مجموعة من قصائد الشاعر العراقي أحمد مطر
جَسَّ الطبيبُ خافقي
وقالَ لي: هَلْ ها هُنا الأَلمْ؟
قلتُ له: نَعَمْ
فَشَقَّ بالمِشرَطِ جيبَ مِعْطفي
وأخْرجَ القَلَمْ!
هَزَّ الطبيبُ رأسَهُ.. وَمالَ وابتَسَمْ
وَقالَ لي: ليسَ سِوى قَلَمْ
فَقلتُ: لا يا سيّدي
هذا يَدٌ.. وَفمْ
رَصاصةٌ.. وَدَمْ
وَتُهمَةٌ سافِرَةٌ.. تَمشي بلا قَدَمْ
****
طاغوتية
في بلاد المشركين ،
يبصق المرء بوجه الحاكمين،
فيجازى بالغرامة؛
ولدينا نحن أصحاب اليمن،
يَبصُقُ المرء دماً تحت أيادي المخبرين،
ويرى يوم القيامة،
عندما يَنثُر ماء الورد، والهيل ــ بلا إذن ــ على وجه أمير المؤمنين
****
رسالة بالبريد المستعجل
العرب والبحث عن والي ورب يعبدون..
مِن أوباما..
لِجَميعِ الأَعرابِ شُعوباً أو حُكّاما:
قَرْعُ طناجِرِكُمْ في بابي
أرهَقَني وَأَطارَ صَوابي..
افعَلْ هذا يا أوباما..
اترُكْ هذا يا أوباما..
أَمطِرْنا بَرْداً وسَلاما
يا أوباما.
وَفِّرْ لِلعُريانِ حِزاما!
يا أوباما.
خَصِّصْ لِلطّاسَةِ حَمّاما!
يا أوباما.
فَصِّلْ لِلنّملَةِ (بيجاما!)
يا أوباما..
قَرقَعَةٌ تَعلِكُ أَحلاماً
وَتَقِيءُ صَداها أوهاما.
وَسُعارُ الضَّجّةِ مِن حَوْلي
لا يَخبو حتّى يتنامى.
وَأنا رَجُلٌ عِندي شُغْلٌ
أكثَرُ مِن وَقتِ بَطالَتِكُمْ
أطوَلُ مِن حُكْمِ جَلالَتِكُمْ
فَدَعوني أُنذركُمْ بَدءاً
كَي أَحظى بالعُذْرِ ختاما:
لَستُ بِخادِمِ مَن خَلَّفَكُمْ
لأُساطَ قُعوداً وَقِياما.
لَستُ أخاكُمْ حَتّى أُهْجى
إنْ أَنَا لَمْ أَصِلِ الأَرحاما.
لَستُ أباكُمْ حَتّى أُرجى
لأَِكونَ عَلَيْكُمْ قَوّاما.
وَعُروبَتُكُمْ لَمْ تَختَرْني
وَأنا ما اختَرتُ الإسلاما!
فَدَعوا غَيري يَتَبَنّاكُمْ
أو ظَلُّوا أَبَداً أيتاما!
أنَا أُمثولَةُ (شَعْبٍ) يأبى
أن يَحكُمَهُ أحَدٌ غَصبْا..
و(نِظامٍ) يَحتَرِمُ الشَّعبا.
وَأَنا لَهُما لا غَيرِهِما
سأُقَطِّرُ قَلبي أَنغاما
حَتّى لَو نَزَلَتْ أَنغامي
فَوقَ مَسامِعِكُمْ.. أَلغاما!
فامتَثِلوا.. نُظُماً وَشُعوباً
وَاتَّخِذوا مَثَلي إلهاما.
أَمّا إن شِئتُمْ أن تَبقوا
في هذي الدُّنيا أَنعاما
تَتَسوَّلُ أَمْنَاً وَطَعاما
فَأُصارِحُكُمْ.. أنّي رَجُلٌ
في كُلِّ مَحَطّاتِ حَياتي
لَمْ أُدخِلْ ضِمْنَ حِساباتي
أَن أَرعى، يوماً، أغناما
****
لا سياسة
وضعوا فوق فمي كلب حراسة ،
وبنوا للكبرياء في دمي سوق نخاسة ،
وعلى صحوة عقلي أمروا التخدير أن يسكب كأسة ،
ثم لما صحت: "قد أغرقني فيض النجاسة " ،
قيل لي : " لا تتدخل في السياسة " ؛
تدرج الدبابة الكسلى على رأسي إلى باب الرئاسة ،
وبتوقيعي بأوطان الجواري ،
يعقد البائع والشاري مواثيق النخاسة ،
وعلى أوتار جوعي ، يعزف الشبعان ألحان الحماسة ،
بدمي ترسم لوحات شقائي ،
فأنا الفن وأهل الفن ساسة ،
فلماذا أنا عبد، والسياسيون أصحاب قداسة ؟
قيل لي : " لا تتدخل في السياسة " ؛
شيدوا المبنى وقالوا أبعدوا عنه أساسة ،
أيها السادة عفوا، كيف لا يهتز جسم عندما يفقد رأسه
****
كلب الوالي
كلب والينا المعظم عظني اليوم ومات ،
فدعاني حارس الأمن لأعدم ،
بعدما أثبت تقرير الوفاة
.أن كلب السيد الوالي تسمم
****
الثور والحظيرة
الثور فر من حضيرة البقر، الثور فر ،
فثارت العجول في الحضيرة ،
تبكي فرار قائد المسيرة ،
وشكلت على الأثر ،
محكمة ومؤتمر ،
فقائل قال : قضاء وقدر ،
وقائل : لقد كفر ،
وقائل : إلى سقر ،
وبعضهم قال امنحوه فرصة أخيرة ،
لعله يعود للحضيرة ؛
وفي ختام المؤتمر ،
تقاسموا مربطه، وقسموا شعيره ،
وبعد عام وقعت حادثة مثيرة ،
.لم يرجع الثور ، ولكن ذهبت وراءه الحضيرة
****
وله أيضا
تهتُ عنْ بيتِ صديقي
فسألتُ العابرين
قيلَ لي امشِ يَساراً
سترى خلفكَ بعضَ المخبرينْ
حِدْ لدى أولهمْ
سوفَ تُلاقي مُخبراً
يَعملُ في نصبِ كمينْ
اتَّجِهْ للمخبرِ البادي أمامَ المخبرِ الكامنِ
واحسبْ سبعة، ثم توقفْ
تجدِ البيتَ وراءَ المخبرِ الثامنِ
في أقصى اليمينْ
حفِظَ اللهُ أميرَ المخبرينْ
فلقدْ أتخمَ بالأمنِ بلادَ المسلمينْ
أيها النّاسُ اطمئنوا
هذه أبوابكمْ محروسة في كلِّ حينْ
فادخلوها بسلامٍ آمنينْ.
**************************************************