قصة مسلم بن عقيل (ع)
قصة مسلم بن عقيل (ع)
من هو مسلم بن عقيل؟ و لماذا خرج إلى الكوفة؟ و ماذا حصل هناك؟
قال الرسول الأعظم (ص) عن مسلم بن عقيل (ع) :
(تدمع عليه عيون المؤمنين، وتصلي عليه الملائكة المقربون)
فيا ابن عقيل فدتـك النفــــــوس***لـعـظـم رزيـتــك الـفـادحـة
بكتك دما يا ابن عم الحســـيـن***مدامعُ شيعتـك السافحة
لأنـك لم تــــــرْوَ مــن شــــربـةٍ***ثنايـاك فيهـا غـدت طائحـة
رموك مــن القصـــر إذ أوثقـــــوك***فهل سلمت فيك من جارحة
و سحـبـا تُـجَــرُّ بأسـواقـهــــم***ألـســتَ أمـيـرهـم الـبارحـة
مسلم بن عقيل (ع):
كان بنو هاشم مضرب المثل في العلم و الأخلاق الكريمة ، و التضحية و الفداء.
و من بني هاشم مسلم بن عقيل بن أبي طالب ، و هو ابن عم الإمام الحسين (ع).
ترعرع مسلم في حجر أبيه عقيل، و لما توفي أبوه رعاه عمه أمير المؤمنين عليه السلام ، فتلقى منه الكثير من المعارف و الصفات الحميدة.
و كان مسلم بن عقيل من الأصحاب المخلصين للأئمة الأطهار عليهم السلام ، و لهذا كانت له مكانة خاصة عندهم.
أهل الكوفة يريدون الثورة :
بعد أن هلك معاوية بن أبي سفيان صار ابنه يزيد محله ملكا على البلاد الإسلامية، وكان يزيد أيضاً رجلا فاسقا يقتل الأبرياء و يأخذ أموال الناس ظلما ، و يؤذي المؤمنين.
فضاق أهل الكوفة به ذرعا ، فاتفقوا على محاربة يزيد، و أرسلوا الكثير من الرسائل
للإمام الحسين (ع) ليقودهم ضد يزيد.
مسلم بن عقيل ، سفير الحسين (ع):
لما رأى الإمام الحسين (ع) كثرة الرسائل التي جاءت له من أهل الكوفة، أرسل مسلمَ بن عقيل لاستطلاع الأمر ، و معرفة إن كانوا مخلصين أم لا.
والحقيقة أن الإمام الحسين (ع) كان يعلم أن أكثر أهل الكوفة غير مخلصين ، ولكنه أراد إقامة الحجة عليهم فلا يقولوا بعد ذلك أننا أرسلنا للإمام الحسين و لكنه لم يرد علينا.
خرج مسلم بن عقيل من المدينة و قد أعطاه الإمام الحسين (ع) رسالة لأهل الكوفة ، أمرهم فيها أن يبايعوا مسلم بن عقيل نيابة عن الإمام الحسين (ع).
و لما وصل مسلم إلى الكوفة استقبله أهلها أحسن استقبال و رحبوا به كثيرا ، و جاء له الكثير يبايعونه. فقام مسلم بإرسال رسالة للإمام الحسين (ع) ليبشره بذلك.
أتباع يزيد يتحركون :
عيّن يزيد على الكوفة حاكما اسمه النعمان ، و لكنه كان ضعيفا ، فلم يستطع منع الناس من مبايعة مسلم بن عقيل ، فقام يزيد بخلع النعمان من الحكم و عيّن بدله رجلا أكثر ظلما و قسوة ، وهو عبيد الله بن زياد.
كان مسلم بن عقيل مقيما في بيت المختار، و لكن ذلك المكان لم يكن آمنا بما فه الكفاية، فلجأ مسلم إلى بيت هانئ بن عروة، و هو أحد الشيعة و الرجال المحترمين في الكوفة.
بنو هاشم مثال الأخلاق الفاضلة :
كان أحد أصحاب مسلم بن عقيل – و اسمه "شريك" - يتظاهر بأنه من أتباع يزيد، فمرض يوما، فعزم ابن زياد على زيارته.
رأى شريك أن هذه فرصة ثمينة للقضاء على ابن زياد ، فطلب من مسلم بن عقيل أن يختبئ وراء الباب و أن يقوم بقتل ابن زياد.
جاء ابن زياد إلى شريك و جلس عنده، و كان لا يعلم أن مسلم بن عقيل مختبئ وراء الباب، و لما جلس ابن زياد ، أشار شريك بشكل خفي إلى مسلم أن يهجم على ابن زياد ، ولكن مسلم بن عقيل لم يفعل ! كرر شريك إشارته و لكن لم يرَ أن مسلم بن عقيل قد تحرك فتعجب من ذلك.
ولما خرج ابن زياد ، ظهر مسلم من مخبئه ، فسأله شريك:
لماذا لم تقم بقتل ابن زياد ، كانت فرصة كبيرة !
فرد عليه مسلم بن عقيل بأن:أخلاقه الكريمة تمنعه من الغدر بالناس حتى لو كانوا أعداءهم!
وهكذا كان بنو هاشم يلتزمون بتعاليم الإسلام في كل لحظات حياتهم.
ابن زياد يعرف مكان مسلم :
قام ابن زياد بإرسال جواسيسه لمعرفة مكان مسلم بن عقيل ، حتى عرفوا أنه في بيت هانئ بن عروة. فقام ابن زياد بسجن هانئ بن عروة و تعذيبه.
ثم استخدم الخداع و الكذب لتفريق الناس عن مسلم بن عقيل (ع)، فخاف الناس و تفرقوا عن مسلم بن عقيل ، و خالفوا أمر الإمام الحسين (عليه السلام).
اعتقال مسلم بن عقيل (ع) :
مشى مسلم بن عقيل في شوارع الكوفة وحيدا حتى وصل لبيت امرأة عجوز تدعى طوعة، فلما عرفت أنه مسلم بن عقيل استضافته في بيتها.
كان لطوعة ابنٌ شرير بعكسها، فأخبر ابن زياد بمكان مسلم بن عقيل، فجاء له جنود ابن زياد و حاصروه ، فقاتلهم قتال الأبطال حتى تمكنوا من أسره ، و أخذوه إلى ابن زياد.
استشهاد مسلم بن عقيل (ع) :
أمر ابن زياد جنوده بقتل مسلم بن عقيل ، فصعدوا به إلى أعلى القصر و هو يذكر ربه عز وجل ، ثم قاموا بقتله ، و رموا جسمه من أعلى القصر إلى الأرض. ثم قاموا بسحب جسده و جسد هانئ بن عروة بعد قتلهما في شوارع الكوفة بكل قسوة.
و هكذا مضى مسلم بن عقيل بعد حياة مليئة بالصبر و الإخلاص لآل البيت (عليهم السلام) ، وكان ذلك في اليوم الثامن/ذي الحجة/ سنة 60 للهجرة.
فسلام عليه يوم ولد، و يوم استشهد، و يوم يبعث حياً
**************************************************