من حفر حفرة لأخيه .....
كان سلام وحرب صديقين حميمين، ألفت بينهما القربى وجمع بين قلبيهما التفاهم والإخاء. أضف إلى ذلك أنهما كانا يزاولان نفس الحرفة "التجارة" إلا أنهما لم يتعاملا في بيع أو شراء وذلك لأن الأصناف التي تاجر بها أحدهما اختلفت كثيرا عن الأصناف التي تاجر بها الآخر. ولو قام بينهما مثل هذا التعامل لما استمرت الصداقة بينهما في الغالب،
ذلك أن حربا كان شريرا ماكرا بينما كان سلام طيبا بل ساذجا،
وما أسرع ما يتكشف المكر والشر بالتعامل التجاري وما أسرع ما تنهار الصداقات تبعا لذلك.
واتفق ذات يوم أن عثر الصديقان على كيس كبير ملآن بالنقود بينما كان يتنزهان في إحدى الغابات، فقال سلام: "هده هدية من الله عز وجل.. دعنا يا أخي نتقاسم النقود بالتساوي.." وجاء رد حرب سريعا وقال:
"نحن لو فعلنا ذلك لأنفقنا النقود بالسهولة التي حصلنا عليها بها.. لا يا أخي.. فأنا حريص على أن نبقى أنا وأنت أغنياء أطول مدة ممكنة..
لذلك أرى أن نخفي النقود ونخبئها في مكان ما في هذه الغابة على أن نسحب منها كل يوم بقدر ما يكفينا لذلك اليوم.."
وما أسرع ما وافق سلام على رأي حرب، وما أسرع ما حفر هذا الشرير حفرة عميقة تحت شجرة كبيرة وارفة ثم وضع المال وطمره في الحفرة وعاد الصديقان من حيث أثيا وكأن شيئا لم يكن.
وسارت الأمور بعد ذلك على خير ما يرام، إذ كان الصديقان يذهبان إلى شجرة الكنز عشية كل يوم ثم يعودان منها محملين بمبلغين متساويين من المال،
إلا أن هذا الوئام لم يطل أمده وقد غلب على حرب طبعه الشرير،
والطبع يغلب التطبع كما يقولون، إذ لم يلبث أن ذهب إلى الشجرة مفردا واستولى على كيس النقود لوحده دون أن يفكر بإعطاء صديقه سلام نصيبه منه.
ولو وقف الشر عن هذا الحد لهان الأمر، فقد ذهب إلى حد اتهام صديقه البرئ البسيط بسرقة المال وشكا أمره إلى الوالي، وكان الوالي على جانب من الغباء
بحيث كاد حرب أن ينجح في تنفيذ مؤامرته حتى النهاية.
قال الوالي : وأين شهودك يا حرب، فأنا لا أستطيع أن أفصل في القضية وأدين صديقك ما لم يكن لديك شهود يؤيدون أقوالك.
فقال حرب: ليس لدي شهود يا حضرة الوالي سوى الله عز وجل، ومن يدري،
فالله قادر على كل شئ، فهو الذي أنطق المسيح في المهد صبيا وهو قادر على أن ينطق الشجرة التي خبأنا تحتها المال فيظهر الحق وتنجلي القضية..
أتوسل إليك أيها الوالي العادل أن نذهب إلى الشجرة ونحاول استنطاقها والحصول على شهادتها.
أعجب الوالي بالفكرة وقرر الذهاب إلى الشجرة ومعه كلا المتخاصمين حرب وسلام ومعه أيضا جلاده القوي الشهير بقطع الرقاب.
ولا تسل عن فرح حرب بموافقة الوالي على اقتراحه، إذ كان قد استأجر رجلا فقيرا صعد إلى أعلى الشجرة واختفى بين أغصانها وأوراقها الكثيفة. وكان المفروض بذلك أيضا أن يجيب على أسئلة الوالي وكأنه هو الشجرة نفسها تتكلم، وكان المفروض أيضا أن تكون أجوبته في صالح حرب وضد سلام.
ووصل الوالي ومن معه إلى حيث كانت الشجرة، وطرح من الأسئلة
وسمع من أجوبة الشجرة ما أثار دهشته وما جعله يؤمن بكل ما زعمه حرب،
وكاد الوالي أن يصدر أوامره بإنزال العقوبة بسلام لولا أن حدث ما لم يكن في الحسبان. ذلك أن الوالي أشعل سيجارة وألقى بعود الثقاب الذي أشعلها به جانبا
وإذا بالنار تشب فجأة وترتفع ألسنتها وتمتد إلى أعلى الشجرة إلى حيث كان يختبأ الرجل المأجور، وصاح الرجل مستغيثا بأعلى صوته، وما لبث أن ألقى بنفسه من فوق الشجرة فتلقاه الجلاد بيديه.
ولا يخفى أن الرجل المأجور هذا أفضى بالحقيقة إلى الوالي، فظهرت براءة سلام وثبتت إدانة حرب ونال هذا الأخير عقابه بعد أن أحضر المال
وسلمه كله إلى سلام.
**************************************************
كل مساهماتي منقولـــــــة، ارجو ان اكون وفقت في نقلها بقصد الافادة
***
لا اله الا انت سبحانك، اني كنت من الظالمين
اللهم اغفر لي ولوالدي وللمسلمين والمسلمات
والمؤمنين والمؤمنات، الاحياء منهم والاموات
اللهم آمين يارب العالمين