكي واكيد فهمت مقصدي، فلا تظهر من فهمك الا حده الادنى... شكرته ووعدته خيرا لانه كان حريصا وصادقا فيما يفكر فيه وما يعلنه مع الاخرين....



لمحات من سيرة بهلول العطرة

عن مجالس المؤمنين، أن بهلولاً كان من أصحاب الاِمام الصادق عليه السلام وأنّه كان يستعمل التقية، وان الرشيد كان يسعى في قتل الاِمام الكاظم عليه السلام، ويحتال في ذلك، فأرسل إلى حملة الفتوى يستفتيهم في إباحة دمه متهماً أياه بارادة الخروج عليه، ومن الفقهاء يومذاك البهلول، فخاف من هذا واستشار الكاظم عليه السلام فأمره بإظهار الجنون ليسلم.

وفي روضات الجنات رواية اخرى لسبب تهلله وهي: ان الرشيد أراد منه ان يتولى القضاء، فأبى ذلك، وأراد أن يتخلص منه فاظهر الجنون، فلما أصبح تجانن وركب قصبة ودخل السوق وكان يقول: طرقوا خلوا الطريق لا يطأكم فرسي!!

فقال الناس: جن بهلول....

فقال هارون: ما جنّ ولكن فر بدينه منا...



وبقي على ذلك إلى أن مات، ويظهر من أخباره ومناظراته انّه كان من أهل الموالاة والتشيع لاَهل البيت عليه السلام عن بصيرة نافذة، وله كلمات حسنة ومواعظ بليغة



وتذكر المصادر ان البهلول كان يعقل ويحسن التصرف مدة ربع قرن وفي هذه المدة كان صيرفياً يتعامل بالمال وأغلب الظن ان هذه المهنة قد ورثها عن ابيه، وقد عدّهُ الطوسي من اصحاب الامام الصادق عليه السلام اما سبب تظاهره بالجنون فقد ذكر السيد محسن الامين في ذلك مصدرين هما مجالس المؤمنين للمستوفي الذي يذكر ان الرشيد كان يسعى في قتل الامام الكاظم ع ويحتال في ذلك فأرسل الى حملة الفتوى يستفتيهم في أباحة دمه متهماً أياه بأرادة الخروج عليه ومنهم البهلول فخاف من هذا واستشار الكاظم فأمره بأظهار الجنون ليسلَم.

اما المصدر الثاني فهو روضات الجنات عن كتاب غرائب الاخبار للتستري وقد مرت الرواية انفا.
من أقوال البهلول: من كانت الآخرة أكبر همه، أتته الدنيا راغمة. ولزهده الشديد وتقواه نسبه بعض المؤلفين الى الصوفية بشكلها الرسمي المحدد رغم انه لم يكن منهم، بهذا المعنى الرسمي للتعريف وقد نسب ابن الجوزي الذي توفي عام 597هـ أي بعد اربعة قرون من وفاة البهلول البهلول الى الصوفية ولم ينسبه اليهم احد طوال هذه القرون الاربعة.



ورأينا بالموضوع ان البهلول من العارفين وهؤلاء تتداخل سيرهم مع المتصوفين في بعض الدوائر لذلك فنحن نرى لبهلول رضوان الله عليه مواقف مع متصوفة لا تدل على تطابقه الفكري والسلوكي معهم. ولكن ذلك يبعده عن خط معين او مجموعة معينة من الصوفية ولا يجعله بالضد من كل التوجه ذو المنحى الصوفي اذا ان منهم من يتعامل مع التصوف كطريق في التهذيب للوصول الى الله ويربط اصله باهل البيت عليهم السلام، لما فيه من ابعاد اسلامية واضحة. والبحث في موضوع الصلة بين التشيع والتصوف موضوع طويل يقودنا من جهة الى عدم الخلط الكامل بين الاسلوبين لكنه في الوقت نفسه يدعونا لملاحظة نقاط الالتقاء فيما بينهما او بكلمة اخرى التخادم الحركي والاجتماعي بينهما على صعيد الواقع.

وهناك روايات يرويها المتصوفة تجمعه مع رؤوس الصوفية فقد روى عبد السلام شقرون في روض الرياحين قصة للبهلول مع أبي بكر الشبلي الذي ولد سنة 247 ومع ملاحظة تاريخ وفاة البهلول سنة 190 او 192 ، ـمما يعني هناك ثمة خلل في هذه الرواية. ولكن التشابه بين منهج البهلول ومناهج واساليب المتصوفة تجعل البعض يعده منهم وما هو في حقيقة امره الا الا جعفريا متفقها زاهدا.



البهلول وابو حنيفة

تذكر لنا المصادر مناظرة البهلول مع أبي حنيفة في ثلاث مسائل. وهذه المناظرات تكشف العمق الفكري والفقهي عند البهلول.

روي في بعض الكتب إن البهلول أتى إلى المسجد يوماً وأبو حنيفة يقرّر للناس علومه، فقال في جملة كلامه: أن جعفر بن محمد الصادق عليه السلام تكلم في مسائل، ما يعجبني كلامه فيها:

الاُولى، يقول: إن الله سبحانه موجود، لكنه لا يُرى لا في الدنيا ولا في الآخرة، وهل يكون موجود لا يُرى؟ ما هذه إلاّ تناقض.

الثانية، إنّه قال: إنّ الشيطان يُعذب في النار مع أن الشيطان خُلق من النار، فكيف يعذب الشيء بما خلق منه ؟ !

الثالثة، إنه يقول: إن أفعال العباد مستندة إليهم مع أنّ الآيات دالة على أنّه تعالى فاعل كلّ شيء !

فلما سمعه بهلول أخذ مداةً وضرب بها رأسه وشجه بها، وصار الدم يسيل على وجهه ولحيته، فبادر إلى الخليفة يشكو من بهلول !!

فلما أحضر بهلول وسئل عن السبب ؟ قال للخليفة: إن هذا الرجل غلّط جعفر بن محمد عليهما السلام في ثلاث مسائل:

الاُولى: إن أبا حنيفة يزعم أن الاَفعال كلّها لا فاعل لها إلاّ الله، فهذه الشجة من الله تعالى، وما تقصيري ؟ !

الثانية: إنّه يقول: كلّ شيء موجود لا بدّ أن يُرى ؟! فهذا الوجع في رأسه موجود، مع أنّه لا يُرى ؟ !

