ما هو التهاب البلعوم؟ هو التهاب في الحلق يحدث بسبب فيروس (حمة) أو بسبب جرثوم أو بأسباب أخرى، ويعتبر الأطفال الأكثر تعرضاً للإصابة به وكثيراً ما يؤدي لحدوث مضاعفات لديهم ولكنه ليس حكراً عليهم حيث أنه يعشق كل الأعمار.
لا يوجد شخص إلا وتعرض للإصابة به ولا يوجد شخص يستطيع القول أنه لن يصاب به.
قد يبدأ المرض بحمى أو سيلان في الأنف أو بشعور تخريش في الحلق أو وهن عام وعدم ارتياح ومن ثم يتطور للسعال وقد يحدث الإقياء (الاستفراغ أو التطريش) وتنقص الشهية، وقد يشكو الطفل من صداع أو ألم في البطن أو العضلات أو المفاصل.
أما عن المضاعفات فهي تحدث في حالة إهمال العلاج حيث أن ارتفاع درجة الحرارة قد يؤدي إلى حدوث التشنجات الحرورية (الاختلاجات) عند المؤهبين لها وقد يحدث التهاب الأذن الوسطى أو التهاب الجيوب أو التقيحات والخراجات حول اللوزات وحول البلعوم أو ينتشر الالتهاب للأسفل فتلتهب الرغامى والقصبات والرئة وقد يثير نوبة الربو والتحسس القصبي، كما قد يؤدي لمشاكل آجلة مثل الحمى الرثوية (الروماتيزم) وما تحدثه من التهاب في القلب وتخرب في دساماته والتهاب في المفاصل، كما قد يؤدي لالتهاب في الكلية.
* كثيرة هي الجراثيم والفيروسات التي تحدثه! هناك من الفيروسات أكثر من 200 نوع مسبب، أما الجراثيم فكثيرة جداً، ولكل نوع مما سبق أنماط عديدة قد تصل المائة، وإذا أصيب الإنسان بنمط معين فلا يعني هذا أنه امتلك مناعة ضد باقي أنماط جرثومة معينة، ولذلك فإن نوعاً واحداً من الجراثيم باستطاعته إحداث الالتهاب بقدر عدد أنماطه.
* لماذا يكثر هذا الالتهاب عند الأطفال؟ لأن الطفل يطل على الحياة كصفحة بيضاء ولذلك يتعرض للجراثيم والفيروسات المنتشرة حوله، ولكن مع تقدم عمره تزداد مناعته ويكون أقدر على مواجهة الجراثيم الغازية، إن الطفل بحكم لعبه مع أقرانه واحتكاكه معهم وتعرضه لكثير من الملوثات وربما أكله أغذية غير نظيفة وتواجده بأماكن الازدحام كالمدارس والحدائق وتعرضه للقبلات من كل الأطراف فإنه يتعرض لجراثيم قد لا تكون لديه مناعة ضدها، إن كل إنسان لديه جراثيم وفيروسات متعايشة معه وقد يكون بعضنا يعاني من الالتهاب فبالقبلة نزرع هذه الكائنات في هذه البراعم، بإمكاننا تقبيل الطفل على رأسه أو جانب وجهه ولكن ليس على فمه أو أنفه، وإن كنا مصابين نقبله على ذراعه وليس على يده لأنه سيضعها بفمه.
* مواسم التهاب البلعوم: بالفعل له مواسم، فمثلاً بعد عودة الطلاب للمدارس يعودون للازدحام ويكون بعضهم قد جلب معه جراثيم إما من مكان قضاء الإجازة أو من الزوار وتنتشر هذه الجراثيم، ويحدث نفس الشيء بعد انتهاء الإجازات بأنواعها، وكذلك بعد انتهاء عطلة العيد وخلال وبعد المناسبات تكثر حالات التهاب البلعوم وهذا ما نراه سنوياً والسبب أن الازدحام وتغير الجو والبيئة يؤدي لانتشار جرثوم أو أكثر بين الناس حيث أن دفاع الإنسان قليل تجاه الجراثيم التي لم يتعرف عليها سابقاً وعند العودة من السفر يستقبلهم الجميع وخصوصاً الأطفال ولا يسلم هؤلاء من قبلة تطالهم أو رذاذ عطاس ينالهم، وقد تكون المناشف والأدوات الشخصية واسطة انتقال للمرض، هناك ظاهرة صحية أصبحنا نلاحظها وهي وضع قناع خفيف على الفم والأنف وهذا إجراء بسيط ولكنه كبير الأهمية فالمصاب يخدم غيره بذلك حيث يمنع انتقال المرض لغيره، وغير المصاب يحمي نفسه قدر الإمكان، وكذلك فإن استخدام الأدوات التي تستعمل لمرة واحدة أمر هام.
* العلاج بسيط بإذن الله - تعالى -: على الأهل مراجعة الطبيب باكراً ما أمكن لتلقي العلاج الذي عادة ما يكون على شكل مضاد حيوي إن رجحت كفة الجراثيم مع خافض حرارة وأدوية عرضية للاحتقان والسعال وسيلان الأنف كما تعالج الاختلاطات ونادراً ما نضطر لمعالجات أكثر كالسوائل الوريدية، لقد تنوعت الأدوية وخصوصاً المضادات والطبيب يختار المناسب للحالة ونصيحتي للأهل ألا يستخدموا الأدوية دون مشورة طبية.
* للوقاية سبيل: على المصاب أن يجنب غيره الإصابة وأن يستر فمه أثناء العطاس والسعال بمنديل وليس بيده وألا يدع غيره يستعمل حاجياته، إن السوائل وخصوصاً العصير واللبن (الزبادي) والخضار والفواكه وخصوصاً الحمضيات تساعد على التغلب على نقص الشهية، إن المواد الدسمة والدهون ثقيلة على معدة المصاب وربما تثير الغثيان أو الاقياء، إن الغرغرة بعصير الليمون أو ما شابه مفيدة، كما أنصح بتجنب تغيرات الجو الشديدة وتجنب الجلوس بمواجهة المكيفات وتجنب السوائل الباردة جداً.
كلمة أخيرة:
1- يلتبس التهاب البلعوم كثيراً بالتهاب اللوزات عند الأهل، وكثيراً ما يظن أولئك الأهل أن استئصال اللوزات هو الحل بحال تكرر الالتهاب، وفي الواقع أن هذا يسيء للأمر لأنه من جهة يحرم الطفل من قلاع دفاعية هي اللوزات ويبقى البلعوم الذي سيلتهب لاحقاً كما كان في السابق.
2- هناك عادة اجتماعية رديئة ترتدي رداء الصحة وهي (الترفيع)، وقد رأيت الكثير من العواقب المؤسفة بعد إدخال عجوز لإصبعها في فم طفل بريء، وأظن أنه قد آن الوقت للوقوف بقوة وصراحة ضد هذه العادة وأشباهها.
إن التهاب البلعوم بسيط وعلاجه بسيط والحمد لله، ولكن إن أهمل فمشاكله كبيرة.
ولا أنسى أن أذكركم أخوتي بأطفال وأخوة لكم في الشام لا يجدون الدواء لا لالتهاب البلعوم ولا لغيره ولا حول ولا قوة إلا بالله.
**************************************************