وسائل النسيان
لماذا نكتب مذكراتنا وماذا نكتب في مذكراتنا ؟؟
أوليس الماضي وذكرى الماضي إحدى المآسي التي نعيشها ,أولسنا نحارب كل يوم وكل ليلة وكل ساعة وربما كل صباح حين نستيقظ....نحارب كي نطرد أشباحاً وأوهاماً وخيالات وأطياف من الماضي ,ونقبل بين الفينة والاخرى أصابع النسيان ...نستجديه كي يعزف على أوتار ذاكرتنا ويلهي عقولنا المريضة المتعبة بألحان الفراغ وأغاني السكوت ؟
ربما..!!ولكننا قد نجد في كتابة الماضي وسيلة أجدى للنسيان ...قد يكون النسيان أكثر من عازف أو موسيقار..قد يكون النسيان أشبه بالنار التي كلما اتقدت وشبّت أكثر كان ذلك إحدى علائم اقتراب موعد خمودها واضمحلالها ...
نعم هذا هو النسيان ..فإن كانت الذاكرة شعلة أوجمرة نحاول حبس ضوئها بين أصابعنا كي لا يلتمس نورها مخرجاً ويتسرب من زوايا أكفنا ,فإن ذلك يطيل عمرها بين راحاتنا المريضة المتآكلة...ربما يجدر بنا أن نلقي تلك الجمرات وندعها تواجه الهواء وندعه يلهبها حتى يفنيها , ويؤججها فيعلي بريقها حتى تستهلك نفسها فتبلى وتستحيل إلى رماد...حينها يسهل علينا دفن هذا الرماد المتبقي من ذكرياتنا في تراب حاضرنا فلا نعود نفرق بينهما , وندمجهما معها لتغنى جذورنا بسماد عبرة الماضي وتجارب الزمن المنصرم ,تلك التجارب التي لم تمت عزائمنا بل قوّت ارواحنا وأغنت ضمائرنا وأشبعت قلوبنا بالنور..فتكون نبتة المستقبل شجرة محظوظة بتربتها فتوينع وتورق وتزدهر ,ولا نندم بعدها على ما فات...
فلنلق إذاً تلك الجمرات ولنكف عن تعذيب أرواحنا فعبثاً نحاول ابقاء هذا الوحش الكاسر حبيس سجون صدورنا الضيقة,
فليواجه العتمة والضوء ,الهواء والريح والزمن....وليعارك الحياة بدلاً من أن يعاركنا نحن
**************************************************