الثالثة: إنه مخلوق من التراب، وهذه المداة من التراب، وهو يقول: إن الجنس لا يُعذب بجنسه، فكيف يتألم من هذه المداة ؟

فأعجب الخليفة كلامُه، وتخلّص بهلول من العقاب على شجة أبي حنيفة.



ولو اردنا التدقيق فلا نستطيع ان نعتبر ابا حنيفة هو الطرف الذي كان يخالف الامام الصادق لانه تلميذه ولا يعرف عن الامام النعمان رضي الله عنه الا ايمانه بالمنطق والعقل في التعامل مع الامور وتشيعه لاهل البيت وملاحقة الطغاة له لهذا السبب ومواقفه من الامام زيد بن علي ومن ثورة محمد ذو النفس الزكية معروفه. ورأينا ان هذه الحادثة حصلت بين البهلول وبعض اهل الكلام ولكن ألسنة الرواة نسبتها الى الفقيه الكبير ابي حنيفة لكي تعطي لها مزيدا من الاهمية او رغبة في تعميق الخلافات الطائفية.



البهلول وعبد الرحمن الكوفي

* قال بهلول لعبد الرحمن الكوفي: أسألك؟

فقال: اسأل.

قال: أي شيء السخاء؟

فقال الكوفي: البذل والعطاء.

قال بهلول: هذا السخاء في الدنيا، فما السخاء في الدين؟.

فقال: المسارعة إلى طاعة الله.

قال: أفيريدون منه الجزاء؟.

فقال: نعم، بالواحد عشرة.

قال: ليس هذا سخاء، هذه متاجرة ومرابحة.

فقال الكوفي: فما هو عندك يا بهلول؟.

قال: لا يطّلع على قلبك وأنت تريد منه شيئا بشيء.



دعوته لقيادة وامامة اهل البيت

حكى صاحب المجالس عن الشيخ الاَجل المتكلم محمد بن جرير بن رستم الطبري انّه روى في كتاب الايضاح أن البهلول كان ماراً في بعض أزقة البصرة فرأى جماعة يسرعون في المشي أمامه فقال لرجل منهم: هؤلاء البهائم الشاردون بلا راع إلى أين يذهبون ؟!

فقال له ذلك الرجل ممازحا: يطلبون الماء والكلأ !!

فقال له البهلول: كيف ذلك مع قلة الحمى والمنع الشديد، والله لقد كان العلف كثيراً رخيصاً ولكنهم أحرقوه بالنار، ثم أنشد هذه الاَبيات:

برئت إلى الله من ظالم ... لسبط النبي أبي القاسم

ودنت إلهي بحب الوصي ... وحب النبي أبي فاطم

وذلك حرز من النائبات ... ومن كل متهم غاشم

بهم أرتجي الفوز يوم المعاد ... وأنجو غداً من لظى ضارم



فلما سمعوا كلامه رجعوا إليه، وقالوا له: إنهم ذاهبون إلى مجلس والي البصرة محمد بن سليمان ابن عم الرشيد.

فقال: لاَي شيءٍ تذهبون إليه ؟

فقالوا: إن عمرو بن عطاء العدوي من أولاد عمر بن الخطاب، ومن علماء الزمان حضر مجلسه، ونريد تحقيق حاله ومعرفة مبلغ فضله وكماله، وإن كنت تذهب معنا لتناظره كان ذلك حسناً !

فقال لهم بهلول: ويلكم، مجادلة العاصي توجب زيادة جرأته على العصيان، ويمكن أن توقع أصحاب البصيرة في الشبهة، ولا شكّ في وجود الله تعالى، ولا شبهة في الحق ولا التباس، فإذا كنتم من أهل المعرفة تقنعون بما أخذتم من أهل العرفان.

فلما يئسوا منه ذهبوا إلى مجلس محمد بن سليمان، وحكوا له ما جرى لهم مع البهلول، فأمر غلمانه بإحضاره فأحضروه، فلما وصل إلى قرب دار محمد بن سليمان، قام عمرو بن عطاء العدوي واستأذن محمد بن سليمان في مناظرة بهلول؟ فإذن له.

فلما وصل بهلول إلى الدار قال: السلام على من اتبع الهدى وتجنب الضلالة والغوى.

فقال عمرو بن عطاء: السلام على المسلمين، إجلس يا بهلول.

فقال بهلول: قال مولاي جعفر بن محمد الصادق عليه السلام: الاِيمان عقد بالقلب، وقول باللسان، وعمل الجوارح والاَركان.

فقال العدوي: تقول ان إمامك الصادق! فيظهر من هذا انه في زمانه لم يكن صادق غيره ؟

فقال بهلول : هو كذلك ، ومع ذلك فهذا يجري عليك فإن سُميَّ أبا بكر الصديق، فهل في زمانه لم يكن صديق غيره ؟!

فقال العدوي: بلى، لم يكن غيره ؟

فقال بهلول: كلامك هذا ردٌ على الكتاب والسنة، أما الكتاب: فلأن الله تعالى جعل من آمن بالله ورسوله صدِّيقاً، فقال: والذين آمنوا بالله ورسُله أولئك هُمُ الصديقُون ، وأما السنة فلأن الرسول صلى الله عليه وآله قال لبعض أصحابه: إذا فعلت الخير كنتَ صدِّيقاً .

فقال العدوي: إن أبا بكر سمي صدِّيقاً لاَنه أول رجل صَدق الرسول صلى الله عليه واله.

فقال بهلول: مع أن الاَولوية ممنوعة، تخصيصه بذلك خطأ في اللغة، ورداً على الآية المذكورة ؟!

فترك العدوي هذه الجهة وجعل ينتقل معه من غصن إلى غصن إلى أن قال لبهلول: من إمامك ؟

قال: إمامي من أوجب الرسول صلى الله عليه وآله له على الخلق الولاء، وتكاملت فيه الخيرات، وتنزّه عن الاَخلاق الدنيات، ذلك إمامي وإمام البريات.

فقال له العدوي: ويلك إذاً لا ترى أن إمامك هارون الرشيد؟

فقال البهلول: أنت لاَي شيءٍ ترى أن أمير المؤمنين خال من هذه الصفات والمحامد، والله إني لا أظن إلا أنك عدو لاَمير المؤمنين، مخالف له في الباطن وتظهر الاعتقاد بخلافته، وأقسم بالله لو بلغه هذا الخبر لاَدبك تأديباً بليغاً.

