من قصص النحاة الممتعة
رُوي أن أبا يوسف - صاحب أبي حنيفة - دخل على الرشيد، والكسائي يُداعبه ويمازحه؛ فقال له - أي: للرشيد - أبو يوسف: هذا الكوفي - يعني: الكسائي - قد استفرغك وغلب عليك.
فقال: يا أبا يوسف، إنه ليأتيني بأشياء يَشتمِل عليها قلبي.
فأقبل الكسائي على أبي يوسف، فقال: يا أبا يوسف، هل لك في مسألة؟
فقال: نحوٌ أم فقه؟
قال: بل فقه.
فضحك الرشيد حتى فحص برجله، ثم قال: تُلقي على أبي يوسف فقهًا؟!
قال أبو يوسف: نعم.
قال الكسائي: يا أبا يوسف، ما تقول في رجل قال لامرأته: "أنت طالق أَنْ دخلت الدار"، وفتح أن؟
قال أبو يوسف: إذا دخلَت طُلِّقت.
قال الكسائي: أخطأت يا أبا يوسف.
فضحك الرشيد، ثم قال: كيف الصواب؟
قال الكسائي: إذا قال "أن" فقد وجب الفعل ووقَع الطلاق، وإن قال: "إن" فلم يَجِب ولم يقع الطلاق.
قال: فكان أبو يوسف بعدها، لا يدع أن يأتي الكسائي.
وإليها أشار الناظم بقوله:
ومثل هذا ما حكَوا في المعنى
في (إنَّ هذانِ) عن ابن البنا
وما كهاتين على السواء
ما لأبي يوسف والكسائي
في: إن دخلتِ الدار فهْو يَرجِعُ
لأصل نحو حكمُه متَّبع
**************************************************