لطالما كانت الكوارث الطبيعية، ونهاية العالم أفكارا تتداولها هوليوود في أفلامها السينمائية، لعل أكثرها شهرة مؤخر كان فيلم المخرج رولاند اميريك، "2012".
الفيلم يحكي قصة نهاية العالم المتوقعة في 2012، حيث يعم الدمار أنحاء الكرة الأرضية، وتُغرق مياه المحيطات كافة مدن الأرض، وآثارها، وتحفها المعمارية، إلا أن مجموعة منتقاة من سكان الأرض تجد طريقها نحو الخلاص، والاختباء من هذه النهاية الفظيعة للعالم في مجموعة من الفيالك المبنية خصيصا لهذه الكارثة.
جاكسون، الذي يلعب دوره النجم جون كوزاك، هو كاتب مغمور يتعرف إلى شخص مجنون يتحدث حول نهاية الساعة، فيحصل منه على خريطة تدل على موقع وجود هذه الفيالك، فيهرب هو وعائلته برفقة ملياردير روسي، يحمل تذاكر الركوب في هذه الفيالك.
من دون الخوض في تفاصيل الفيلم، المشابه في أحداثه لأفلام اميريك السابقة إن لم يكن مطابقا لها، تبدو أميركا في هذا الفيلم المنقذة للعالم، والمدمرة له في الوقت نفسه.
فالرئيس الأميركي مثلا، يضحي بفرصته للنجاة من هذه الكارثة، وهو ما يطرح تساؤلا عن مدى مصداقية ذلك في الواقع، وهناك أيضا كارل أنهايزر، المسؤول في البيت الأبيض، الذي يفضل القضاء على ملايين الناس من أجل إنقاذ حياته وحده.
ما يبهر في هذا الفيلم، ومعظم أفلام اميريك، هي المؤثرات الخاصة المستخدمة، والتي تضفي على الفيلم واقعية كبيرة، وتجعل من السينما الأميركية متخصصة في سرد الواقع "الخيالي" على الشاشة الذهبية.
إلا أن ما يدعو إلى احترام هذا الفيلم بالذات هو تلك النزعة الأبوية لمعظم أبطال الفيلم، إذ يفضل جاكسون وزوجته على سبيل المثال، إرسال أولادهما للنجاة بدلا من أنفسهما، حتى الملياردير الروسي، الذي يبدو عليه الجشع والتكبر، بفضل إنقاذ ابنيه بدلا من نفسه.
الفيلم بدا طويلا، وعانت بعض مشاهده من الإسهاب غير المبرر، لربما اعتقد المخرج من خلالها قدرته على إمتاع المشاهدين حتى ولو كان ذلك على حساب الفكرة الأساسية للفيلم.
وعادة ما تقوم الأفلام الأميركية، وهذا الفيلم مشمول أيضا بهذه الخاصية، بالتخلص من "الشخصيات غير المرغوب فيها"، كشخصية زوج كايت كورتيس، طليقة جاكسون، إذ يموت الدكتور خلال محاولة الدخول إلى الفيلك الأميركي، وهو ما يطرح تساؤلا: "لماذا هو بالذات؟"
ولا يخلو الفيلم من الطرافة من حين لآخر، رغم الكم الهائل من الكوارث الحاصلة، فمثلا، عند استعداد جاكسون وعائلته والملياردير الروسي للهبوط من الطائرة العملاقة باستخدام سيارة البنتلي، يحاول جاكسون تشغيل السيارة، إلا أنه لا يستطيع ذلك، إذ إن المفتاح لا يعمل، فيوقف الملياردير الروسي الصراخ والعويل، ويقول بكل برود: "شغل المحرك"، إذ إن هذه السيارة لا تعمل بالمفتاح بل بـ"الكلام".
ورغم كل ذلك، يبعث الفيلم برسالة مفادها أن العالم الذي نعيشه اليوم يرتكز على الرأسمالية المريعة، التي انتقت عددا من أغنياء العالم لينجوا من الكارثة، بينما يذهب الفقراء والمعدمون ضحية لهذا الفقر.
من جانب آخر، لطالما عانت السينما الأميركية من عجزها عن تغيير الصورة النمطية للعرب، وهذا غالبا ما يظهر جليا في أفلام اميريك، فقد ظهر العرب كأشخاص أغبياء لا يفقهون شيئا، ولا يملكون سوى المال، الذي رزقوا به فجأة.
كما أن النساء العربيات يظهرن في الفيلم وكأنهن من عصر ألف ليلة وليلة، ويتبعن الرجل فحسب، من دون أي مراعاة للصورة المختلفة للواقع العربي، خصوصا ذلك الذي تعيشه المرأة اليوم.
يذكر أن أفلام رولاند اميريك دارت حول ذات الموضوع تقريبا، وهو نهاية العالم بسبب كارثة فضائية أو جوية، مثل Independence Day و The Day After Tomorrow، وبالطبع ظهرت الولايات المتحدة الأميركية منقذة العالم.