فضحك عند ذلك محمد بن سليمان ! وقال لعمرو بن عطاء: والله لقد ضيعك بهلول، وجعلك لا شيءَ، وأوقعك في الورطة التي أردت أن توقعه فيها، وما أحسن بالاِنسان أن يبتعد عما لا يحسنه، وما أقبح به أن يدخل في شيءٍ يعلم أنه ليس من أهله، ثمّ أمر بعض غلمانه فأخذ بيد عمرو بن عطاء وأخرجه من المجلس !

وقال لبهلول: ما الفضل إلا فيك، وما العقل إلا عندك، والمجنون من سماك مجنوناً، يا بهلول، أخبرني: أيهما أفضل علي بن أبي طالب عليه السلام أو أبو بكر؟

فقال بهلول: أصلح الله الاَمير: إن علياً من النبي صلى الله عليه وآله كالصنو من الصنو، والعضد من الذراع، وأبو بكر ليس منه، ولا يوازيه في فضله إلا مثله، ولكل فاضل فضله !

ثم قال محمد بن سليمان لبهلول: أخبرني أولاد علي أحق بالخلافة أو أولاد العباس ؟

فرأى بهلول أن المقام حرج ! فسكت خوفاً من محمد !

فقال له محمد: لم لا تتكلم ؟

فقال بهلول: أين للمجانين قوة تمييز وتحقيق هذه الاَمور ؟!


قال له بعض النواصب من اعداء الله ورسوله واهل بيت رسوله: اشتم فاطمة واعطيك درهماً، فقال: بل أشتم عائشة واعطني نصف درهم.


ولنا على هذه الرواية تعليق ونقول ليس من تأديب مدرسة اهل البيت الاساءة الى امهات المؤمنين ومنهن امنا عائشة زوج رسول الله. وانما حسب ما تفيده الرواية ان احد النواصب ممن يكره فاطمة الزهراء البتول ويحب ام المؤمنين عائشة اراد ان يثير فتنة طائفية بين المسلمين فلقنه البهلول درسا قاسيا فقال له ما قال والا فالبهلول اعلى شأنا من ان يتطاول على عرض رسول الله بما عنده من علم وتقوى بل اراد ان يبين البهلول ان اعمال النواصب وسبهم وقتلهم لاهل البيت وشيعتهم هي التي تجرئ على الموقف السلبي من اشخاص لم يعلمنا ائمة اهل بيت النبوية على التعرض لهم.


شذرات من شعره


كان رحمه الله تعالى شاعراً حكيماً، وكاملاً في فنون الحكم والمعارف والآداب، وله كلمات حسنة وأشعار رائقة. يمكننا ان نلم بطرف من افكار وحكمة البهلول من خلال اشعاره . ونظرة ايها تجعلنا نتفهم العمق الروحي والفكري والاخلاقي الذي يختزنه البهلول. من أشعاره نورد المقاطع التالية:


يا خاطب الدنيا الى نفسه***تنحّ عن خطبتها تسلمِ


ان التي تخطب غدارةٌ***قريبة العرس الى المأتمِ


وله أيضاً:


دع الحرص على الدنيا***وفي العيش فلا تطمعُ


وما تجمع من مال***فما تدري لمن تجمع


فان الرزق مقسوم***وسوء الظن لا ينفع


فقير كل ذي حرص***غني كل من يقنع


وله أيضاً:


يا من تمتع بالدنيا وزينتها***ولا تنام عن اللذات عيناهُ


شغلت نفسك فيما لست تدركه***تقول لله ما ذا حين تلقاه



إن كنت تهواهم حقّاً بلا كذب ** فالزم جنونك في جدٍّ وفي لعب

إيّاك من أن يقولوا عاقل فطن ** فتبتلى بطويل الكدّ والنصب

مولاك يعلم ما تطويه من خُلق ** فما يضرّ بأن سبّوك بالكذب

ومن شعره في مدح أهل البيت عليهم السلام:

برئتُ إلى الله من ظالم ** لسبط النبيّ أبي القاسم

ودنت إلهي بحبّ الوصي ** وحبّ النبيّ أبي فاطم

وذلك حرز من النائبات ** ومن كلّ متّهم غاشم

بهم أرتجي الفوز يوم المعاد ** وأنجو غداً من لظى ضارم

وقال في الحكمة:

يا مَن تمتّع بالدنيا وزينتها ** ولا تنام عن اللذّات عيناه

شغلت نفسك فيما ليس تدركه ** تقول لله ماذا حين تلقاه

وقال:

توكّلتُ على الله ** وما أرجو سوى الله

وما الرزق من الناس ** بل الرزق من الله



قال لهارون الرشيد:

هب أن قد ملكت الأرض طرّاً ** ودان لك العباد فكان ماذا

أليس غداً مصيرك جوف قبر ** ويحثو عليك التراب هذا ثمّ هذا

رماه الأطفال مرة بحجارة فقال:

حَسبي اللهُ توكلت عليه

..................ونواصي الخلق طُرًا بيديه

ليس للهاربِ في مهربه

.................أبدًا من ورحـــــــــــــــــــــــه إلا إليه

رُب رام لي بأحجار الأذي

.................لم أجدْ بُدًا من العطف عليه!



لمحات من اجاباته ودلالاتها

ونقل أن جماعة من الظرفاء قالوا له: ورد في الأخبار أنه لو وزن إيمان الشيـخين بإيمان جميع الأمة لرجح ايمانهما على ايمان جميع الأمة, فقال بهلول على البديهة: إن كان هذا الخبر صحيحا فلا بد أن يكون الميزان غير مضبوط.



هذه الاجابة تتناسب مع الغلو في بعض اصحاب الرسول رضوان الله عليهم ورفعهم الى درجة لا يقبلها المنطق والعقل. وتماشيا مع اعلام السلطة الذي كان دائما يسعى الى التشكيك في درجة الامام علي واهل بيته في الامة



سمع بهلول رجلا يقول : أين الزاهدون في الدنيا الراغبون في الاخرة ؟

فقال له : يا هذا اقلب الكلام وضع يدك على من شئت.



مكانته العلمية

كان رحمه الله تعالى من علماء وفضلاء أهل الكوفة، وكان يُفتي على مذهب أهل البيت عليهم السلام، وللعلماء أقوال جميلة فيه.

