رحيل محمد توفيق البجيرمي جاحظ القرن العشرين وفصيح العرب
3 مشترك
كاتب الموضوع
رسالة
سومري عضومتقدم
علم الدولة : رقم العضوية : 16 الجنس : تاريخ التسجيل : 12/09/2009عدد المساهمات : 4956نقاط : 7566الجنسية : عراقية
موضوع: رحيل محمد توفيق البجيرمي جاحظ القرن العشرين وفصيح العرب السبت 28 ديسمبر - 21:10
رحيل محمد توفيق البجيرمي جاحظ القرن العشرين وفصيح العرب
من فلسطين إلى بغداد فدمشق، تمتدّ سيرة الدكتور محمد توفيق البجيرمي. وكما شهد الصبي توفيق، ابن العاشرة، نكبة أهله في قرية أجزم قرب مدينة حيفا الفلسطينية، ورحلة لجوئهم إلى العراق، كان على الدكتور الجامعي ابن الخامسة والسبعين أن يشهد مواسم الموت السورية، قبل أن ينعي أهله ورفاقه وفاته.
تختلط الصور في ذاكرة البجيرمي، لتؤرّخ ذكرى ثلاث مدن عربية. في محطته الأولى ما زال الرجل يذكر تفاصيل بيته في فلسطين، وملامح مدرسته التي أتمّ فيها دراسة الصف الرابع الابتدائي، قبل أن يتمّ تهجير أبناء قريته قسرياً صوب العراق، بعد مقاومة عنيفة للعصايات الصهيونية، وهناك أتمّ دراسته الجامعية، وانتقل بعدها إلى دمشق، حيث درّس في معاهدها وجامعتها، وانتدب بأسم جامعتها إلى بريطانيا للحصول على درجة الدكتوارة في الأدب الانكليزي ليعود، أستاذاً في جامعة دمشق، كلية الآداب.
دكتور الأدب الانكليزي في جامعة دمشق، والرقم الأصعب بين كادرها التدريسي للآداب الانكليزية، سيُعرف في الوسط الثقافي ببلاغته في اللغة العربية، وفصاحته وحُسن مخارج حروفه، وهو الأمر الذي أهّله في أكثر من مرحلة من حياته ليعمل في مجال الإعلام، بل ويتولّى تجسيد شخصيات تاريخية إشكالية في التاريخ العربي، حيث اختاره الكاتب الراحل ياسر المالح عام 1969 لتجسيد شخصية "الجاحظ" في مسلسل تلفزيوني من 30 حلقة بعنوان "البخلاء"، إذ لعب شكل البجيرمي الخارجي وقتها، ولاسيما جحوظ عينيه، إضافة إلى فصاحته، في ترشيحه لهذا الدور.
"الجاحظ" لم يكن الشخصية الدرامية الوحيدة التي أدّاها الراحل البجيرمي في حياته، بل عاد بعد 26 عاماً لتجسيد شخصية ابن عبد ربه الأندلسي، في دراما مأخودة من كتاب "العقد الفريد".
لم يحترف محمد توفيق البيجرمي التمثيل، ولكنه فعل ذلك في الإعلام، ومنذ وقت مبكر، حيث أعدّ برامج إذاعية وتلفزيونية عديدة، اشتهر منها برنامجه "طرائف من العالم" الذي يُعدّ من كلاسيكات التلفزيون السوري وواحداً من علاماته البرامجية المميزة، فيما عرف البجيرمي نفسه من خلال هذا البرنامج بعبارته الشهيرة "تخيّل يا رعاك الله" التي كان يختتم فيها كل فقرة من فقرات برنامجه.
قلّما أطلّ محمد توفيق البجيرمي بوجهه عبر برامجه، ولعل أدواره التمثيلية هي التي ساهمت في معرفة الناس له، إلا أنه مع تلك المسلات أو بدونها، كان الرجل يجسد نموذجاً، مجازياً، لمعنى شطر بيت الشعر الشهير في قصيدة بشار بن برد: "والأذن تعشق قبل العين أحياناً".