محمد مهدي الجواهري
أي دبدبي تدبدبي أنا علي المغربي
أي طراطرا تطرطري تقدمي تأخري
تشيعي ، تسنني ، تهودي ، تنصري
تكردي ،تعربي ،تهاتري بالعنصرِ
تعممي تبرنطي ،تعقلي تسدري
كوني - إذا رمت العلا - من قُبُلٍ أو دُبُرِ
صالحة كصالح عامرة كالعمري
وأنت إن لم تجدي أبا حميد الأثر
ومفخرا من الجدود طيب المنحدر
ولم تري في النفس ما يغنيك أن تفتخري
شأن عصام قد كفته النفس شر مفخر
طوفي على الأعراب من بادٍ ومن محتضر
والتمسي منهم جدودا جددا وزوري
تزيدي تزبدي تعنـزي تشمري
تقلبي تقلب الدهر بشتى العبر
تصرفي كما تشائين ولا تعتذري
أي طرطرا إن كان شعب جاع أو خلق عري
أو أجمع الست الملايين على التذمر
أو كحم النساء حكم الغاصب المقتدر
أو صاح نهبا بالبلاد بائع ومشتري
أو نفذ المرسوم في محابر واسطر
أو أخذ البريء بالمجرم أخذ طرطر
أو دفع العراق للذل أو التدهور
فاحتكمي تحكمي وتحمدي وتؤجري
أي طرطرا تطرطري وهللي وكبري
وطبلي لكل ما يخزي الفتى وزمري
وسبحي بحمد مأفون وشكر أبتر
أعطي سمات فارع شمردل لبحتر
واغتصبي لضفدع سمات ليث قسور
وعطري قاذورة وبالمديح بخري
وصيري من جُعَل حديقة من زهر
وشبهي الظلام ظلما بالصباح المسفر
وألبسي الغبي والأحمق ثوب عبقر
وأفرغي على المخانيث دروع عنتر
إن قيل إن مجدهم مزيف فأنكري
أو قيل إن بطشهم من بطشة المستعمر
وإن هذا المستعير صولة الغضنفر
أهون من ذبابة في مستحم قذر
فهي تطير حرة جناحها لم يعر
أي طرطراً سيري نهجهم والأثر
واستقبلي يومك من يومهم واستدبري
وأجمعي أمرك من أمرهم تستكثري
كوني بغاثا واسلمي بالنفس ثم استنسري
-------قصه القصيده كما رواها الجواهري ----------
تبر قصيدة " طرطرا " المشهورة للشاعر العراقي الكبير الراحل محمد مهدي الجواهري واحدة من أفضل قصائد الهجاء السياسي والسخرية النقدية التي كتبت بلغة الضاد . و هذه القصيدة تحاكي في الوزن والقافية قصيدة من العهد العباسي تسمى " الدبدبية " . يروي الشاعر الجواهري قصة هذه القصيدة فيقول عن الأيام لتي كتبت فيها ( كان الجو السياسي – القصيدة نشرت في 26 آذار سنة 1946 لأول مرة – مملوءا بالنفاق والتزلف والخنوع لأصحاب المراتب العليا . وكان الركض وراء المناصب كبيرا . أما المعارضات فلم تكن بمستوى المسؤولية . وكان بعضها يترك مكانه لمجرد التلويح له بمقعد في المجلس " النيابي " أو في الوزارة . كانت بعض الأشياء أقرب إلى الابتذال ، لقد تعاون مصطفى العمري وصالح جبر على إغلاق جريدتي "الرأي العام " مما أثار حزنا عميقا لدي وحين زارني عبد الكريم الدجيلي وصديق آخر وجداني أخط بعض الأبيات بصورة ساخرة واستهزائية وبكلمات شعبية " طرطرة " توصيفا للسياسة وطرطور للسياسيين الملفقين ونبهاني (...) وحين نشرت القصيدة تهافت باعة الصحف على مقر " الرأي العام اضطر معه حراس المطبعة لغلق الأبواب ويقال أن بعض النسخ بيعت بدينار واحد أي ألف فلس في حين كان سعر الصحيفة بـ 10 فلوس آنذاك / الجواهري .. جدل الحياة والشعر ص198) .
**************************************************