قال العلامة الفقيه الرجالي الشيخ محيي الدين المامقاني رحمه الله تعالى: " إنّ مَن يفرّ بدينه، ويحرص على إيمانه، ويمتثلّ أمر إمام زمانه عليه أفضل الصلاة والسلام بالتجنّن بغية الحفظ على عقائده، ومع ذلك لا يفتأ من الدعاية للمذهب، ونشر فضائل أهل البيت، وإرشاد الناس لما فيه صلاح دينهم، وهو بعد ذلك لا تصدر منه أيّ منقصة، لجدير بعدّه من أوثق الثقات، ومن نوادر الرجال، فالرجل عندي ثقة جليل. "



وكان البهلول على صلة وثيقة بالمحدثين والقراء ومنهم عمرو بن دينار ومحمد بن اسماعيل الكوفي وضمن انتمائه لمدرسة ائمة اهل البيت.



كما يعرف الجميع ان للبهلول الكثير من النوادر التي تعبر عن مجمل محتواه العقائدي والفكري والاخلاقي ولكن نسبت إليه كذلك نوادر لا تنسجم ونوادره التي هي نقد هادف وفكر صاف وخلق رفيع نابعة من الذكاء، لذلك فنحن نتحفظ على نوادر نسبت اليه أحياناً بها الهجاء والفحش وما لا ينسجم مع الانتماء الاسلامي الاصيل.



مواقف ودلالات

* مر بقوم وهم تحت شجرة عالية مستظلين بها فقال بعضهم: تعالوا نسخر من البهلول، فقال احدهم له: يا بهلول اتصعد هذه الشجرة وتأخذ من الدراهم عشرة؟ فقال نعم، فأعطوه الدراهم فصرّها في كمّه ثم قال لهم: آتوني بسلم، فقالوا: لم يكن سلم في شرطنا، فقال: كان في شرطي دون شرطكم، واخذ الدراهم ومضى.



* ان قوما رأوه في بعض المقابر وقد ادلى رجليه في قبر وهو يلعب بالتراب فقيل له: ما تصنع هنا؟ قال: اجالس قوماً لا يؤذونني وان غبت لا يغتابونني،



* كان منظر بُهلول، وحركاته، وسكناته، وتصرفاته مما يغري الأطفال بالضحك عليه، والسخرية منه والصياح وراءه، ورميه بالحجارة، ومع هذا فإنه لم يكن يخرج عن طوره، بل يقابل كل ذلك بهدوء، وعطف!

ازاء ذلك قال من يدعي انه عاقلٌ لبُهلول: تناول الحجارة، وارمِ الأطفالَ كما يرمونكَ!

فقال له بُهلول: مَهْ يا مجنون، إني إن فعلتُ شيئًا من هذا رجعوا إلى آبائهم، فقالوا لهم: هذا المجنون بدأ يحرك يديه، فيجب أن تُغل، وتُقيّد يداه.

فلا يكفيني ما ألقاه من الأطفال، بل يقيدني الرجال!



* وكان بهلول يحرص على عدم أذية الآخرين، ولو كان في ذلك أذية جسمه، ويرجو أن يدعو له الآخرون بسبب ذلك بعد موته، قال عمر بن جابر الكوفي: "مر بهلول بصبيان كِبار، فجعلوا يضربونه، فدنوت منه فقلت: لم لا تشكوهم لآبائهم؟ فقال لي: اسكت، فلعلي إذا متّ يذكرون هذا الفرح فيقولون: رحم الله ذلك المجنون".

* وروي انه كان يوماً جالساً والصبيان يؤذونه وهو يقول: "لا حول ولا قوة إلا بالله" يعيده مراراً. فلما طال أذاهم له أخذ عصاه وقال: "حمي الوطيس وطابت الحرب وأنا على بينة من ربي" ثم حمل عليهم وهو يردد قول الشاعر الصحابي العباس بن مرداس السلميرضي الله عنه في قوله:

أشد على الكتيبة, لا أبالي

أفيها كان حتفي, أم سواها

ولي نَفْسٌ تَتُوقُ إلى المعالي

ستتلف, أو أبلغها مناها

فيفزع الصبيان ويتساقطوا بعضهم على بعض. ويتهاربوا، فقال: هزم القوم وولوا الدبر. أمرنا أمير المؤمنين رحمه الله تعالى ألا نتبع مولياً ولا نجهز على جريح. ثم رجع وجلس وطرح عصاه وقال:

فالقت عصاها واستقر بها النوى

كما قر عيناً بالإياب المسافر



* رُوي أن الخليفة هارون خرجَ إلى الحجِ، فمرّ بالكوفة، فرأى بُهلولًا يعدو على قصبة، وخلفه الصبيان، فقال الرشيد:

كنت أشتهي أن أراه وحده، فادعوه دون أن تروّعوه أو تخوفوه، فلما حضر بين يديه قال له:

يا بهلول، كنت إليك مشتاقًا!

بهلول: لكني لم أشتق إليك.

الرشيد: عِظني..

بهلول: وبمَ أعظك؟ هذه قصورهم، وهذه قبورهم.

الرشيد: زدني...

بُهلول: من أعطاه اللهُ مالًا، وجمالًا، فعف في جماله، وواسى في ماله، كتب في ديوان الأبرار.

الرشيد: قد أمرنا بسداد ديونك إن كانت.

بُهلول: لا، إنه لا يُقضى دين بدينٍ، اردد الحقَ إلى أهله، واقض دين نفسك.

الرشيد: ألك حاجة؟

بهلول: أنا وأنت عيال الله، فمحال أن يذكرك وينساني!

ثم ركب! قصبته، وجرى



* وروي أن رجلاً وقف على بهلول فقال له: تعرفني؟ فقال بهلول: أي والله، وأنسبك نسبة الكمأة، لا أصل ثابت ولا فرع نابت.



* وروي انه دعا الرشيد بهلولاً ليضحك منه، فلما دخل دعا له بمائدة فقدم عليها خبز وحده، فولى بهلول هارباً، فقال له إلى أين؟ قال: أجيئكم يوم الأضحى، فعسى أن يكون عندكم لحم.



* وروي عن بهلول أنه رمى رجلاً فشجه، فقدم إلى الوالي فقال له: لم رميت هذا؟ قال ما رميته ولكنه دخل تحت رميتي. وفي هذه الكلمة او الحكمة اشارة الى ان الطغاة يؤذون الناس ويعللون ذلك ان بسبب خطأ الناس وليس خطأ الظالم!



