حكى الأصمعي رحمه الله
¬°•|[ حكى الأصمعي أنه قال : كنت أسير في بادية الحجاز إذ مررت بحجر كتب عليه هذا البيت :-
يا معشر العشاق بالله خبروا = إذا حل عشق بالفتى كيف يصنع
فكتب الأصمعي تحت ذلك البيت :-
يداري هواه ثم يكتم سره = ويخشع في كل الأمور ويخضع
ثم عاد في اليوم التالي الى المكان نفسه فوجد تحت البيت الذي كتبه هذا البيت :-
وكيف يداري والهوى قاتل الفتى = وفي كل يوم قلبه يتقطع
فكتب الأصمعي تحت ذلك البيت :-
إذ لم يجد صبراً لكتمان سره = فليس له شيء سوى الموت ينفع
قال الأصمعي : فعدت في اليوم الثالث الى الصخرة فوجدت شابا ملقى تحت ذلك وقد فارق الحياة
وقد كتب في رقعة من الجلد هذين البيتين :-
سمعنا أطعنا ثم متنا فبلغـــــــــوا = سلامي الى من كان للوصل يمنــــع
هنيئاً لأرباب النعيم نعيمهـــــــــم = وللعاشق المسكين ما يتجـــــــــــرع
قدم أديب على أحد الملوك في قصره، وعندما وقف على باب القصر منعه الحاجب من الدخول، فطلب رقعة وكتب فيها :-
إن شئت سلَّمنـا فكنَّا كريشةٍ = متى تلقها الريحُ في الأجواءِ تذهبِ
فدخل الحاجب بالرقعة على الملك وبعد أن قرأها قال له : قل له قد خففت جداً .
فرجع الحاجب إلى الأديب وأخبره بما قاله الملك، فكتب عليها :-
وإن شئت سلمنا فكنا كصخرةٍ = متى تلقها في حومة الماء ترسُبِ
فدخل الحاجب مرة أخرى بالرقعة على الملك فقال له الملك : قل له قد ثقلت جداً
فعاد أدراجه إلى الأديب فأخبره بكلام الملك، فكتب عليها :-
وإن شئت سلمنا فكنا كراكبٍ = متى يقض حقاً من لقائك يذهبِ
وعندما دخل الحاجب على الملك أمره بأن يأذن له بالدخول وقضى له حوائجه وانصرف .
سال احدهم وكان اسمه محمود صديقاً له وكان ( اسوداً ) من بابِ المداعبة : ما رأيك في قصيدة المتنبئ
عيد بأية حال عدت يا عيد = بما مضى أم لأمر فيك تجديد
وكان قد أراد في خبث أن يشير إلى قوله :-
لا تشتر العبد إلا والعصا معه = إن العبيد لأنجاس مناكيد
ففطن الرجل لما أراده صديقه فرد قائلا : هي بلا شك قصيدة رائعة جميلة وبخاصة قوله فيها
ما كنت احسبني أحيا إلى زمن = يسيؤني فيه كلب وهو ( محمود )
يروى أن شاعراً كانت له ابنتان على قدر من الذكاء والفطنة، وحدث أن لقي الشاعر عدواً كان يطلبه فعرف أنه مقتول لا محالة، فرجى عدوه بعد أن يقتله أن يذهب إلى منزله، الذي وصفه له، فيلقي علي ابنتيه شطر بيت من الشعر، وهو :-
ألا أيها البنتان إن أباكما
فوعده الرجل أن يفعل ذلك، وبالفعل بعد أن قتله ذهب إلى منزله وطرق الباب فلما ردت عليه إحدى البنتين من داخل البيت، قال :-
ألا أيها البنتان إن أباكما
فردت البنتان في صوت واحد :-
قتيلٌ خذا بالثار ممن أتاكما
ثم صاحتا حتى التم الناس فطلبت البنتان منهم أن يقبضوا على الرجل ويرفعوه إلى القضاء حيث اقر بقتل الشاعر ونفذ فيه القصاص .
مرت امرأة حسناء على قوم من بني نمير يتسامرون، فقال منهم قائلٌ : انظروا لهذه المرأة كم هي جميلة، لم أر مثلها في حياتي قط، فقالت لهم : ويحكم يا بني نمير، لم تمتثلوا فيَّ واحدةً من إثنتين، لا قول الله عز وجل ( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ) ولا قول جرير :-
فغُضَّ الطَّرْفَ إنَّك من نُمّيْرٍ = قلا كعْباً بلغتَ ولا كِلابا
فلم يستطع أحد أن يرد عليها .
كان هنالك إعرابي يمدح معناً بن زائدة بإستمرار، فغاب عنه فترة طويلة وعندما زاره ساله معن : ما الذي أمسكك عنا طيلة هذه الفترة ؟ فقال الإعرابي : وضعت زوجتي مولوداً جديداً ولم أستطع أن أحضر إليك، فقال معن : وما أسميته ؟ قال الإعرابي :-
سميتُه معناً بمعنٍ ثم قلت له = هذا سمي عقيد المجد والجودِ
فقال معن : يا غلام، أعطه ألف دينار ليقول لنا بيتاً آخراً، فأخذها الإعرابي وقال :-
سما بجودك جودُ الناس كلهمُ = فصار جودك محراب الأجاويدِ
فقال معن : يا غلام، أعطه ألفاً ثانية ليقول لنا بيتاً ثالثاً، فأخذها الإعرابي وقال :-
أنت الجواد ومنك الجود أوله = فإن غبتَ فما جودٌ بموجودِ
فقال معن : يا غلام، أعطه ألفاً ثالثة ليقول لنا بيتاً رابعاً، فأخذها الإعرابي وقال :-
من نور وجهك تضحي الأرض مشرقة = ومن بنانك يجري الماءُ في العودِ
فقال معن : يا غلام، أعطه ألفاً رابعة ليقول لنا بيتاً خامساً، عندئذٍ قال الغلام : والله لم يبق في بيتنا ديناراً واحدا، فشكره الأعرابي وانصرف . ]|•°¬
**************************************************