آبرز علماء اللغه الجوهري
الجوهري رائد المعاجم
كان العلامة الجوهري من أئمة اللغة والنحو والأدب والأصول المشهورين،
وأحد أعاجيب الزمان ذكاء وفطنة وعلماً وإنتاجاً،
وصاحب مصنفات فريدة ساهمت في إثراء علوم اللغة العربية وتطويرها.
ويقول الدكتور أحمد فؤاد باشا - عضو مجمع اللغة العربية - ولد أبو إسماعيل بن حماد بن نصر الفارابي الجوهري في أوائل القرن الرابع الهجري واختلف في سنة ولادته،
وأصله من فاراب من بلاد الترك وراء نهر جيحون ولذلك يقال له الفارابي.
ونشأ في بيت علم ودين فهو ابن أخت إبراهيم بن إسحاق الفارابي صاحب كتاب “ديوان الأدب” وتلقى عنه دروسه الأولى في علوم اللغة وعلوم الشريعة.
وارتحل إلى العراق طلباً للعلم وتتلمذ على أبرز علماء العربية أبي سعيد السيرافي، وأبي علي الفارسي، وشغف بحب الأسفار والتنقل في البلاد،
فسافر إلى الشام ومصر والحجاز وبلاد فارس، للأخذ عن العلماء الثقات،
وطاف البادية رغبة في أخذ اللغة من عرب القبائل الفصحاء فدخل ديار ربيعة والحجاز ونجد يأخذ اللغة عن البدو مباشرة،
ثم عاد إلى خراسان فأقام في الدامغان عند أبي علي الحسن بن علي،
وهو من أعيان الكتاب،
وغادرها إلى نيسابور وأقام فيها يعمل بالتدريس والتأليف، ويتكسب من تعليم الخط وكتابة المصاحف والدفاتر.
واشتهر الجوهري بالذكاء والفطنة وسعة العلم، وبرع في اللغة العربية وعلومها وبلغت شهرته الآفاق،
واعتبره اليافعي: “أحد أركان اللغة”،
وقال عنه ياقوت الحموي: “إنه من أعاجيب الزمان ذكاء وفطنة،
وهو إمام في علم اللغة والأدب”،
ووصفه بأنه: “صاحب تاج العربية”،
وقال ابن بري: “الجوهري أَنحى اللغويين”،
ويذكر أصحاب التراجم أنه كان شاعراً يميل في شعره إلى الحكمة
، قال فيه الذهبي: “وللجوهري نظم حسن”،
وأوجز الثعالبي بعض الشيء فقال: “وللجوهري شعر العلماء، لا شعر مفلقي الشعراء”،
وقد تتلمذ على يديه كثير من أعلام اللغة كأبي الحسين بن علي، وأبي إسحاق إبراهيم بن صالح الوراق وغيرهما.
تميز معجمه بأنه أول معجم يلتزم الصحيح،
كما أنه لم يعتمد الطرق التي سبقته في التأليف المعجمي كطريقة مخارج الحروف.
بل اعتمد منهجاً جديداً،
وهو أواخر الألفاظ في ترتيب الكلمات لا أوائلها،
ونهج نهجه من جاء بعده. فكان المعجم عنده ثمانية وعشرين باباً،
وذكر ياقوت الحموي أن كتاب “الصحاح” لم يتمه الجوهري ولم ينقحه،
فبيضه بعد موته تلميذه أبو إسحاق إبراهيم بن صالح الوراق،
فغلط فيه في عدة مواضع،
على أن ياقوتاً يذكر أنه وجد نسخة من “الصحاح” بدمشق مكتوبة بخط الجوهري،
عند الملك المعظم ابن العادل الأيوبي،
كتبها الجوهري سنة 396 هـ،
ونظراً لأهمية هذا المعجم وشهرته بين الناس والعلماء فقد حظي باهتمام العلماء، فاختصر ووضع له تكميل،
ووضعت عليه حواش، ومن أشهرها “مختار الصحاح” لمحمد بن أبي بكر الرازي، “التكملة والذيل والصلة” للإمام حسن بن محمد الصغاني، “مجمع البحرين” للصغاني، وحواشي عبد الله بن بري، و”غوامض الصحاح” للصفدي.
واختلف في تاريخ وفاته - رحمه الله - غير أن معظم المصادر تشير إلى أن الجوهري مات نحو سنة 400 هـ،
وذكر ياقوت الحموي رواية في وفاته نقلها عن علي بن فضال المجاشعي في كتابه “شجرة الذهب في معرفة أئمة الأدب”،
قال: “كان الجوهري قد صنف الصحاح، ثم اعترته وسوسة فانتقل إلى الجامع القديم في نيسابور، وصعد إلى سطحه،
وقال: أيها الناس إني عملت في الدنيا شيئاً لم أسبق إليه فسأعمل للآخرة أمراً لم أسبق إليه، وضم إلى جناحيه مصراعي بابٍ وتأبطهما بحبل، وصعد مكاناً عالياً من الجامع وزعم أنه يطير فوقع فمات”.
«المقدمة في النحو» و «العروض»
ترك الجوهري مصنفات فريدة في علوم اللغة خاصة الأدب والنحو والعروض أهمها “المقدمة في النحو”، و”العروض”،
وقد أثنى ابن رشيق القيرواني في كتابه “العمدة” على عمل الجوهري في تنمية فن العروض وإعطائه صورته النهائية بعد الخليل بن أحمد الفراهيدي،
إذ بين هذا العلم وأوضحه باختصار، وله شعر ذكر “بروكلمان” أنه موجود في برلين ولكن لم يشتهر له،
ويعد كتابه “الصحاح” واسمه كاملاً “تاج اللغة وصحاح العربية”،
من أشهر معاجم اللغة، فقد نال شهرة عظيمة ومكانة سامية بين علماء اللغة،
لأن صاحبه أحسن تصنيفه وجود في تأليفه،
وقربه من متناول الناس وسبق غيره في ترتيبه،
وقال عنه ياقوت الحموي إنه: “أحسن من الجمهرة لابن دريد، ومن تهذيب اللغة للأزهري،
وأقرب متناولاً من مجمل اللغة لابن فارس”.
وقال عمر فروخ:” لكتابه خصلتان بارزتان: أولاهما أن الجوهري اقتصر فيه على الألفاظ التي عنده، ولذلك سماه بهذا الاسم. والخصلة الثانية، هي ابتكاره لترتيب قاموسي عاقل.
فقد رتب الجوهري الكلمات في قاموسه على الحرف الأخير من الكلمة.
**************************************************