* وري عنه أنه قال يوماً: أنا والله اشتهي فالوذج وهو نوع من الحلوى والسرقين وهو روث البقر. فقالوا والله لنبصرنه كيف يأكل. فاشتروا له الفالوذج وأحضروا السرقين. فأقبل على الفالوذج واكتسحه، وترك السرقين. فقالوا له: لم تركت هذا؟ قال: أقول لكم أنا والله يقع لي أنه مسموم، من شاء أن يأكل ربع رطل حتى آكل أنا الباقي.

وفي هذه القصة يسعى البهلول الى كشف احد وسائل الحكومة في تصفية خصومها وهو الاغتيال بالسم.



* وروي أن بعضهم قال: مررت يوماً ببهلول وهو يأكل خبز الفرن مع دجاجة، فقلت له: يا بهلول: أطعمني مما تأكل، فقال: ليس هذا لي وحياتك هذا دفعته إلي أم جعفر آكله لها.



* ومن نماذج نقده القاسي للسلطة الحاكمة ما روي إنه حج موسى بن عيسى الهاشمي وهو امير عباسي وبهلول معه.

فأقبل موسى يدعو عند البيت ويتضرع

وبهلول يقول: لا لبيك ولا سعديك!

فقال له العباس بن موسى: ويلك تقول هذا القول للأمير في مثل هذا الموقف؟

قال بهلول: أقول له ما أعلم أن الله يقول له.



* واراد الرشيد يوماً أن يختبره فقال له: من أحب الناس إليك؟

فقال من أشبع بطني.

فقال الرشيد: أنا أشبعك فهل تحبني؟

قال: الحب بالنسيئة لا يكون.



* ومما قيل لبهلول. ما تقول في رجل مات وخلف أماً وزوجة وبنتاً ولم يترك شيئاً؟ فقال: للأم الثكل وللأبنة اليتم وللزوجة خراب البيت وما بقي للعصبة.



* ووقف رجل على بهلول وقال: قد وقعت أنت يا بهلول هاهنا والأمير يعطي المجانين كل واحد درهمين. فقال بهلول: فاعرض علي درهميك.



* وروي أن رجلاً صفعه وكان قد أرضعت ذلك الرجل امرأة يقال لها مجيبة وكانت رعناء. فقال بهلول: كيف لا تكون أرعن وقد أرضعتك مجيبة؟ فوالله لقد كانت تزق لي الفرخ فأرى الرعونة في طيرانه.



* ومما يروى من نوادر بهلول انتقاد الأوضاع السياسية والاجتماعية، أنه قيل لبهلول عد لنا مجانين البصرة، قال: هذا يكثر ويبعد جداً ولكن إذا أردتم عددت لكم عقلاءهم.

وقد تكون لغيره فهو ليس من اهل البصرة والاجدر ان السؤال كان متعلقا بالكوفة او بغداد.



*من الحكايات المتداولة بين الناس أن هرون الرشيد كان ذات يوم على سفر في سفينة وكان معه بهلول. وقد ذهب بهلول واحتضن الدقل السارية وصار يكلمه. فجاءه الرشيد وسأله: أراك تكلم نفسك، ماذا كنت تقول؟

فقال بهلول: والله ما كنت أكلم نفسي بل كنت اكلم الدقل.

فسأله الرشيد: وما قلت له؟

فقال بهلول: قلت له: أنت وحدك المستقيم في هذا المكان.

ولا يخفى النقد السياسي الكبير الذي تتضمنه هذه الطريفة عندما يقول بهلول لهارون انه لم يعد هناك من هو عادل ومستقيم غير هذا الخشب الجماد.



* وقيل أن بهلولاً دخل ديوان الرشيد وجلس على عرشه فهجم عليه الوزراء والحجاب وجميع الحاضرين وضربوه ضربا شديدا وبكل ما وصلت أيديهم إليه حتى أزاحوه عن العرش. فصار بهلول يبكي حتى جاء الرشيد وسأله: ما لبهلول يبكي؟ هل من حاجة نقضيها له؟

فأجابه الحاضرون: ضربناه ضربا مبرحا لأنه جلس على عرشك.

فعاتبهم الرشيد وطيب خاطره ورجاه ألا يبكي.

فقال له بهلول: أنا لا أبكي من الضرب ولكني أبكي عليك.

فقال الرشيد: ولماذا؟

قال له: انا جلست على عرشك برهة وجيزة فضربت هذا الضرب فكيف بك وقد جلست هذه المدة الطويلة؟



* ومن قصصه ذات المعاني الكبيرة وقد حكتها لي امي وجدتي عدة مرات وهي، أن بعض التجار نوى حج بيت الله الحرام في مكة المكرمة فاستأمن القاضي بعض الدنانير الذهبية. ولما عاد التاجر من الحج أدعى القاضي أن الأمانة أكلتها الفئران. فأخذ التاجر يبكي ويلطم على رأسه ومر به بهلول فعرف أمره فقال له: لاتبك سوف أعيدها لك غداً. ذهب بهلول إلى هارون الرشيد وصار يعاتبه ويقول له: لقد وليت فلاناً الإمارة الفلانية وفلاناً الإمارة الفلانية وانا لم تولني اي شيئ.

فسأله الرشيد: وأنت، ماذا تريد؟

فقال: أريد إمارة الفئران!!

فقال الرشيد ضاحكا: أعطوه إمارة الفئران!!

قال بهلول: بل أريد أن تصدر مرسوماً بذلك وتعطيني حصاناً وحرساً وجوقة موسيقية وعدد من العمال يقومون بمهام عملي.

فأمر له بما أراد. وخرج بهلول على فرسه والجوقة تعزف وراءه وأمامه وتبعه الصبيان وضحك الناس لما عرفوا أمر هذه الإمارة. ووصل بهلول بيت القاضي وأمر عماله أن يحفروا تحت جدار البيت. فخرج القاضي وسأله ماذا تعمل يا بهلول؟

فقال بهلول للقاضي: يا حضرة القاضي اقرأ مرسوم الخليفة فقد اصبحت امير الفئران وقد بلغني أن الفئران في بيتك اكلت دينارا من الذهب يعود لي ومن ثم ان هذه الفئران السارقة اللئيمة دخلت تحت جداران بيتك. وإني أريد أن القي القبض عليه واستحصل ديناري منها ولا يتم ذلك الا بهدم بيتك. وشرع العمال بضرب الجدار لهدمه...



بهلول يناقش القاضي

فسأله القاضي: يا بهلول، كيف تأكل الفئران دينار الذهب؟!!

