الترنيمات الغنائية للام العراقية في الموروث الشعبي
// مازالت الترنيمة الجميلة التي كانت ترددها امهاتنا أطال الله في اعمارهن بصوت شجي ترن في ألاذان وهي تهز ذلك السرير (الكاروك) الخشبي المزركش بألوان زاهية الذي ينام فيه أخي الصغير قائله له :
دللول يالولد ياابني دللول
عدوك عليل او ساكن الجول
// كم هي جميلة تلك الكلمات البسيطة ذات المغزى الكبير وغيرها من الترنيمات الغنائية التي توارثتها من امهاتنا الحبيبات من جداتنا ، هي من ضمن الموروث الشعبي الزاخر بالكثير من الاهازيج والحكايات والأمثال والألعاب الشعبية ... وأحياناً أنا وأفراد عائلتي نطلب من والدتي وبألحاح ان تؤدي هذه الترنيمه لما لها من وقع كبير على أذاننا وأحاسيسنا وكنا نقلدها بالحركة والترديد حتى كبرنا ومازالت والدتي تضع أحفادها في حجرها وتردد نفس الترنيمة التي لم يتغير وقعها علينا رغم مرور سنين طوال .
// يقول الباحث الموسيقي السيد حبيب ظاهر العباس ان الغناء هو اول صور الفن التي يواجهها الطفل وهو بين ذراعي امه وغناء الأمهات لأطفالهن عبارة عن ترنيمات بالكلمات المورثة التي تصطحبه عادة مداعبة الطفل وملاعبته وبتحريكه في المهد لينام، ويعد هذا الغناء جزءاً من الفلكلور العراقي الشعبي ذا قيم ثقافية وتربوية، وهو من الاجناس الادبية في حين يوضح الكاتب العراقي كمال لطيف:-
ان الام تنفرد بطفلها وهي تهز المهد (الكاروك) وتبدأ بلحن يشبه النعي من نغم الحجاز وتقوم الأم بشد الكاروك بحبل لتسحبه وهي تتذكر أيامها الخوالي لاسيما اللواتي يتزوجن برجل بعيد عن منطقة أهلها وأحبابها فتقوم بمناغاة طفلها وهي في مهده قائلة :
رأسي وجعني كومي شديه
أوشد الغريبه مانفع بيه
يمه الولد يامحبس يميني والله يمه
وتردد احيانا ً
هزيت مهدك مالكيتك
أوبين النجم مادوريتك
غريبات ميحنن علي والله يمه
// ويواصل حديثه بالقول :
عندما ترقص بعض الأمهات أولادهن يقلن
وتروحلك فدية
النعجة والطلية
والكاعد اباب الحوش فوزية المجدية
// اما المرحوم الشيخ جلال الحنفي البغدادي فقد عبر عن هدهدة الطفل بقولة :
من المعروف عن الام العراقية استخدامها عند مراقصة او مداعبة ابنائها الفاظاً وحركات يختلف تمام الاختلاف عن الامهات الاخريات في دول العالم، الا ان ذلك وللأسف بدأ ينعدم ويوشك أن يزول ومن بين هذه الاغاني وعلى سبيل المثال اذا كانت الرضيعه أسمها زهرة فخلال تدليلها ومداعبتها بـ
زهوري من حلاها
كصايبها وراها
أجه الخطاب يخطبها
أبوها مانطاها
// وكان للحاجة (فاطمة عبود) حديث شيق عن هذه الترنيمات جاء فيه ان الامهات يرددن الترنيمات لأطفالهن خلال تنويم الطفل او خلال دخوله الحمام ومساعدته على المشي او عند مداعبته او خلال فترة أرضاعه، ومن هذه الاغاني التي لاتنسى
هز روسك يانمنم – بيه الودع والخضرم
// وتضيف الحاجة قائلة : تختلف ترنيمات الأولاد عن البنات اذ تقول المرأة التي تلد الاولاد
الولد يامحبس يميني
يازهرة الدنيا بعيني
خلاف الولد محد يلفيني
// وأختتمت الحاجة (ام ناظم) حديثها بالقول : هناك اغان وأشعار بين نسوان الحمه( المتزوجات من الاخوة) اذ تتفاخر الاولى بولادة الاولاد والثانية بالبنات فتقول أحداهما للاخرى
شلوكه وشلوكه
وكطان بين شلوكه
أم الولد فرحانة
وام البنت مخنوكه
ردت عليها ام البنات فتقول
انت ماادري شكلتي
وانتي بكلامج علتي
وابنج مظموم لبنتي
لاخذه واخليج خالية
// ونرى ان الكتابة عن هذا الموضوع الشيق ليس بالسهل بل يجب البحث عنه بدقة لان هناك الكثير من الترنيمات التي تغنت بها الام العراقية وهو موروث شعبي توارثته الاجيال ولم تعد الام كما كانت بالأمس ولاسيما المتعلمة لأنشغالها بامور اخرى الهتها عن مثل هذه العادات والتقاليد لذا نطالب الجهات المسؤولة الحفاظ على هذا الموروث الشعبي الزاخر من خلال اعداد الدراسات والبحوث الخاصة بهذا الموروث .او أستخدامها ضمن المناهج التربوية على ان تتماشى مع متطلبات العصر التكنلوجي الحديث ، لتكون جسر التواصل بين الماضي والحاضر والمستقبل .
**************************************************