عـنـتـرة بـن شـداد والـحـب
هذه مجموعة ابيات في الحب للشاعر العملاق عنترة ابن شداد
قفْ بالديار وصحْ إلى بيداها ** فعسى الديار تجيبُ منْ ناداها
دار يفوح المسك من عرصاتها ** والعودُ والندُّ الذكيُّ جناها
دارٌ لعبلة َ شَطَّ عنْكَ مَزارُها * * ونأْتْ لعمْري ما أراكَ تراها
ما بالُ عيْنِكَ لا تملُّ من البُكا ** رمدٌ بعينكَ أمْ جفاكَ كراها
يا صاحبي قفْ بالمطايا ساعةً ** في دَار عبْلة سائلاً مغْناها
أم كيفَ تسأل دمنة ً عاديةً ** سفت الجنوبُ دمائها وثراها
يا عبلَ قد هامَ الفُؤَادُ بذِكْركم ** وأرى ديوني ما يحلُّ قضاها
يا عَبلَ إنْ تبكي عليَّ بحُرْقَة ٍ ** فلطالما بكتِ الرجالُ نساها
* * * *
* * * *
يا طائر البان قد هيَّجتَ أشجاني ** وزِدْتَني طرَباً يا طائرَ البانِ
إن كنتَ تندب إلفاً قد فجعتَ بهِ ** فقد شجاكَ الذي بِالبينِ أشجاني
زدني من النَّوح واسعدني على حزني ** حتى تَرى عجباً من فَيْضِ أجفاني
وقِفْ لتَنْظُرَ ما بي لا تَكنْ عَجِلاً ** واحذَرْ لِنَفْسِكَ من أَنْفاسِ نيراني
وطرْ لعلك في ارض الحجازِ ترى ** رَكْباً على عَالِجٍ أوْ دون نَعْمانِ
يسري بجاريةٍ تنهلُّ أدمعها ** شوقاً إلى وطن ناءٍ وجيرانِ
ناشدتُكَ الله يا طيرَ الحمامِ إذا ** رأيتَ يوْماً حُمُولَ القوْمِ فانعاني
وقلْ طريحاً تركناهُ وقد فنيت ** دُموعُهُ وهوَ يبكي بالدَّم القاني
* * * *
لمَنْ طَللٌ بالرْقَمتين شجاني ** وعاثت به أيدي البلى فحكاني
وقفتُ به والشَّوقُ يكتبُ أسطراً ** بأَقْلاَم دَمعي في رُسوم جَناني
أُسائلُه عنْ عبلة ٍ فأَجابني ** غرابٌ به ما بي من الهيمانِ
ينوحُ على إلفٍ لهُ واذا شكا ** شكا بنَحيبٍ لا بنطْق لِسانِ
وينْدبُ منْ فرْطِ الجوى فأجبتُه ** بحسرة ِ قلبٍ دائم الخفقانِ
ألا يا غرابَ البين لو كنت صاحبي ** قطَعنا بلاَدَ الله بالدَّورانِ
عسى أن نرى من نحو عبلة مخبراً ** بأيَّة ِ أرضٍ أو بأيِّ مكانِ
وقد هتفتْ في جنح ليل حمامةٌ ** مغردة ٌ تشكو صروف زمانِ
فقلتُ لها لو كُنْتِ مثْلي حزينةً ** بكيتِ بدمعٍ زائدِ الهملانِ
وما كنْتِ ذي دوْحٍ تَميسُ غصونهُ ** ولا خَضّبتْ رجلاكِ أحمَر قاني
أيا عبلَ لو أنَّ الخيال يزورُني ** على كلِّ شهرٍ مرّة ً لكَفاني
لئن غبتِ عن عيني يا ابنة مالكٍ ** فشخْصُكِ عنْدِي ظاهرٌ لعياني
* * * *
لو كان قلبي معى ما اخترتُ غيركم ** ولا رضيتُ سِوَاكُمْ في الهَوى بدَلا
لكنهُ راغبٌ في منْ يعذّبه ** وليسَ يقبل لا لوماً ولا عذلا
* * * *
يا دَارُ أيْنَ ترحَّلَ السُّكانُ ** وغَدتْ بهمْ منْ بعدنا الأَظعانُ
بالأَمْسِ كانَ بِكِ الظباءُ أوانساً ** واليوْمَ في عرصاتكِ الغرْبانُ
يا دارَ عبْلةَ أين خيَّمَ قوْمُها ** لمَّا سَرَتْ بهمُ المَطيُّ وبانُوا
ناحَتْ خَميلاتُ الأَراكِ وقد بكَى ** منْ وحْشةٍ نزلتْ عليه البانُ
يا دارُ أرْواحُ المنازلِ أهْلُها ** فإذا نأَوْا تَبكيهم الأبدانُ
يا صاحبي سَلْ ربْعَ عبْلَةَ واجتهدْ ** إنْ كانَ للربعِ المُحيل لِسانُ
يا عَبْلُ ما دَامَ الوصالُ لياليا ** حتى دَهانا بَعدُهُ الـهِجْرانُ
ليْت المنازلَ أخْبرتْ مُستخبرا ** أين اسْتقرَّ بأَهْلـها الأَوطان
يا طائراً قد باتَ ينْدُبُ إلْفَهُ ** وينُوحُ وهْوَ مُولّهٌ حَيرانُ
لو كُنْتَ مثلي ما لبثْتَ ملوَّناً ** حَسناً ولا مالتْ بكَ الأَغصان
أين الخَليُّ القلْبِ ممَّنْ قلْبُهُ ** من حرِّ نيرانِ الجوى مَلآن
عِرْني جَناحَكَ واسْتعِرْ دمْعي الذي ** أَفني ولا يَفْنى لـهُ جَرَيَانُ
حتى أَطيرَ مُسائلاً عنْ عبْلةٍ ** إنْ كان يُمكنُ مثليَ الطَّيرانُ
**************************************************