قصيدة يا دارُ ما لَكِ ليس فيكِ أَنيسُ ( أبو الشيص محمد )
يا دارُ ما لَكِ ليس فيكِ أَنيسُ
إلاّ معالم آيُهُنَّ دُرُوسُ
الدهرُ غالَكِ أمْ عَراك من البلَى
بعد النَّعيم خُشُونة ٌ ويُبُوسُ
ما كان أخْصَبَ عيشنا بك مرَّة
أيامَ رْبعُك آهِلٌ مأنوسُ
فسَقاكِ يا دارُ البلَى متجرّفٌ
فيه الرَّواعِدُ والبروقُ هجوسُ
دار جلا عنها النَّعيم فرَبَعها
خلَقٌ تمرُّ به الرّياح يبيسُ
طَلَلٌ محَتْ آيُ السَّماء رسومه
فكأنَّ باقي مَحْوهنَّ دروسُ
ما استحلبتْ عينيك إلا دِمّنة
ومَخرَّبٌ عنه الشّرَى منكوسُ
ومخيَّسٌ في الدار يْندب أهْلَهُ
رثُّ القلادة في الترابِ دسيسُ
أنِسَ الوحوشُ بها فليس بربعها
إلاّ النعامُ تَرُودُه وتجوس
رَبْعٌ تربَّع في جوانبه البِلى َ
وعفَتْ معالِمُه فهنّ طمُوسُ
يدعو الصَّدَى في جوفه فيجيبه
رُبْدُ النعام كأنَّهُنَّ قُسوسُ
ولربّما جرَّ الصبّا لي ذيلَهُ
فيه وفيه مألَفٌ وأنيسُ
من كلّ ضامرة الحشا مهضومة
لحبالها بحبالنا تَلبيسُ
متستّرات بالحياء لوابسٌ
حُلَل العَفاف عن الفواحش شوسُ
وسبيئة من كرْمها حِيريَّة
عَذْراء من لمس الرّجال شَموسُ
لم يفتق النعمان عُذرتَها ولم
يَرْشف مجاجة كأْسها قابوسُ
كتَب اليهودُ على خَواتِم دَنّها
يا دنُّ أنتَ على الزَّمان حَبيسُ
ذِمّيَّة صلّى وزَمْزَم حوْلَها
من آل برْمك هَرْبدٌ ومجوسُ
تجلو الكؤوس إذا جلَت عن وَجْهها
شمساً غذاها الشمس فهي عروسُ
عكَفتْ بها عُفْر الظّباء كأنَّها
بأكفهنَّ كواكبٌ وشموسُ
من كلّ مرتَجِّ الرَّوادف أحوَرِ
كسْرى أبوه وأمّه بلْقيسُ
رَخُو العِنان إذا ابتديت فخادِمٌ
وإذا صبوتَ إليه فهو جليسُ
يسعى بإبريق كأنَّ فِدَامَهُ
من لونها في عصفرٍ مغموسُ
يسقيك ريقَ سبيئة ٍ حِيريّة
مما استباه لِفِصْحِهِ القّسيسُ
بين الخِوَرَنقِ والسَّدير مَحِلَّة
للهّوِ فيها منزلٌ مطموسُ
فالنَّدّ من ريحانها مُتَضَوِّعٌ
والظَّهر من غِزْلانها مدحوسُ
نحِسَ الزَّمان بأهْلها فتصدّعوا
إنَّ الزمَّان بأهْلهِ لَنَحُوسُ
كّنا نحِلّ به ونحن بغبْطَة ٍ
أيامَ للأيام فيه حَسيسْ
فبنى عليه الدهرُ أبنية َ البلى َ
فعلى َ رُباه كآبة ٌ وعُبوسُ
وصريع كأس بتُّ أرقبه وقد
نهشتْه من أفعى المدام كئوسُ
عقلَ الزجاجُ لِسانَه وتخاذَلتْ
رجلاه فهوْ كأنَّه مطسوسُ
سَطَتِ العُقارُ به فراحَ كأنَّما
مجَّ الرَّدى في كأسهِ الفاعوسُ
**************************************************