فأجابه بهلول: عجيب ألم تخبر التاجر يوم امس ان الفئران في بيتك اكلت امانته وهي دنانير الذهب التي اودعها عندك؟ فأما أن تعيدها إليه وإما إن أهدم دارك.

ادرك القاضي المحتال الدجال ان حيلته قد انكشفت وانه ان لم يرجع الامانة فان بيته سيهدم وهو اكثر قيمة من قيمة الامانة وانه لا طاقة له بمواجهة بهلول فأعاد الامانة الى صاحبها رغما عن انفه القاضي، واما بهلول فرجع للرشيد وقال له: لا شأن لي باماراتكم حتى لو كانت على الفئران!!!



بهلول وخلق القرآن

* وما روي عن موقف لبهلول مع الخليفة الواثق العباسي، ما رواه نعيم الخشاب: كتب بهلول الى الواثق الخليفة العباسي: أما بعد، فإن المراء قد لعب بدينك، والاهواء قد أحاطت بك، ومقالات أهل البدع قد سلخت عنك عقلك، وابن أبي دؤاد المشؤوم قد بدل عليك كلام ربك اقرأ:

فاخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى الى قوله فاعبدني، أيكون هذا كلاما مخلوقا؟ فرماك الله بحجارة من سجيل مسمومة عند ربك وما هو من الظالمين ببعيد. ثم كتب عنوانه: من الخائف الذليل الى المخالف لكلام ربه تعالى.



ومما روي عن موقف بهلول من ابن أبي دؤاد، قال سالم بن عطية: كتب بهلول الى ابن أبي دؤاد.

أما بعد فإنك قد ميزت كلام الله من الله، وزعمت أنه مخلوق، فإن يك ما ذكرت باطلا فرماك الله بقارعة من عنده، ويلك أكنت معه حين كلم موسى؟! فإن كنت رادا عليه فاقرأ: عليها غبرة ترهقها قترة اولئك هم الكفرة الفجرة.

ثم كتب عنوانه: من الصادق المتواضع الى الكاذب المتجبر .



* وموقف بهلول من الخلعي، قال عبد الرحمان الهاشمي: لما ولي الخلعي على شرطة بغداد: وكان يرى برأي ابن أبي دؤاد كتب إليه بهلول:

أما بعد، فإن السماء بأكنافها ونور كواكبها وضياء شمسها وقمرها وصفوف ملائكتها والعرش والملائكة المقربين، وافحجب المزدلفة بقدرة خالقها، والنار وزبانيتها، والجنة وسندسها، والارضين وجبالها، والجبال وكهوفها، والحيتان في بحارها، والوحش في قفارها، والجن في أقطارها، والطير في أوكارها، والسباع في وجارها والاشجار
وثمارها يسبحون له في الغدو والاصال.



وانا اشكك في هذه الروايات فالبهلول ملتزم بمواقف اهل البيت في فتنة خلق القرآن التي اشغل بعض من خلفاء بني العباس الامة بها وواجههم من طرف الاخر الامام احمد بن حنبل واتباعه الحنابلة، وموقف اهل البيت هو التأكيد على ضرورة عدم الدخول بهذه الفتنة ولعل هذه الرواية مما اراد الحنابلة وضعها على فمه ... والله العالم.



بهلول والتافه المغرور

* كان البهلول يمشي يوماً في أزقّة بغداد، فلقيه رجل تاجر، فقال لبهلول: أريد استشارتك في أمر التجارة .

قال بهلول : وما الذي عدل بك عن العقلاء حتى اخترتني دونهم ؟

ثم قال: حسنًا، ما الذي أردت استشارتي فيه ؟

فقال التاجر: إني أعمل في التجارة، وأريد شراء متاعٍ أخزنه ثم أبيعه لمن يدفع لي فيه ثمناً باهظاً.

بهلول: إنْ أردتَ الربح في تجارتك فاشتر حديداً وفحماً.

شكره التاجر على ذلك وانطلق إلى السوق، فاشترى حديداً وفحماً وأودعهما في المخزن لمدّة من الزمن، وما هي الا اشهر الا وارتفع سعرهما فباعهما وربح ربحاً كثيراً.

ولكنَّ هذه الثروة أثّرت على سلوك التاجر اغترَّ بنفسه غروراً شديداً، وذات يوم مرَّ التاجر ببهلول، متعاليا عليه وساخرا منه وقال: أيها المجنون، ما الذي أشتري وأحتكر ليعود عليّ الربح ؟

ضحك البهلول وقال: عليك بالثوم والبصل

انتفش التاجر مثل الطاووس وقال بغرور: عليك أن تفتخر بمشورة تاجر مثلي إياك . لم يجبه بهلول بشيء حتى انصرف.

وذهب التاجر للسوق واشترى الكثير الكثير من الثوم والبصل بكلَّ ما يملك من أموال، وخزنهما وبعد أشهر جاء التاجر وفتح أبوب المخزن فوجد الثوم قد نتن والبصل قد تعفّن، حينها ضرب التاجر على ام رأسه وصاح يا للخيبة من سيشتري بضاعتي هذه المرّة ؟!!

وذهب الى بهلول منكسرا مفلسا خاسرا معاتبا وقال له: لم فعلت هذا بي؟؟.

اجابه البهلول: لقد استشرتني أولاً فخاطبتني بخطاب العقلاء فأشرتُ عليك بما يشيرون، لكنّك لمّا استشرتني ثانياً خاطبتني بخطاب المجانين فأشرتُ عليك بمشورتهم، فلا تستخف يا هذا بالناس.



موعظة بهلول لهارون العباسي

*يروَى أن البهلول قال للرشيد واعظا: يا أمير المؤمنين، كيف لو أقامك الله بين يديه فسألك عن النقير والفتيل والقطمير؟. فخنقت العبرة الرشيد،

فقال الحاجب: حسبك يا بهلول، قد أوجعت أمير المؤمنين.

فقال الرشيد: دعه.

فقال بهلول: إنما أفسده أنت وأضرابك.

فقال الرشيد: أريد أن أصلك بصلة.

فقال بهلول: ردها على من أُخذت منه.

فقال الرشيد: فحاجة.

قال: ألا تراني ولا أراك.



التناصح بين العرفاء

* سعدون المجنون، ويقال إن اسمه سعيد، وكنيته أبو عطاء، ولقبه سعدون، وكان من أهل البصرة، وتوفي بعد سنة 250هـ كان ملتجأ للناس، يطلبون منه أن يستسقي لهم، فينزل المطر للتو بعد دعائه. وله مقام رفيع عن اهل السلوك والتصوف والزهد. يقال انه زار سعدون بهلولا، فأخذا يتواصيان، يقول سعدون لبهلول: أوصني وإلا أوصيك.

