حكاية نوري السعيد والاطفال
مما رواه الاستاذ عبد الهادي الجلبي وهو كان وزيرا للاشغال العامه في عهد باشا نوري السعيد وقد تقلد عدة مناصب وزاريه منها أصبح وزيراً للمواصلات والأشغال في وزارة ارشد العمري الأولى وفي وزارة نوري السعيد التاسعة، ووزيراً للاقتصاد في وزارة طه الهاشمي
حيث قال الاستاذ الجلبي للوفد الذي اراد مقابلة نوري السعيد وكان الوفد مؤلف من الدكتور احمد امين صاحب كتاب التكامل في الاسلام وجماعته الا انهم تاخروا عن الموعد وقد خرج نوري السعيد من مكتبه ملقيا السلام عليهم ولم يقابلهم لانهم اخلوا بالموعد فقد تحدث لهم الجلبي قائلا
قبـل يومـين أو ثلاثة، كان هناك اجتماع بيني وبـين نوري السعيد وصالح جبر ـ وهما اللذان كانا يتناوبان على تقلّد المناصب الوزارية وتشكيل الحكومـة لكن نوري السعيد شغل الوزارات اكثر من غيره ـ في بيتي وبما إن بيتي كائن فـي منطقة شعبية وكان الداخـل إليه عليـه أن يمـر بزقـاق يكثر فيه الصبيان، فعندما اجتاز نوري السعيد ومعه صالـح جبر وعدد من الوزراء الزقاق إلـى بيتنا، أخذ الأطفال ـ وكان عددهم قرابة الخمسين طفلاً ـ يصفقون ويقولون بأعلى أصواتهم وباللهجة الدارجة:
( نوري السعيد القندرة وصالح جبر قيطانه)
يضيف عبد الهادي الجلبي، فتأثـرت كثـيراً عندما سمعت ذلك، فقلت لولـدي، اذهب وأعطي لكل طفل نصف دينار ليغيروا شعارهم وليعلنـوا عن شعار مؤيد عندما يخرج نوري السعيد من البيت.
وبعد أن أتمّ الضيوف اجتماعهم، خرجوا من بيتنا، فتلقاهم الأطفال بالتصفيـق وبباقـة مـن الزهور وهم يرددون:
( نوري السعيد شدة ورد وصالح جبر ريحانة).
فابتسم نوري السعيد من هذا التغيير المفاجئ ووقف على مدارج أحد البيوت وقـال للأطفال: لا يا أبنائي أقروا مثل ما كنتم تقرؤون، فاعتلت أصـوات الأطفال مردده:
( نوري السعيد القندرة وصالح جبر قيطانة)، طفق الأطفال يرددون ذلك بينما نوري السعيـد وصالح جبر وبقيـة الضيـوف مـن الوزراء يصفقون للأطفال ويقرؤون معهم ويضحكون.
باعتقادي هـذا مظهر مـن مظاهر الديمقراطية، أن يكون الحاكم مع رغبـة الناس حـتى لو كان ذلك في الظاهر.
قد يكون نوري السعيد غاضباً فـي باطنه من هذه العبارة المشينة، لكن طقوس الديمقراطية والتنافـس شبه الحر تجعله متواضعـاً لإرادة النـاس حـتى لو كانوا من الصبيان الصغار.
فقوة الحكومات الديمقراطيـة تكمـن فـي وجود الأحزاب الـتي تعمل علـى ممارسـة الضغوطات على الحكومة لتعديل موقفها باتجاه الصالح العام. وهـذا هو عامل ثبات للسلطة، فأغلب الانقلابات العسكرية الـتي حدثت فـي العراق أنها حدثت نتيجة التفاوت الفاحش بـين وجـود الأكثرية ووجود الأقلية في السلطة،
هذه ديمقراطية العهد الملكي وحتى تغيير الوزرات بشكل مستمر لا يشد الوزير على الكرسي ببراغي او رئيس الوزراء لاي سبب بسيط يقدم الوزير او رئيس الوزراء استقالته
**************************************************