قصيدة ربع الصبا لأبو فراس الحمداني
كانت نشأة أبي فراس وطفولته في ظل والدته التي حدبت على رعايته،
وتحت عطف زوج أخته سيف الدولة وتتلمذ على اللغوي الشهير ابن خالويه وغيره
، كما شاهد أرباب القلم يفدون على بلاط سيف الدولة، واحتك بهم،
ونبغ في الشعر، فتغزل ووصف المعارك، وله في الأسر قصائد كثيرة مشهورة
عرفت بـ"الروميات" تعتبر من أرق شعره وأجمله.
سخر أبو فراس شعره ليتحدث عن مشاعره وأحاسيسه،
فقد كان وجدانيا يصف ما يقع تحت بصره من حوادث ووقائع،
وما يعتلج في صدره من آلام وآمال، ولأبي فراس مكانة عند مؤلفي الأدب،
فقد قيل فيه: "بُدئ الشعر بملك وختم بملك، يعني امرؤ القيس وأبا فراس".
*****************
قصيدة (ربع الصبا)
------
أبو فراس الحمداني
أمـا إنه ربـع الصبـا ومعالمـه
فلا عذر إن لم ينفذ الدمع ساجمـه
لئـن بت تبكيه خـلاء فطالـما
نعمـت به دهرا وفيـه نواعمـه
رياح عفته وهي أنفـاس عاشـق
ووبل سقـاه والـجفون غمائمـه
وظـلامة قلدتـها حكم مهجتـي
ومن ينصف المظلوم والخصم حاكمه
مهـاة لها من كل وجـد مصونـه
وخود لـها من كل دمع كرائمـه
وليـل كفرعيها قطعت وصاحبـي
رقيـق غرار مـخذم الحد صارمـه
تغـذ بي القفـر الفضـاء شـملة
سـواء عليهـا نـجده وتهائمـه
تصـاحبنـي آرامـه وظـبـاؤه
وتؤنسنـي أصـلالـه وأراقمـه
وأيُّ بـلاد الله لم أنتقـل بهــا
ولا وطئتهـا من ب**** مناسـمه
ونـحن أنـاس يعلـم الله أننـا
إذا جـمح الدهر الغشوم شكائمه
إذا ولـد الـمولود منـا فإنـما
الأسنـة والبيض الرقاق تـمائمه
ألا مبلغ عنـي ابن عمي ألوكـة
بثثـت بها بعض الذي أنا كاتـمه
أيا جافيا ماكنت أخشى جفـاءه
وإن كثـرت عـذالـه ولوائمـه
كذلك حظي من زمانـي وأهلـه
يصارمنـي الخل الذي لا أصارمه
وإن كنـت مشتـاقا إليك فإنـه
ليشتـاق صب إلفه وهو ظالـمه
أودك ودا لا الـزمـان يبيــده
ولا النـأي يفنيه ولا الهجر ثالمـه
وأنـت وفـي لايـذم وفـاـؤه
وأنت كريم ليس تحصى مكارمـه
أقيـم به أصـل الفخار وفرعـه
وشـد به ركن العـلا ودعائمـه
أخـو السيف تعديه نداوة كفـه
فيحمـر حـداه ويخضر قائمـه
أعنـدك لي عتبى فأحمل مامضـى
وأبني رواق الود إذ إنت هادمـه
**************************************************