فناداه بهلول: أوصني يا أخي.

فقال سعدون: أوصيك بحفظ نفسك، فإن هذه الدنيا ليست لك بدار.

قال: بهلول أنا أوصيك يا أخي.

فقال: قل.

فقال: اجعل جوارحك مطيتك، واحمل عليها زاد معرفتك، فإن ذكّرتك ثقل الحمل فذكّرها عاقبة البلوغ. المجنون من عرفه ثم عصاه.



البهلول يغير حكما لصالح مظلوم

قصت لي جدتي وقصت لي كذلك امي قبل اكثر من نصف قرن قصة كان بطلها بهلول وانا انقل ما في ذاكرتي عنها ومفاد القصة انه تراهن شابين في ليلة باردة على ان من يبقى داخل الماء (النهر) مدة اطول يكسب الرهان. .. دخل الاول فترة وخرج وعند دخول الثاني قامت امه باشعال النار على جانب النهر لخوفها على ولدها من البرد ومصادفة بقى هذا المتراهن اطول فتره في الماء البارد.

احتج على اثرها خصمه بان الفوز كان بسبب النار التي اشعلتها امه ذهبا على اثرها الى هارون الرشيد فحكم للمحتج واوعز طول البقاء في الماءالى النار، مما حدى بالشخص الفائز الحقيقي المظلوم الى الذهاب الى البهلول وشرح له الرهان وما فعلته الوالده.

دعى البهلول الرشيد مادبة غداء فوافق الرشيد على الحضور. ولنرى ما فعله بهلول جاء بقدر ووضع فيه لحم وعلقه عاليا بين جذعي نخلتين واشعل تحته النار من الارض وعندما جاء الرشيد طال به الانتظار كثيرا واخذ منه الجوع اكثر، وكلما سأل البهلول عن الغداء يقول له: على النار ، الا ان نفذ صبر الرشيد وطلب منه مشاهدة الطعام والنار.

فاذا به يجد القدر معلق والنار مشتعله على الارض فقال الرشيد: ان هذا الطعام لاستوي ابدا يا بهلول!!!

فقال له البهلول: اذن كيف اصبحت النار التي اوقدتها الام المشتعله على جانب النهر قادرة على تدفئة ولدها وهو في النهر وقد حكمت ضده فسحب الرشيد الحكم وجعله لصالح ابن المرأة واصبح هذا مثلا يتداوله الناس الى يومنا هذا فيقولون مثل جدر البهلول.



البهلول واهل القبور

أخبر السقطي قال: دخلت المقابر فرأيت بهلول المجنون قد أدلى رجليه في قبر محفور وهو يلعب بالتراب..

فقلت: ما تصنع ههنا ..

قال: أنا عند قوم لايؤذون جيرانهم وان غبت عنهم لايغتابوني..

فقلت : أجائع أنت قال لا والله ..

قلت: له ان الخبز قد غلا ..

فقال : لا أبالي علينا أن نعبده كما أمرنا وعليه أن يرزقنا كما وعدنا



ترفع بهلول عن ملابس الخليفة

كان هارون الرشيد يبث عيونه وجواسيسه في المجتمع ليأتوه بأخبار مخالفيه وليكون على علم من عقائدهم ومذاهبهم .

وذات يوم وشي ببهلول إليه بأنه من أتباع ومحبي الإمام موسى الكاظم عليه السلام.

وحيث أن هارون الرشيد كان على حذرٍ شديد من الإمام الكاظم عليه السلام، وأنه كان يسعى دائماً لمعرفة شيعته ومحبيه للقضاء عليهم ، ولما جاءه الخبر بأن بهلولاً، من شيعة الإمام قرر إحضاره وإنزال العقوبة به ليكون عبرة للآخرين.

ولما أحضر بهلول إلى القصر، وقف أمام هارون - الذي كان الغضب مستولياًعليه فقال له هارون : سمعت بأنك من شيعة ومحبي موسى بن جعفر وأنك تسعى في خلافي .

سكت بهلول ولم يتكلم بشيء ، وكان هذا السكوت مؤذياً لهارون ومثيرا لغضبه أكثر، قال هارون : تظاهرت بالجنون لتفر عن عقوبتنا لكني لست بتاركك .

قال بهلول: ما كنت تفعل إن كنت صادقاً فيما تقول ؟

كان هارون يتوقع من بهلول أنه بعد التهديد يقول شيئاً يظهر به تبرئه من الإمام الكاظم عليه السلام، لكنه فوجئ بما سمعه من بهلول، وصمم هذه المرة إنزال العقوبة ببهلول. ولكن انزال العقوبة ببهلول ليس بالامر السهل على سمعة الحكومة فمن جهة كان بهلول من أرحام الخليفة هارون من جهة اخرى فأنه قد أشتهر بين الناس بالجنون .

وعليه، أخذ هارون يفكر في طريقة للعقوبة تتناسب مع اشتهار بهلول بالجنون. فأمر هارون ان تخلع ملابس بهلول وألابسه سرجا للخيل وان يوضع لجام على فمه ، وان يدار به في المدينة. ولما انجزوا المهمة واعادوا ببهلول إلى القصر وكان وزير هارون في القصر ، وحيث أن الوزير لم يكن يعلم بخبر بهلول ولماذا يفعلون به هذا، سأل متعجبا: ماذا فعل بهلول؟!.

لم يجبه احد بشيء ، قام هارون من كرسيه ونفض ردائه بغرور ثم وقف أمام بهلول وقال له: الم تسمع ماقال وزيرنا، أجبه إذن.

التفت بهلول إلى الوزير بكل وقارٍ وسكينةٍ ولم يبدو على وجهه آثار الإنفعال من الخليفة ، ثم قال: دعاني أمير المؤمنين وسأل مني شيئاً فأجبته جواب الحق، فخلع أمير المؤمنين لأجل ذلك ملابسه الغالية وأهداها إلي .

تغير المجلس وانقلب راسا على عقب وتغيرت اغلمعادلة انقلب الضحك على تصرفات الخليفة وبمهارة وذكاء بهلول.

اراد هارون ان يسيطر على الموقف أمر هارون بخلع ما على بهلول من السراج واللجام ، وامر بإحضار خياطه الخاص ، وقال له : أهد إليه أفضل ما خطته لي من الملابس .

