قبيلة الدينكا
الدينكا هم اكبر المجموعة النيلية ، والمجموعة النيلية عموما جاءت من سفوح
الهضبة الأثيوبية واستقروا في الجزء الجنوبي من منطقة البيبور الحالية
وتحلقوا حول الأنهار وخاضوا معارك ضد من هدد وجودهم من قبائل عاشت قبلهم
وقد قسم النيليون إلى قسمين :
نيليين وننيليين حاميين ، والدينكا نيلييون وهم اكبر قبيلة بالسودان ، وقال
البعض انهم ثاني اكبر قبيلة بإفريقيا بعد الماساي في كينيا وهم يمثلون 11%
من مجموع سكان السودان و 50,4% من سكان جنوب السودان ، والدينكا ينقسمون
إلى قسمين كبيرين هما : دينكا كوي ويحلف أحدهم قائلا أوك كوي ويعني ان حلف
بجده الأكبر وهو قسم عندهم غليظ وعزيز يقتضي لابر والإيفاء ويفهم ان القاسم
بذلك من دينكا كوي وسمي الجد كوي بالصقر القوي الأبيض ذي الرقبة المائلة
للسواد ويسميه أعراب البقارة بولي وهو صقر كاسر وسريع الانقضاض على فريسته
اذ بين ان تظهر صغار السمك على سطح الماء وتختفي يكون قد اخذ صيدته منها في
قوة وسرعة فائقة مذهلة واصابة لا تخطئ الهدف بأية حلا ، هذا وينقسم دينكا
كوي الي ثلاثة اقتسام كبيرة تربطها معا عادات وتقاليد وأقسامها هي دينكا
ريك ومركزهم التونج ودينكا قوقريال وهم خليط من دينكا ريك ودينكا توج
ودينكا ملوال وهم اكبر مجموعات الدينكا قاطبة واهم مراكزهم اويل
هنالك خرافات تصل إلى درجة التقديس عند عموم الدينكا بالسودان والخرافة
عندهم عنصر أولي لبناء العقل تدل على خصوبته تقول خرافة الدينكا او معتقدهم
ذلك ان جد الدينكا جميعا يسمى دينج ديت وتعني في لغتهم ربنا الكبير قالوا
انه في زمن من الأزمان لابعيد القديمة السحيقة قد جاء مطر وقد سبقه غمام
كثيف وبرق ورعد وظلام دامس ثم برق مضئ بدد الظلمات وجاء صوت وكلام مع
انهمار الأمطار الغزيرة ونزلت بنت ممشوقة القوام فارهة جميلة ضامرة الحشاء
نازلة مع ذرات المطر اسمها ألوت والوت بلغة
الدينكا تعني بنت المطر او الغمام او رزاز المطر وكانت حبلى بارزة بطنها
ومع نزولها وسط المطر ولدت لتوها ولدا صغيرا جميلا بأسنان تامة فقالت ألوت
للخلق من حولها : هذا الولد جاء معي من السماء واذا كنتم عايزين الولد
الصغير يتكلم احضروا ثيران بيضاء واعملوا ولائم وذبائح وكرامة وبعد الذبائح
والكرامات والأعياد ووسط جموع الناس سوف يتكلم الولدالصغير فعملوا
بنصائحها وتجمعوا سريعا من فجاج الدينكا كلها وذبحوا الذبائح واقيمت
الكرامات فجاء المطر منهمر غزيرا فقالت ألوت أن اسم الولد دينج ديت وهو
يحفظكم كلكم وان هذا الولد هو الصلة بيني وبينكم والله خالق الخلق أجمعين
ثم نزل المطر غزيرا ومن خلال المطر والبرق والرعد طارت ألوت في السماء
العليا تاركة دينج ديت مع جمهور الدينكا وتكلم دينج ديت حاثا أي شخص من
الدينكا ومن يعش بينهم من أقوام آخرين لديه بقر ان يخصص منها بقرة ويحفظها
بإسم دينج ديت وسط أبقاره وعندما يسمي الشخص ويخصص ابقار دينج ديت لا يحق
له بيعها وانما يحسن تربيتها لتتكاثر عنده ويستفيد منها في الزواج وشرب
اللبن واكل لحمها وكذلك يحفظون عدداً من الضأن والماعز باسم دينج ديت ، وفي
مطلع كل سنة جديدة يزبح كل شخص وباسم دينج ديت ثورا كرامة وكذلك يذبح
خروفا من ضأن دينج ديت السمينة كرامة وكذلك تذبح الكرامات من أبقار دينج
ديت وماعزة السمان في مواسم الأمطار والحصاد وفي أول نضوج الذرة ولا بد أن
تكون ذبائح دينج ديت من أفاضل خراف وثيران دينج ديت انتهت الخرافة أو
الاعتقاد عند الدينكا وبالتالي فكل أفراد الدينكا وفي كل مكان لا بد من
يسمون جزءا من أبقارهم واغناهم وضأنهم بإسم دينج ديت وكل أسرة تقريبا تسمى
أحد أبنائها على الأقل باسم دينج تيمنا وتبركا باسم جد الدينكا وطغي عندهم
حب الأبقار وتربيتها والذود عنها ، وجد الدينكا قال لهم في وصاياه ان
الزواج بالأبقار وكذلك الدية والتعويض عن اجزاء الجسم كلها بالأبقار ودينج
ديت قال لجميع الدينكا لا تقربوا الزنا ولا تسرفوا ولا تقربوا زوجات غيركم
ولا تغدروا بغيركم وإذا جاءكم غريب او طريد ديار فأنتم أولى بإيوائه
والبربه وضمه للقبيلة ونجد الدينكا في كل مكان يحفظون ويراعون ويطبقون
وصايا جدهم دينج ديت هذه يُحافظون عليها ويتواصون بها أبا عن جد وبالتالي
صار مجتمع الدينكا كأنقى المجتمعات واطهرها إذا ما قيسوا بغيرهم من هكذا
تواجد الدينكا بالسودان وتوالدوا وتكاثروا وفق معايير أخلاقية يندر أن توجد
في قبيلة نشأت في البدء بعيداً بعيدا عن أديان السماء وهي أخلاقيا تقطعا
لا توجد في كثير من قبائل جنوب كغيرهم الشديدة على شرف المرأة إلى الحد
الذي تزهق فيه عشرات الأرواح بينهم أو مع آخرين لان شرف الفتاة مصونة من
بناتهم قد خدش ، ولذا تجد فتى الدينكا احرص على شرف الفتاة البكر اكثر من
حرصها هي على نفسها ، فرغم الاختلاط التلقائي الذي تفرضه البيئة والحرية
المطلقة بينهم وما كان ساندا من عادة التعري لوقت قريب إلا انه لم تُسجل
وعلى طول تاريخهم حادثة اغتصاب لفتاة واحدة بينهم ورغم انهم بتلك الكثافة
السكانية لا يزنون نساء غيرهم بل ويعافون المرأة التي وطئها غيرهم من
الرجال والزمن قد يغير كل شئ فالدين الخالص لله وحده الحجاب والرجاء ، كما
أن الدينكا لا يقرون بينهم الاسترقاق فعندما كانوا يحاربون في الماضي
القبائل الأخرى ويأتون برجالها أسرى لديهم منذ وصولهم لديار الدينكا أحرارا
بل واخوة لهم يتساوون معهم في كل شئون الحياة ويملكون المال ويزجونهم من
بناته ويعتبرونهم كالإخوان والأشقاء تماما
المصدر : منتدى الدعم العربى
**************************************************