السلام عليكم ورحمة اله تعالى وبركاته
تحية لك لأختي الكريمة عطا المصراوية وشكرا على طرح هذا الموضوع
فعلا أختي الكريمة إن كل ما يقع لنا في هذه الحياة هو مقدر ومكتوب وعلينا التسليم بذلك والرضا لكن عند كل قدر يجب أن يقف الإنسان وقفة مع نفسه.
فبالإضافة لما كتبت أختي والآيات المهمة التي استدللت بها في هذا السياق أردت أن أضيف بعض الآيات التي لا تقل أهمية على ما ذكرت.
فما يصيبنا من خير أو شر هو كله من عند الله لكن يجب أن ننتبه إلى نقطة مهمة هي أن الخير يكون من فضل الله ونعمته على عباده أما الشر فهو من عند الله طبعا لكن الشر هنا هو عدل من الله.
فما نتخبط فيه من هموم فمن أنفسنا، ويجب أن نراجع أنفسنا، فالله لا ينزل عقوبة على عباده هكذا دون سبب، فالسبب من عندنا والعقوبة من الله، ولن يستقيم الحال وتزول الهموم حتى يزول السبب ونراجع أنفسنا حتى في أدق الأشياء.
فنحن عندما ننسب كل ما يقع لنا من شر أو هم إلى الله هكذا فإننا قد نقع في وصف الله بالظالم والله في آيات كثيرة نفى الظلم عن نفسه يقول تعالى :
(ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍلِلْعَبِيدِ) الأنفال:51
(ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) الحج: 11
)مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) قّ:29
(وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِِ) فصلت:46
(إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ) النساء:40
(إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً) يونس:44
(وَلا يَظْلِمُرَبُّكَ أَحَداً) الكهف:49
ليس الله بظلام للعبيد، فالعبد هو السبب أصلا في وقوع هذا الشر أو هذه العقوبة عليه بسبب ذنوبه ومعاصيه.
ويقول عز وجل في كتابه :
(أو لمَّا أصابتكم مصيبة قد أصَبتم مثليْها قلتم أنَّى هذا قل هو من عند أنفسكم إن اللهعلى كل شيء قدير) آل عمران 165
وجاء في تفسير هذه الآية للقرطبى :
(أي ما أصابك يا محمد من خصب ورخاء وصحة وسلامة فبفضل الله عليك وإحسانه إليك، وما أصابك من جدب وشدة فبذنب أتيته عوقبت عليه، والخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم والمراد أمته، أي ما أصابكم يا معشر الناس من خصب واتساع رزق فمن تفضل الله عليكم، وما أصابكم من جدب وضيق رزق فمن أنفسكم، أي من أجل ذنوبكم وقع ذلك بكم)
ويقول عزل وجل :
(ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمننفسك) النساء:79
(وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير) الشورى : 30
ويقول أيضا :
(ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدى الناسليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون) الروم : 41
يقول ابن القيم في كتابه "الداء والدواء" :
"..ومن آثار الذنوب والمعاصي إنها تحدث في الارض أنواعا من الفساد في المياه والهوى والزرع والثمار والمساكن قال تعالى (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدى الناسليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون)....
....قلت أراد أن الذنب سبب الفساد الذي ظهر، وإن أراد أن الفساد الذي ظهر هو الذنوب نفسها، فيكون قوله : (ليذيقهم بعض الذي عملوا) لام العاقبة والتعليل وعلى الاول فالمراد بالفساد النقص والشر والالآم التي يحدثها الله فى الأرض بمعاصيالعباد فكلما أحدثوا ذنبا أحدث لهم عقوبة كما قال بعض السلف كل ما أحدثتم ذنباأحدث الله لكم من سلطانه عقوبة والظاهر والله أعلم إن الفساد المراد به الذنوبوموجباتها ويدل عليه قوله تعالى : (ليذيقهم بعض الذي عملوا) فهذا حالنا وإنما أذاقناالشيء اليسير من أعمالنا فلو أذاقنا كل أعمالنا لما ترك على ظهرها من دابة..."
وأختم بهذه الآية الكريمة :
(وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ) فاطر: من الآية 45
تقبلوا مروري
تحياتي
**************************************************
إذا أردت شيئا بشدة فأطلق سراحه، فإن عاد إليك فهو ملكك لك، وإن لم يعد فهو لم يكن لك من البداية.