كيف تعالج المرأةالصالحة الابتلاء
أولا : الصبر .. فلا تجزع , بل تثبت , وتحتسب أجرها عند الله , فهذه الشدائد تبين دور الزوجة الصالحة من غيرها , وتظهر عن معدنها النبيل , واصلها الطيب الصادق , فالله تعالى يحب ويبشر الصابرين , والصبر درجة عالية لا ينالها إلا من وفقه الله
فقد مر النبي صلى الله عليه وسلم بامرأة تبكي ابنا لها على قبره , فقال لها : " اتق الله واصبري " أخرجه مسلم , ولما أرسلت ابنته زينب له صلى الله عليه وسلم أن ابنها يحتضر قال لها :" إن لله ماأخذ وله ماأعطى وكل شىء عنده إلى أجل مسمى فاتق الله واصبري " أخرجه البخاري
وقرين الصبر الاحتساب , وإيكال أمرها لربها , وذلك عندما تسمع حديث النبي صلى الله عليه وسلم :" ما يُصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يُشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه" رواه البخاري . وفي هذا تكفير للذنوب ومحو للسيئات ورفع للدرجات ونيل المنزلة في الآخرة . فالصبر والاحتساب هو ما يهون البلاء .
ثانيا : الرضا .. والمقصود ههنا الرضا بقضاء الله سبحانه , إذ نصح النبي صلى الله عليه وسلم المرأة التي ذكرنا أنها فقدت ابنا لها فقال لها :" إنما الصبر عند الصدمة الأولى " . إنه الرضا الذي يجعل عندها القليل كثير , فكلما اشتد ضيقها حمدت الله بقلب راض , حينئذ تشعر بالراحة وسعة الصدر والتفاؤل فإنها تعلم أن ا عند الله خير , يقول صلى الله عليه وسلم : " عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير , وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن , إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له "
وأعلم جيدا أن مرتبة الرضا مرتبة قد تشق على كثيرات من النساء , لكنها ايضا تسهل وتتيسر على كل صالحة وثقت في موعود ربها سبحانه , وفي بشارة نبيه صلى الله عليه وسلم .
إن الرضا في الملمات والأزمات يذيق المرء طعم الإيمان ويصلب عوده , ويجيزه من العقبات .
ومن الرضا عدم الشكوى للناس , والقناعة بالقليل , والاستبشار بالقادم
ثالثا : الإيجابية .. واقصد بها ههنا عدم الاستسلام للانكسار , أو الركون للقعود , أو انتظار الهموم , فهنا تظهر حقيقة المرأة الصالحة في الصعاب والأزمات فلا تجلس تنوح وتبكي حظها , ولا يأخذها القلق , ولا تستبد بها الرجفة , ولا يلفها القنوط , ولا يحاصرها الحزن مهما شعرت به , ولكن يكون تفاعلها مع الأزمة هو التفاعل الإيجابي , تفاعل يدفعها ويحركها نحو فضائل الأعمال وفضائل المواقف , تفاعل لا يجمد أعضاءها بل تستقبل البلاء بإيجابية الثبات , وتقوم بدورها على أكمل وجه وأفضل ما ينبغي .
وربما كان في حديث النبي صلى الله عليه وسلم في اختيار الزوجة إشارة إلى ذلك , إذ يقول :" إذا غاب عنها حفظته في ماله وعرضه "
ولننصح المرأة ههنا عند الأزمات ان تبدي الصلابة في المواقف , وأن تزيد أكثر وأكثر من وقارها في بيتها ومن حشمتها , ومن انكبابها على أسرتها , وألا تفتح مجالا للغرباء ايا كانوا , وأن تستر حالها وحال بيتها مهما استطاعت إلى ذلك سبيلا .
وقد استطاعت نساء صالحات مصلحات أن يضربن المثل في ذلك , فاعتمدن على الله سبحانه ثم بدأن بعملهن الخاص وما صنعت أيديهن في قاع بيوتهن من صناعة أو حياكة أو كتابة أو تجارة أو غيره , فنجحت منتجاتهن وراجت صناعتهن , بمعونة ابنائهن وأخواتهن , بينما هن يحتفظن بكل ما يرضي ربهن ويحفظ عرضهن ويرعى شأن أسرهن .
