سراديب بغداد
في بيوتها ومبانيها القديمة كانت ملاذ الناس ايام زمان ،حيث كانوا يمضون فيها وقت الظهيرة بحثا عن النوم في برودة طبيعية بلا مكيفات هواء او مبردات او سبلتات وغيرها من تكنولوجيا العصر والزمان وهنا في السليمانية لاتختلف تلك المباني او البيوت التي اندثرت هي الاخرى هنا بسبب التطورات والبناء الحديث للعمارات والابنية الضخمة والمولات التجارية وغيرها من الابنية الحديثة .أتذكر بيوت بغداد وأزقتها القديمة التي كانت ولا تزال قائمة في سراديبها الجميلة التي بنيت للتخلص من حرارة ولهيب الصيف في أيام لم تكن هناك أجهزة تكييف أو مراوح أو مبردات أو سبلت يونت لذلك كانت السراديب ملاجىء الناس من كل شيء أيضا . في منطقة الميدان أو الحيدرخانة والمربعة ومناطق أخرى في بغداد وألتقيت بعدد من رجالها وشيوخها القدماء الذين عاصروا تلك الفترة . الحاج أبو بدري حدثني عن تلك السراديب قائلا : نحن نعرف أن بغداد القديمة كانت ولا تزال قد ورثت الكثير من التقاليد والأعراف من ناسها وشعبها الطيب وكان تخطيط المدن العراقية على أساس البناء القديم حيث لاتخلو أي دار من وجود سرداب أو ملجأ كما يقال في يومنا هذا وقد كان المعمار أنذاك يضع التصاميم حسب الحاجة والطلب حيث كانت الناس تبحث عن المكان البارد صيفا والدفء شتاء وأن هذين الشيئين لم يكن بالأمكان توفيرها كما هي حال اليوم حيث وجود أجهزة التبريد الحديثة والمتطورة التي تعطيك فصول السنة بلمسة زر وأستعمال ريموت كونترول لينقلك من أجواء الشتاء الى الصيف وبالعكس .ويضيف أبو بدري : لذلك نجد أن السراديب قد وجدت في منازل العراقيين جميعا سواء في بغداد أو السليمانية أو البصرة أو العمارة فالكل يضع في حساباته وجود سرداب وكان في نفس الوقت يستخدم كمخزن لحفظ المقتنيات الشخصية ومع تقدم الزمان تغيرت الأحوال والتصاميم العمرانية لتبحث عن أساليب جديدة في البناء .أما المهندس والباحث جواد الرميثي فيقول : لاشك أن التخطيط الأولي للمدن الأسلامية أنذاك قد أخذ أشكالا وأنماطا مختلفة في بناء ووضع السراديب في البيوت القديمة مثل مدن بغداد والبصرة والكوفة حيث توضع الأتجاهات عن طريق رمي السهام في الجهات الأربع ثم تغيرت تلك الطرق في التصاميم الهندسية شيئا فشيئا مع التطور العام ونلاحظ ذلك في التصميم الأساسي لمدينة بغداد المدورة وأسواقها ومحلاتها . ويضيف : لقد كانت التصاميم المعمارية في تلك الفترة تأخذ طابعا متميزا في وجود السراديب في جميع الأبنية والذي يتلائم مع ظروف البغداديين وكان من أبرز من وضع التصاميم المعمارية (الحاج أبن أرطأة) الذي وضع أفضل التصاميم المعمارية وتخطيط المدن وأن البيوت البغدادية لاتختلف عن نظيرتها في البيوت العراقية في مطلع القرن العشرين ألا أن مادة البناء الرئيسية كانت تحتوي على الجص والأجر والخشب الذي يستخدم في عمل جميع أنواع الشبابيك والسقوف والأبواب والواجهات . أما الأسطة البناء أبو عدنان الذي أمضى عمره في بناء بيوت بغداد القديمة حتى وصل به قطار العمر في أخر محطة له فيقول : لقد كان عندنا البناء متعة وراحة نفسية ومكسبا للمعيشة وكنا نبذل جهدا كبيرا من طاقتنا في سبيل أنجاز أي عمل بشكل كامل ونرضي الله ونرضي الزبون وكانت سمة بناء السراديب هي المتميزة في قديم الزمان حيث يطلب كل من يبني دارا سرداب صغير أو كبير حسب الرغبة وتوفر في بعض الفتحات شبابيك
صغيرة للتهوية والتبريد !