لبن الناقة ... خير من لبن البقرة
تعيش في شمال كينيا قبيلتان.. إحداهما تشعر بالاكتفاء ويتمتع أفرادها بصحة جيدة.. والأخرى تعاني من سوء التغذية والعطش ولاسيما أيام القحط, وتسعى إلى إصلاح الأوضاع بالمقايضة.. الحصول على الذرة مقابل الماشية.
ولو انك تعمقت قليلا في التعرف إلى أسلوب حياة القبيلتين لوجدت الفارق الأساسي في الجمال، فالقبيلة الأولى تعيش على لبن الناقة والقبيلة الثانية لا تولي الجمال أي قدر من الاهتمام.
ويعجب المرء كيف يمكن لهذه القبيلة الصحراوية أن تغفل عن الجمال ومزاياها, فالجمل يصبر على العطش أكثر من بكثير من باقي المواشي، وهو أقدر على استخلاص الغذاء والماء من النباتات الشوكية والمالحة.. كذلك ينجح الجمل في امتصاص الماء من الثقوب العميقة في الأرض(حيث تعجز باقي المواشي عن ذلك) وفي بلوغ قمم الأشجار برقبته الطويلة.
أضف إلى ذلك كله مزايا لبن الناقة، فهو أغنى من لبن البقر بالبروتين والماء ولا يحتوي على مواد ذهنية بالمقدار الذي يحتوي عليه لبن البقر.
وفي أيام الجفاف والقحط حين يشح ماء الشرب يعمل جسم الجمل تلقائيا على رفع نسبة الماء في لبنه من 84% إلى 91% ويفعل ذلك بتحويل الماء الذي يختزنه الجمل في دمه لا في سنامه فيحول الماء من دمه إلى لبنه ليصبح لبنه مشبعا بالماء وذلك من أجل صغاره خشية أن تنفق عطشا. سبحان الله
ثم إن إنتاج الناقة الواحدة من اللبن في اليوم لا يقل عن 40 لترا، فهو إذن يعادل إنتاج بقرة الفريزيان في أوربا وهي البقرة التي يفاخر الأوروبيون بغزارة لبنها، و40 لترا من اللبن كافية لتغذية 20 طفلا كما هو معروف
لماذا إذن كان الإقبال على اقتناء الماشية يفوق بكثير الإقبال على اقتناء الجمال؟ وماهي الأسباب التي لا تشجع الناس على تربية الجمال؟
سبب واحد فقط: هو أن الجمال لا تتكاثر بقدر الماشية ولا تبدأ تكاثرها مبكرا مثلها, وهده علة لا يستهان بها ولابد من تخطيها.
والظاهر أن لفيفا من العلماء أولو هده العلة اهتمامهم من الدراسات والتجارب العلمية وعثروا على العقار المناسب الكفيل بتخطي العلة, والعقار فهرمون الخصوبة نفسه, وقد نجح في جعل الناقة تحمل سنويا بدلا من مرة كل سنتين وكفل لها بداية الإنجاب في سن الثالثة بلا من الخامسة أو السادسة، وغني عن البيان أن هده النتائج خطيرة للغاية ولابد أن يكون لها اثر محسوس في المستقبل القريب.