أب يرمي أطفاله على رصيف في كركوك ويمضي
الطفلة رقية تمسك بيد شقيقها الأصغر منها حسين، والأخير يمسك بيد شقيقهما الأصغر منتظر، وتلفح الشمس وجوه الثلاثة على رصيف وسطي (جزرة) في أحد أحياء محافظة كركوك وهم ينظرون حولهم فلا يلمحون سوى الضياع.
اعتاد هؤلاء الأطفال أن يخرجوا برفقة أبيهم الى السوق مثلا ومن ثم يعودون معه الى منزلهم، لكنهم في آخر رحلة اصطحبهم فيها لم يروا المنزل مرة أخرى، فقد تركهم على الرصيف ورحل.
وبقيت السيارات تمر من حولهم ولم تتوقف، بينما يلقي راكبوها نظرات استغراب عليهم ويمضون في طريقهم، الى أن جاءهم رجل من أهالي المنطقة وسألهم عن قصتهم ومن ثم قرر تبنيهم.
ويقول خليل علي صالح الذي تبناهم لـ السومرية نيوز، "حين رأيتهم واقفين على الرصيف أجريت اتصالا مع بعض الأقرباء لغرض عرض الموضوع على القضاء ووسائل الإعلام لكي نصل الى والدهم أو والدتهم".
وقد حصل صالح على إذن من قاضي محكمة كركوك بتبنيهم، فضمهم الى عائلته المكونة من تسعة أفراد يقطنون في دار قديمة في حي العمل الشعبي شمال غربي كركوك.
صالح ليس غنيا، وهو متزوج من امرأتين، ويرى أن ضم هؤلاء الأطفال الثلاثة الى عائلته لا يضيره شيئا ولا يثقل كاهله بأعباء مالية كبيرة.
تبلغ رقية من العمر أربع سنوات، لكنها مع عمرها الصغير هذا تدرك مدى فداحة فعلة والدها، ولذلك صارت تبغضه كثيرا ولا تستطيع مسامحته.
وتقول لـ السومرية نيوز، "لن نعود اليه مرة أخرى حتى لو جاء وطلب ذلك. ما فعله لا تفعله حتى الحيوانات بصغارها. لا يوجد أب في العالم يفعل ذلك بأبنائه".
ومن ثم تسرد جانبا من حياتها مع أسرتها، حيث تشكو من أن والدها مخمور بشكل شبه مستمر، يحتسي الكحول يوميا ويضربها ويقسو عليها هي وشقيقيها بعد أن فقدوا والدتهم التي كانت تعمل خبازة وفارقت الحياة إثر انفجار أسطوانة غاز عليها.
وتزوج الأب من امرأة أخرى بعد وفاة زوجته، ولم تتعاطف الزوجة الجديدة مع الأطفال الثلاثة وقست عليهم. تقول رقية "كانت تعاقبنا وتضربنا لمجرد أننا نلعب أو نأكل وتطلب منا مغادرة المنزل".
وتضيف "كنا نسكن في منطقة الأسرى والمفقودين، وفي صباح ذلك اليوم استأجر أبي سيارة أجرة ووضعنا فيها وعند وصولنا الى منطقة العمل الشعبي أنزلنا وتركنا نبكي.. صحنا وراءه (بابا.. بابا) لكنه لم يصغ لصيحاتنا ومضى".
ويقول الناشط المدني سلام الدليمي لـ السومرية نيوز، إن "جريمة الأب كارثية عندما رمى أطفاله الثلاثة على الطريق العام بين مركز مدينة كركوك وقضاء الدبس في منطقة العمل الشعبي لكي يرضي زوجته الثانية بعد وفاة أمهم".
ويؤكد أنه تابع قضيتهم منذ البداية "وهم الآن ينعمون بالأمن والسلام لدى المواطن خليل علي صالح الذي تبرع بأن يتكفلهم ويربيهم بالرغم من ظروفه الصعبة".
وبينما يعمل فريق من الشرطة على البحث عن أب الأطفال الثلاثة من أجل مساءلته عن السبب الذي دفعه الى نبذ أطفاله واتخاذ الإجراءات القانونية بحقه، تحظى رقية وحسين الذي يبلغ من العمر ثلاث سنوات ومنتظر الذي يبلغ سنتين بأسرة جديدة قد تحيطهم بعناية كانوا يفتقدونها لدى أسرتهم الأصلية.
ويقول الرجل الذي تبناهم إن "تبني الأطفال ليس بأمر غريب على العراقيين الطيبين ومعدنهم الأصيل. هم يلعبون مع أطفالي الآن ويأكلون وينامون والله هو الرزاق وهو يتكفل بهم
لقد أصبحوا بمثابة أطفالي".
لاحول ولاقوة الا بالله
**************************************************