الغرق في المظاهر والوهم
لم أدرك قط حجم الوهم والخديعة التي نعيشها في مجتمعنا حتى أتيت إلى أمريكا وجردت عقلي للتفكير بعيداً عن تأثيرات مجتمعنا وضغوطه..
تقول إحدى الأمريكيات التي أعرفها وهي دكتورة في الجامعة كم يثير قرفي تلك الماركات التي تستنزف أموال الناس السذج.. تثير شفقتي أي امرأة تلهث خلف ذلك الوهم) هذا ليس رأيها الخاص إنها تجسد نظرة المجتمع التي أتت منه وقد سمعت قريباً من هذه العبارة من الكثير منهن ..
لقد رأيت كيف ينظرون إلينا إذا! فنحن "سذج " وبلهاء" لانعرف سوى المظاهر والماركات والأحاديث الفارغة ..
غارقون حد الثمالة في عالم المظاهر والوهم حتى أصبحنا مصدر سخرية الشعوب الأخرى ..
والمؤسف أن ذلك الوهم بدأ يسري في عالم الفتيات اللاتي يحسبن على الإستقامة!
حتى إنني بدأت أشعر بالغثيان حين أدخل شبكات التواصل الاجتماعية، فيزكم أنفي ذلك الزخم الهائل من المظاهر صور لماركات، أو هدايا، أو حفلات، أو طبخات ،لاشئ يدل على وجود عقول هنا إلا ماندر.
أصبحت حياتنا مظاهر مزيفة، ومجاراة، وسباق محموم في من يبذخ أكثر، ومن يشتري أكثر.. نقيم الآخرين من ذلك الأفق الضيق ففلانة ماشاء الله عليها شنطتها من تلك الماركة والأخرى ساعتها من تيك الماركة وهلم جرّا..
من المضحك المبكي أن يكون الشخص لدينا ملبسه أغلى وأثمن شئ فيه ..تفتش عن عقله فلاترى شيئاً..
رأيت بأم عيني كيف يستثمر الغرب في عقول أطفالهم يدفعون أموالاً طائلة في تعليم أبنائهم ،تربيتهم، تثقيفهم ،تنمية مهاراتهم، وتشجيع إبداعهم.
مكتباتهم ومراكز التعليم والثقافة لديهم لاعد لها ولاحصر لاتكاد تمشي بضعة أمتار إلا وتجد مجمعاً تعليمياً، أومكتبة عامة، أو مركزاً ثقافياً، أو مركزااجتماعياً للحي .
أما نحن فننافسهم ولافخر بكم هائل من المجمعات التجارية التي بدأت تتلاصق من كثرتها!
الفرق فقط أنهم يبنون عقولاً ونحن نصنع أشكالاً..يهتمون باللب ونحن نهتم بالقشور ..
عندما تتحدث مع أحدهم فستتفاجأ بالكم المعرفي الذي لديه! نقاشاتهم وأحاديثهم مثرية ومفيدة .. ومع ذلك فأنت فرصة لاتفوت بالنسبة لديه فلايدعك تذهب حتى ينهال عليك بأسئلة عن تخصصك، وبلدك ،ودينك ،وماذا قرأت، وماهي مهاراتك، وحتى أحياناً عن كلمات مثل شكراً وأهلاً باللغة العربية ..
شئ يثير الإعجاب حقاً فعقولهم لاتتوقف عن التعلم والتفكير..
إذاً هل نلوم أحداً إذاً!؟ إذاما استمرت مجتمعاتنا في تخلفها وضعفها؟
أم نعلنها حرباً ضروساً على عالم الوهم و المظاهر ؟ ونلتفت إلى الواقع فنشمر عن سواعدنا في استثمار عقولنا وعقول أبنائنا؟ يقول صلى الله عليه وسلم: ( إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم " . رواه مسلم .
ماكتبته غيض من فيض.. وفي النفس حاجات وفيكم فطانة..ولاأقول إلا أعاننا الله وإياكم أن نكون مفاتيح للخير مغاليق للشر..
منقول
**************************************************