فاجأ بهلول القوم بموقف رسالي رائد اخر عندما قال للحاكم في مجلسه لا حاجة لي بملابس الخليفة .ثم لبس ملابسه البالية وخرج من القصر



دعوة للتفكير

لم يرق لبهلول الضياع الذي يعيشه الكثيرون من ابناء الامة فاراد ان يحرك ذهنهم من خلال اسألة بسيطة وتبدو ساذجة وغبية للوهلة الاولى. ارتقى بهلول يوما منبر الخطابة حيث اجتمع حوله خلق كثير, و قال: ايها الناس, هل تعلمون ما الذي اريد ان اكلمكم به؟

اجابوه جميعا بصوت واحد: كلا, لا نعلم ذلك.

قال بهلول: ماذا اقول لكم و انتم لا تعلمون؟ ثم نزل و انصرف.

وفي اليوم التالي ارتقى المنبر و قال: هل تعلمون ما الذي اريد ان اكلمكم به؟

اراد الحاضرون الا يجيبوه بجواب اليوم الاول, فقالوا: نعم, نعلم ماذا تريد ان تقول. فقال لهم: ان كنتم تعلمون ذلك, فما الحاجة الى قولي, و ماذا اقول لكم؟ فنزل وانصرف.

وفي اليوم الثا

**************************************************


البهلول...عارف في ديار الجاهلين Images?q=tbn:ANd9GcTTlFi_J7m_goy_4fG8y3oItWmmq8SrzgREY8U98e6PX8Emr0G0&s


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
دكتور
عضومتقدم
دكتور


رقم العضوية : 24
الجنس : ذكر
تاريخ التسجيل : 03/10/2009
عدد المساهمات : 1804
نقاط : 3126
الاوسمة : البهلول...عارف في ديار الجاهلين Images?q=tbn:ANd9GcQX5O78Koftw7nOa1PO3ggxttRFFiGOpSwHUbcCV2iAiPOsQHxW4w



البهلول...عارف في ديار الجاهلين Empty
مُساهمةموضوع: رد: البهلول...عارف في ديار الجاهلين   البهلول...عارف في ديار الجاهلين Emptyالسبت 10 أغسطس - 7:56

البهلول...عارف في ديار الجاهلين Down

**************************************************
البهلول...عارف في ديار الجاهلين Images?q=tbn:ANd9GcQqQVA-teGQEvSw49e7hzZmbc3cTLD65r0Q6O-m5gaB4H042Ppv
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
علي
عضومتقدم
علي


رقم العضوية : 10
الجنس : ذكر
تاريخ التسجيل : 14/07/2009
عدد المساهمات : 4339
نقاط : 6974

البهلول...عارف في ديار الجاهلين Empty
مُساهمةموضوع: رد: البهلول...عارف في ديار الجاهلين   البهلول...عارف في ديار الجاهلين Emptyالجمعة 27 ديسمبر - 18:58

البهلول...عارف في ديار الجاهلين 288248_1329071547

**************************************************


البهلول...عارف في ديار الجاهلين Images?q=tbn:ANd9GcTTlFi_J7m_goy_4fG8y3oItWmmq8SrzgREY8U98e6PX8Emr0G0&s


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
فيصل الكناني
عضومتقدم
فيصل الكناني


علم الدولة : البهلول...عارف في ديار الجاهلين 123
رقم العضوية : 21
الجنس : ذكر
تاريخ التسجيل : 20/09/2008
الحمل
الفأر
عدد المساهمات : 12754
نقاط : 24490
تاريخ الميلاد : 07/04/1960
العمر : 64
الموقع : العراق
العمل/الترفيه : سأل الممكن المستحيل : أين تقيم ؟ فأجابه في أحلام العاجز
الجنسية : عراقية
المزاج : من يحب الشجرة يحب أغصانها
الاوسمة : البهلول...عارف في ديار الجاهلين Images?q=tbn:ANd9GcThSl-_Rum7XuoKxSOAArejMDJAccaRSjGpDMi0OqnxY-DteGVn

البهلول...عارف في ديار الجاهلين Images?q=tbn:ANd9GcTIKATErlQKHQqIIqh18OzqOgHKzo1O_Osqosqg4sD2nxLs1fPm

البهلول...عارف في ديار الجاهلين Empty
مُساهمةموضوع: رد: البهلول...عارف في ديار الجاهلين   البهلول...عارف في ديار الجاهلين Emptyالجمعة 5 مارس - 19:30

ألف شكر لكَ على هذا الموضوع المميز و المعلومات القيمة
إنـجاز أكثر رائــــــع

**************************************************



البهلول...عارف في ديار الجاهلين %25D8%25B5%25D9%2588%25D8%25B1%2B%25D8%25A7%25D8%25B3%25D9%2584%25D8%25A7%25D9%2585%25D9%258A%25D8%25A9%2B%25D9%2585%25D8%25AA%25D8%25AD%25D8%25B1%25D9%2583%25D8%25A9%2B-%2B%25D8%25A7%25D9%258A%25D8%25A7%25D8%25AA%2B%25D9%2582%25D8%25B1%25D8%25A2%25D9%2586%25D9%258A%25D8%25A9%2B%25D9%2585%25D8%25AA%25D8%25AD%25D8%25B1%25D9%2583%25D9%2587%2B%25D8%25AC%25D8%25AF%25D9%258A%25D8%25AF%25D8%25A9%2B-%2B%25D8%25B5%25D9%2588%25D8%25B1%2B%25D8%25AF%25D9%258A%25D9%2586%25D9%258A%25D9%2587%2B%25D9%2585%25D8%25AA%25D8%25AD%25D8%25B1%25D9%2583%25D9%2587%2B%25D8%25B1%25D9%2588%25D8%25B9%25D9%2587%2B-%2B%25D9%2585%25D8%25AF%25D9%2588%25D9%2586%25D8%25A9%2B%25D8%25A8%25D8%25B5%25D9%2585%25D8%25A9%2B%25D9%2586%25D8%25AC%25D8%25A7%25D8%25AD

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
البهلول...عارف في ديار الجاهلين
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» كيف نجمع بين الإصرار على تبليغ الدعوة وبين الإعراض عن الجاهلين
» البهلول
»  قصة البهلول ابو وهب
» من قصص البهلول
» البهلول وصاحب الدار

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات العرب  :: منتدى التاريخ العام-
انتقل الى: