ذرية قصي بن كلاب
يذكر صاحب المنمق في اخبار قريش ما كان من خبر قصي بن كلاب و توحيده لقبائل فهر و استيلائه على مكة :
(( و كانت فاطمة أم قصي عند كلاب بن مرة فولدت له زهرة ثم مكث دهراً حتى شيخ وذهب بصره.
ثم ولدت له قصياً قال هشام سمي قصياً لأن أمه تقصت به إلى الشام وقدم ربيعة بن حرام العذري حاجاً فتزوجها ،فحملت قصياً غلاماً معها إلى الشام ، فولدت لربيعة رزاحاً وحنا ، فجرى بين قصي وبين غلام من عذرة كلام فنفاه العذري وقال: والله ما أنت منا! ، فأتى أمه فقال لها: من أبي فقالت: ربيعة أبوك فقال: لو كنت ابنه ما نفيت قالت: فأبوك والله خير منه وأكرم وأبوك كلاب بن مرة ،من أهل الحرم ،قال فوالله لا أقيم ههنا أبدا!
قالت: فأقم حتى يأتي أبان الحج! فلما حضر ذلك بعثته مع قوم من قضاعة، وزهرة حي ، فأتاه وكان زهرة أشعر وقصي أشعر فقال له قصي: أنا أخوك فقال زهرة: ادن مني! فلمسه وقال: أعرف والله الصوت والشبه!
ثم إن زهرة مات وأدرك قصي فأراد أن يجمع قومه بني النضر ببطن مكة ،فاجتمعت عليه خزاعة وبكر وصوفة ،فكثروه ،فبعث إلى أخيه رزاح فأقبل في جمع من الشام وأفناء قضاعة ، حتى أتى مكة وكانت صوفة هم يدفعون بالناس فقام رزاح على الثنية ثم قال: أجز قصي فأجاز بالناس فلم تزل الإفاضة في بني قصي إلى اليوم ، ثم أدخل بطون قريش كلها الأبطح إلا محارب بن فهر ،والحارث بن فهر ، وتيم الأدرم بن غالب ، ومعيص بن عامر بن لؤي ،فهؤلاء يدعون الظواهر فأقاموا بظهر مكة.
إلا أن رهطاً من بني الحارث بن فهر وهم رهط أبي عبيدة بن الجراح نزلوا الأبطح فهم مع المطيبين ))
ففيما تولى قصي و لاية البيت ، بقيت شعائر هامة اخرى من الحج محصورة في قبائل مضرية اخرى من غير قريش :
1- الاجـــازة بالحجيـــج
و كانت في قبيلة صوفة و هم بنو الغوث بن مر و هو اخ تميم بن مر ،" فكان الناس لا يرمون الجمار حتى يرموا، ولا ينفرون من منى حتى ينفروا " ، قال ابن إسحاق : حدثني يحيى بن عباد بن عبدالله بن الزبير عن أبيه عباد قال :
كانت صوفة تدفع بالناس من عرفة ، وتجيز بهم إذا نفروا من منى ، فإذا كان يوم النفر أتوا لرمي الجمار ، ورجل من صوفة يرمي للناس ، لا يرمون حتى يرمي . فكان ذوو الحاجات المتعجلون يأتونه ، فيقولون له : قم فارم حتى نرمي معك ؛ فيقول : لا والله ، حتى تميل الشمس . فيظل ذوو الحاجات الذين يحبون التعجل يرمونه بالحجارة ، ويستعجلونه بذلك ، ويقولون له : ويلك ! قم فارم ؛ فيأبى عليهم . حتى إذا مالت الشمس قام فرمى ورمى الناس معه .
فلما انقرضوا تولاها القعدد و هم بنو سعد بن زيد مناة بن تميم بن مر " فكان أولهم صفوان بن الحارث بن شجنة بن عطارد بن عوف بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم، وكان ذلك في بيته حتى قام على آخرهم الإسلام وهو كرب بن صفوان. "
نسب صفوان بن جناب
قال ابن هشام : صفوان بن جناب بن شجنة بن عطارد بن عوف بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم .
وقال أوس ابن تميم بن مغراء السعدي :
لا يبرح الناس ما حجوا معرفهم * حتى يقال أجيزوا آل صفوانا
قال ابن هشام : هذا البيت في قصيدة لأوس بن مغراء .
2- الافاضـــة مـن مزدلفــة :
"وكانت الإجازة من المزدلفة في قبيلة عدوان حتى قام الإسلام على آخرهم وهو: أبو سيارة عميلة بن الأعزل، وقيل: اسمه العاص، واسم الأعزل خالد، وكان يجيز بالناس على أتان له عوراء، مكث يدفع عليها في الموقف أربعين سنة.
وهو أول من جعل الدية مائة، وأول من كان يقول أشرق ثبير كيما نغير. حكاه السهيلي.وكان عامر بن الظرب العدواني لا يكون بين العرب نائرة ولا عضلة في قضاء إلا أسندوا ذلك إليه ثم رضوا بما قضى فيه .
3- النسئ ، و خطبة الحـــج
و النسئ هي عادة للعرب تقضي باعلانهم في الموسم نقل صبغة التحريم من احد الاشهر الحرم الى شهر غير حرام ، و كان ذلك يتم في الموسم و تقوم بأختياره و اعلانه قبيلة بنو فقيم احدى بطون الحارث بن كنانة (قبيلة كنانة)
" قال ابن إسحاق: وكان النسيء في بني فقيم بن عدي بن عامر بن ثعلبة بن الحارث بن مالك بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر.
قال ابن إسحاق: وكان أول من نسأ الشهور على العرب، القَلمَّسْ وهو حذيفة بن عبد بن فقيم بن عدي، ثم قام بعده ابنه عباد، ثم قلع بن عباد، ثم أمية بن قلع، ثم عوف بن أمية، ثم كان آخرهم أبو ثمامة جنادة بن عوف بن قلع بن عباد بن حذيفة وهو القلمس، فعلى أبي ثمامة قام الإسلام.
وكانت العرب إذا فرغت من حجها اجتمعت إليه فخطبهم فحرم الأشهر الحرم، فإذا أراد أن يحل منها شيئا أحل المحرم، وجعل مكانه صفرا ليواطئوا عدة ما حرم الله فيقول: اللهم إني أحللت أحد الصفرين الصفر الأول، وانسأت الآخر للعام المقبل. فتتبعه العرب في ذلك.
ففي ذلك يقول عمير بن قيس أحد بني فراس بن غنم بن مالك بن كنانة، ويعرف عمير بن قيس هذا بجدل الطعان:
لقد علمت معد أن قومي * كرام الناس أن لهم كراما
فأي الناس فاتونا بوتر * وأي الناس لم نعلك لجاما
**************************************************