وقد علمنا رسولنا صلى الله عليه وسلم تلك الإيجابية والتفاعلية في شتى المواقف , فيروي عنه أنس رضي الله عنه يقول كان صلى الله عليه وسلم كثيرا ما كان يقول :" اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن وأعوذ بك من العجز والكسل .." أخرجه البخاري
رابعا : تربية أبنائها .. وهنا تظهر صورة المرأة المؤمنة الصالحة المصلحة , فليس فقط مطلوبا منها أن تكون صالحة في نفسها بينما هي تهمل دورها المنوط بها , بل أيضا ينبغي عليها في الأزمات خصوصا أن تكون صالحة مصلحة , تلك التي تقف وتصمد أمام الرياح , وتواجه كل العقبات , وتقف وقفة شامخة تربي أبناءها التربية التي ترضى الله تعالى وتجد ثمرة هذه التربية في صلاح ابنائها , وتميزهم عن غيرهم , وذلك بتوفيق الله تعالى لها لأنها استمدت العون من الله تعالى حينما اتجهت لرعاية ابنائها فهو سبحانه يتولى الصالحين .
وانصح المرأة الصالحة ههنا أن تبدي أمام أبنائها الصلابة , وأن تستعمل الحزم وتغلبه على اللين , فالابناء إذا فقدوا اباهم أو غاب عنهم مال أكثرهم غلى إثبات ذاته بالقوة والتصميم على الرأي , وهنا يجب أن تبدي الأم موقفا قويا حتى لا تنكسر إرادتها أمام ابنائها .
كما انصحها أن تبدي أمام الآخرين الثبات مهما كانت متألمة , وتجعل شكواها لربها فحسب , فهو كافيها ومفرج كربتها .
خامسا : توطيد الصلة بالله سبحانه , فإذا اشتد الضيق ضيقا والهم هما والحزن حزنا , فالخروج من كل ذلك هو بفرارها إلى الله تعالى , ذلك الذي يخفف عنها الكثير ولا يشعرها بالتعب مهما كانت مدته .
وتتسم المرأة الصالحة عند نزول البلاء بها بعدم الشكوى إلا لله تعالى , فالمشاكل قد تزداد عليها الواحدة بعد الأخرى والأعباء تتزايد .
وعليها في غمرة كل هذه الصعاب الا تعجز , بل ترفع رأسها إلى السماء تنادي , وتناجي مالك الملك , القادر المعين , فإليه المشتكى وحده , ومنه العون سبحانه , الذي يجيب دعوة المضطر فهو سبحانه قريب ..
سادسا : حرصها أن تكون قدوة , لن تنجح المرأة في المهمة التي تنتظرها إلا إذا اصبحت قدوة لأبنائها , وكلما ارتقت في عيونهم كان التقلييد , فأفلحت التربية , كما تكون قدوة لأهل بيتها وجيرانها وأقاربها , والقدوة ليست بكلام يقال و بل بعمل يقدم وصورة منيرة ساطعة فتتبع ...
وعلى المرأة المؤمنة إذا ضاق بها الحال تذكر غيرها اللاتي هن أشد منها بلاء . فمن نظر إلى بلاء غيره هانت عليه مصيبته وبلاؤه , وتذكر أهل الشقاء والمحرومين وشعر بآلامهم .
وبالعموم على المرأة الصالحة أن تعلم أن الله تعالى يمحص الناس في الابتلاء , ويختارهم , ويعلمهم , فيظهر نفاق المنافق وكذب الكاذب , وكذلك يظهر ويتضح إيمان المؤمن قال تعالى " وليمحص الله اللذين آمنوا ويمحق الله الكافرين "
قال ابن القيم رحمه الله : إن الله سبحانه وتعالى اقتضت حكمته أنه لابد أن يمتحن النفوس ويبتليها , فيظهر بالامتحان طيبها وخبيثها , ومن يصلح لموالاته وكرامته ومن لا يصلح , وليمحص النفوس التي تصلح له , ويخلصها بكير الامتحان كالذهب الذي لا يخلص ولا يصفو من غشه إلا بالامتحان , إذ النفس في الأصل جاهلة ظالمة , فقد حصل لها بالجهل والظلم من الخبث ما يحتاج خروجه إلى السبك والتصفية , فإذا خرج في هذا الدار وإلا ففي كير جهنم , فإذا هذب العبد ونقي أذن له في دخول الجنة " , و سنة الله الجارية لامتحان القلوب وتمحيص الصفوف قال تعالى " ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين "
**************************************************