اسطورة المستذئبون بين الحقيقة و الخرافة
اسطورة قديمة ارتبطت بالذئب , ذلك الحيوان الغريب الذي طالما ادخل عواءه الليلي الخوف إلى قلوب بني البشر فربطته الأساطير و الخرافات بعالم الأشباح و الأرواح و ربما كانت لخفته في الحركة و ظهوره و اختفائه المفاجئ دورا كبيرا في إسباغ هذه الصفات عليه.
في هذه المقالات سنعالج موضوع المستذئب بالتفصيل و سنذكر بعض اشهر الحوادث التي وردت في كتب المؤرخين عنها معتمدين دوما على الحقائق و الوثائق و التحليل العلمي و المنطقي بعيدا عن الاثارة الرخيصة القائمة على الاساطير و الخرافات.
هل هم اشخاص مصابين بأمراض معينة حولتهم الى مستذئبين ؟
صورة متخيلة للرجل الذئب او المستذئب كما تصوره القصص و الروايات و تجسده السينما في افلام الرعب حيث طالما ارتبطت شخصية المستذئب بالقمر
الرجل الذئب او المستذئب (Werewolf ) هو إنسان يمتلك القدرة على التحول بشكل كامل الى ذئب و يكتسب أثناء ذلك جميع صفات الحيوان الوحشية مع احتفاظه ببعض صفاته البشرية كالنطق مثلا و غالبا ما يتم هذا التحول في الليل و بالخصوص عندما يكون القمر بدرا مكتملا و يستمر حتى بزوغ الشمس حيث يعود المستذئب الى شكله البشري و قد اقترن هذا التحول في فلكلور الشعوب بسفك الدماء و التهام البشر و خصوصا الأطفال و النساء.
ربما تكون شخصية المستذئب هي واحدة من أقدم الأساطير التي حيكت حول العلاقة بين الإنسان و الحيوان فقد ورد ذكرها في كتابات الإغريق و الرومان و ازداد الاعتقاد و الإيمان بها في العصور الوسطى حيث كانت أوربا تعيش آنذاك عصور الخرافة و الظلام فانتشرت قصص السحر و الجن و مصاصي الدماء و المستذئبين .. الخ و صارت جزءا لا يتجزأ من فلكلور الشعوب الأوربية لتتحول فيما بعد الى قصص و روايات استحوذت على إعجاب القراء و لتستمد منها السينما واحدة من أشهر شخصيات الرعب و التي أصبحت مصاحبة في اغلب الأحيان لشخصية الرعب الأشهر و هي شخصية مصاص الدماء (Vampire ). و هذه الروايات و الأفلام جعلت الكثير من الناس يتساءلون حول صحة هذه الأسطورة او أصلها و مصدرها و خاصة انها ارتبطت بالذئب , ذلك الحيوان الغريب الذي طالما ادخل عواءه الليلي الخوف إلى قلوب بني البشر فربطته الأساطير و الخرافات بعالم الأشباح و الأرواح و ربما كانت لخفته في الحركة و ظهوره و اختفائه المفاجئ دورا كبيرا في إسباغ هذه الصفات عليه. و مما أثار دهشتنا أثناء بحثنا عن مصادر حول الموضوع هو ان البعض يدعي ان هناك أمراض نادرة تصيب الإنسان فتحوله الى مستذئب او مصاص دماء مستمدين آرائهم هذه من بعض النظريات الطبية , التي سنتطرق لها لاحقا , و التي تحاول شرح و تفسير أصل الأسطورة و ليس إثبات صحتها , فلا يوجد مرض في العالم يجعل المريض يتحول الى ذئب يهيم وجدا بأكل لحوم البشر , و كيف لمريض مرهق ان يتجول بخفة و سرعة في الغابات ليطارد و يقتنص فرائسه ؟!! و أي مرض هذا الذي يجعل الإنسان يكتفي بشرب الدماء ؟!! و هل يحتاج مص دماء البشر الى مرض؟ فليأتوا الى بلداننا و يروا كيف يمص البعض دمائنا جهارا نهارا و بدون أي رادع او خجل !!.
و الجدير بالذكر ان اغلب شعوب و حضارات العالم عرفت مثل هذه الأساطير المرتبطة بتحول الإنسان جسديا من شكل الى اخر , و في فلكلورنا العربي هناك الكثير من الشخصيات المشابهة لشخصية المستذئب الأوربية لعل أشهرها هي خرافة (السعلاة) او السعلوة كما تسمى باللهجات الدارجة حيث عرفها العرب في الجاهلية و بعد الإسلام و صوروها على شكل مخلوق كث الشعر مخيف الشكل و لكنها تملك القابلية على التحول الى شكل امرأة رائعة الجمال حيث تقوم بإغواء المسافرين و تنتهز الفرصة لقتلهم و أكلهم و لها أخبار كثيرة في كتب المؤرخون العرب. كما عرف الهنود الحمر أسطورة الرجل الذئب و اشتهرت في فلكلور القبائل المنتشرة بشكل خاص في أمريكا الشمالية.
**************************************************