كلنا متسولون وعلى باب الله
قرأت خبر بالبنط الصغير فى احد الجرائد يقول
ان مؤسسة انشئت فى بريطانيا لتقدم للناس أغرب خدمة وان كانت
خدمة يحتاج الناس اليها حقا ولكن قليل من يجد الشجاعة لديه ليعترف
بحاجته اليها تلك هى العطف
فالناس فى حاجة الى طعام يأكلونه والى مسكن يأوون اليه والى
ملبس ولكنهم فى أخر الامر فى حاجة الى الشعور بأنهم مرغوب فى وجودهم
وليس زائدين عن الحاجة ومحبوبين وليس ثقلاء يعيشون بلا اصدقاء
لهم ولكن ليس فى مقدرة الانسان ان يجد هؤلاء الذين يمدونه
بالعطف ويزودونه بالرفق ويشعرونه بان له من يفكر به ويهتم فيه
فكيف يوفر لنفسه هذه الحاجة الضرورية التى لا تقل اهمية عن
باقى وسائل الحياة من مأكل ومشرب وملبس فالانسان يتقدم
به العمر فيفقد اقرباءه او قد تباعد الاقدار بينه وبين الاقارب
فتطبق عليه الوحدة كطوق من حديد يوضع حول عنقه ثم لا يلبث
ان يضيق بنفسه شيئا فشيئا فماذا يفعل واين يجد حاجته من
العطف وكيف يؤنس وحشته بسؤال صديق؟؟؟؟؟؟
لقد اهتدى انسان ذكى الى هذه الحاجة الانسانية التى يتزايد
عدد الذين يفتقدونها00ففى المجتمعات الحديثة اصبحنا نعيش
فى شقق كما يعيش السردين فى علب من الصفيح00محكمة الغلق
فكل انسان فى شقته لا يعرف اسم جاره ولا يفكر فى معرفته
ولا يدرى من اخباره شيئا وقد يكون هذا الجار مريضا يتعذب او خائف
من خطر حقيقى او من وهم وهو لا يفصله عن جاره الا جدار رقيق
ومع ذلك يحس بانه يعيش فى صحراء مترامية الاطراف
ان صرخ لن يسمعه احد وان ادار بصره لن يقع على آدمى
والفكرة الذكية التى اهتدى لها انسان ذكى لا تزيد عن جهاز هاتف
يجلس وراءه رجل او امرأة لهما صوت مؤنس ونبرة لطيفة وبراعة
فى الحديث البسيط القليل الموجز ومهمة الرجل او المرأة ان يدير
قرص الهاتف مرتين او ثلاثة فى اليوم ليسأل عن صحة المشترك
فى هذه المؤسسة00مؤسسة00<نحن نقدم لك العطف>
ولا يدرى الا المحرومين قيمة هذا الهاتف الذى يجلجل جرسه فى
شقة هادئة ساكنة ليس فيها الا ساكن او ساكنة منقطعان عن
العالم كله
وليس المشتركون فى هذه المؤسسة هم وحدهم الذين يحتاجون
الى رنة هذا الهاتف فكل منا فى واقع الامر يحتاج الى الشعور بالعطف
ويفرح بالسؤال عنه ولو تأفف بعضنا من كثرة السؤال وهرب من الناس
فليس اذن الذين اشتركوا فى مؤسسة العطف هم وحدهم الذين
يلتمسون هذا العطف ويشترونه بالثمن وانما كل الناس تبحث عنه
وتدفع فى سبيله ثمنا غاليا ولكن اكثرنا يتظاهر بالاستخفاف ويدعى
انه لايريد من الناس الا ان يتركوه لحاله ولكن هؤلاء كاذبون
فالناس تتسول العطف وتستجديه كل باسلوبه
م . ن