الأنترنت....... سِحر يغير سلوك وشخصية مستخدميه
يقول أحد مستخدمي الأنترنت إن "الفايسبوك" أعاد صلته بأصدقاء له، تركهم لسبب ما منذ فترة طويلة، وعجز عن الاتصال بهم.. وبالمقابل يؤكد المستخدم، أنه يستطيع أن يطرح كل أفكاره على صفحته الشخصية على "التويتر"، بأقل الكلمات، وبتكثيف شديد، وفي نفس الوقت يستطيع أن يتلقى ردود كثيرة وغريبة، منها ما يفيد ومنها لا يدخل تحت أي تصنيف، لكن وفي جميع الأحوال يستطيع أن يقول إنه لا يقضي فترة طويلة كل يوم ليتواصل بها مع الكثيرين، وأنه يكتفي بالساعات القليلة التي يتواجد بها في منزله خلف الأنترنت.
ازدواجية المعايير
يستغرب عامر، أحد ناشطي الفايسبوك، الأسماء المشهورة من الفنانين والفنانات التي تحتشد كل يوم لتدخل الفضاء الافتراضي بكلمات بسيطة حتى لا نقول ساذجة، وتقطف مئات اللايكات، في حين يجتهد الكثيرون على اللغة وعلى الفكرة ويقدموا من أفكارهم مداخلات أقل ما يقال عنها بأنها مفيدة، لتمر تلك المداخلات بدون أن ينتبه إليها أحد، ويعتقد عامر أحياناً أن مستخدمي وسائل الاتصال الاجتماعية، لديهم أيضاً ازدواجية المعايير.
طوال اليوم
يستغرب محمد، ناشط فايسبوك أيضا، من بعض الأسماء التي تتواجد على وسائل الاتصال الاجتماعية على مدار الساعة، ولا يقصد بذلك الشركات والمؤسسات، بل يقصد الأفراد.. ويؤكد أن تلك الأسماء تنشط اليوم كاملاً وفي الكثير من المواقع، ونشاطها يدخل تحت عناوين مفيدة أو غير مفيدة، ويتساءل، متى ينام هؤلاء ومتى يأكلون، ومتى يعملون.
ولكن أشد ما يثير استغرابه هو وجود هذا الكم الهائل من الأسماء والشخصيات الوهمية، والتي تتدخل في كل شاردة وواردة، وفي كل النقاشات، لكنها تختفي خلف أسماء مستعارة، فيبدو النقاش معها مضيعة للوقت، لأنك لا تعرف مع من أنت تتحاور، و لا يجدي الحصول منها على نتيجة جيدة من خلال الحوار، لأنك سواء اتفقت معها أو خالفتها الرأي، فأنت تتحدث مع مجهول.
دراسة بريطانية
نشرت الجامعة البريطانية "وينشستر" دراسة تفصيلية حول صفات مستخدمي الأنترنت، وذكرت الدراسة أنه يمكن تمييز أنماط عديدة لمستخدمي الأنترنت، استناداً إلى حجم نشاط المستخدم ومدى انتظامه، ونوعية المحتوى الذي يقدمه عبر وسائل الاتصال الاجتماعية.
فقد ذكر الدكتور دافيد جليز، الخبير في سلوك وسائل الإعلام الاجتماعي، ومدرس علم النفس الإعلامي في جامعة "وينشستر"، أن بعض الناس يغيرون شخصياتهم بتغييرهم وسائل الاتصال الاجتماعية، وظهر ذلك واضحاً للخبير باستخدام هؤلاء الفيس بوك والتويتر كلاً على حدة.
وأضاف الخبير أن استخدام الهواتف الذكية، سهّل وصول المستخدمين لوسائل الاتصال تلك، وساهم في تغيير شكل علاقاتهم، وشخصياتهم، بنتيجة الوقت الطويل الذي يقضونه في "الدردشة" والتفاعل مع الآخرين.
تصنيف المستخدمين
تعتبر الدراسة أن من يتفقد حساباته على الشبكة عدة مرات في اليوم الواحد، ومن يتعصبون لوسيلة اتصال اجتماعية دون غيرها، ومن يشعرون بالعزلة بمجرد عزلهم لفترة عن الأنترنت، يدخلون ضمن التصنيف الأول للدراسة، وهو الإدمان.
في حين أن آخرين على الشبكة ذاتها، ينكرون أهمية الأنترنت ووسائله، ويؤكدون أنها لا تؤثر بحياتهم، و لا بسلوكهم، وتصنف الدراسة هؤلاء تحت باب "الإنكار".
وتؤكد الدراسة أن المستخدمين بالعام، ينقسمون إلى مبتدئين ومتصفحين ومتبدلين ومخبرين وأشباح، ولا تخلو الحالة أيضاً من الباحثين عن الشهرة.
بين من يدخل إلى شبكة الأنترنت ليعرف كيف يتم استخدامها، وبين من يقضي وقتاً طويلاً خلفها، تعيش الكثير من التفاصيل الغريبة. بين من يجد في تلك الوسائل وذاك النشاط مسألة حضارية بالغة الأهمية، وبين من يتحفظ على جدواها. وبين من يجدها نافذة للمكاشفة وتغيير الآراء، وبين من يجدها نافذة للظهور وإبراز الإمكانيات.
ولا تخلو الصورة أبداً ممن يمارس انتهازيته وطائفيته وأنانيته أيضاً في تلك المواقع، بالإضافة إلى أنها نافذة للأجهزة المخابراتية والأمنية، والتي تحاول جاهدة الاستفادة من أية معلومة أو حركة تتجول في الفضاء الافتراضي، وتكون بمثابة معلومات مهمة حصلت عليها بمحض الصدفة أو باستمرارية المراقبة البسيطة