(٦)قصص سياسية ساخرة.
(١)صكوك الغفران:
تخاصم ضِباعٌ وثعالب على فضلةٍ من بقايا طعام الأسد، فوصل الخلاف إلى ان يُجَنِدَ كلٌ منهم ما يستطيع من حيوانات الغابة إستعداداً لحربٍ ستدوم طويلاً .. حشدوا الجيوش وبداءت معارك عاتية، زُهِقت الأنفس وتطايرت الروؤس، وبعد حينٍ من الدماء، قرروا التفاوض، فتوصلوا إلى أتفاقيةٍ تم من خلالها إعلاءُ شأن الطرفين كُلٌ حَسبَ مَفهومه، فتَشَكلَت لِجنةٌ من مجموعة حيوانات لإحصاء عدد القتلى والأسرى، فوجدوا ان ضحايا الفريقين من الأرانب.
(٢)ثقافة الفئران:
أراد قطٌ أن يصبح صديقاً للفئران، فأصطاد احدهم وعلقه من ذيله دلالةً على انه اصبح من مُناهضي اكلة الفئران .. وصلت فعلةُ القطِ مسامع كبير الفئران، فتقدم بورقةٍ إلى مجلس امن الحيوانات
مفادها انه يشجب فعلة القط، موضحاً ما يلاقيه الفأرُ من عذاب، فأستنكر المجلس تصرف القط ليعود كبير الفئران متفاخراً أن عهده الوحيد الذي شهد استنكاراً لفعلةٍ من أفعال القط الذي اظطَرَ الرضوخَ تحت وطأةِ الضغط الدولي، فأنهى عذاب الفأر في ان انزله في القِدر، لتعود المياه إلى مجاريها.
(٣)مقهى الأكابر:
دارَ نِقاشٌ حاد تحت قبة جامعة الجواري بين الحيوانات الأليفة حول مسألة إخفاء الحمامة الجريحة عن أعين الحيوانات المفترسة، فأرتفع صوتٌ فوق بقية الأصوات سائلاً: "ومن سيخفيها؟" .. عَمَ المجلس الصمت وتبادل الأعضاء النظرات، حتى اقتحم السيد الحمار البدين بصوته الجهوري المعتاد قائلاً: "تاريخنا مشرقٌ ولا احد يستطيعُ سد الشمسِ
بغربال" .. فضجت القاعة بالتصفيق، حتى أستأنف حديثَهُ بهدوءٍ هذه المرة، قائلاً: "رغم ذلك، لا أستطيع إيواء الزميلة، لأن ذلك يخلُ بأتفاقيتي مع سيادة الدب" .. فتشجع الغزال وقال: "انا ايضاً على عهدٍ مع النمر، والحمامة عبئٌ فوق طاقتي".
نهضت الدجاجة والدمعة تكاد تسيل من على خدها حزناً، وقالت: "رَحَلَ زوجي إلى ديار الثعالب لإبرام أتفاقيةٍ معهم، ومساعدتي للغالية سيؤثر سلباً على صفقتنا" .. كان صوتها يسير تنازلياً نحو النبرة الأحزن حتى انتهت قائلة: "أُناشِد ُكُلَ شُرَفاء العالم ان يساعدوا حمامتنا الغالية وزوجي المسكين" .. عاد الصمتُ ليسود الحضور من جديد، حتى قال الخروف: "زملائي العِظام، كلنا نعلم العهد الذي بيني وبين صديقنا الذئب، أي انني لست افضلَ منكم حالاً، لِذا اقتَرِحُ عليكم تسليم الزميلة حمامة كعهدةٍ عند السيد الأسد، بذلك نضمن لها مسكناً لايقربه احدٌ ابدا" .. فصوت الحضور بالإجماع على انها فكرة عبقرية.
(٤)فلسفة الكلاب:
هجمت قبيلة زؤام بزعامة الكلب الأسود على قبيلة سأم في حين غرة فقتلوا من ذكورهم كل من طال سيوفهم وسبوا كل اللواتي دخلن انفسهم .. هاجت ثورة القبائل التي لم تطل من غنائم الأسود سوى الوصف فقرروا الثأر لبني سأم، وإستناداً الى نظرية (افطر به قبل ان يتغدى بي)، هاجم الأسود وقبيلته على القبائل وفعلوا بهم أشد مافعلوه ببني سأم إذ ذبحوا وسبوا إلا من أعلن انه اصبح منهم .. مازاد من حدةِ غرور الأسود وقبيلته بأن اوهمتهم مخيلتهم أنهم قادرين على إزاحة الفيلة وحكم الغابة .. وفي أجتماع اعضاء مجلس الحرب، اقترح عجوز الكلاب ان يباغتوا الفيلة ليلاً كما تعودوا ان يفعلوا باترابهم .. فعرضوا الفكرة على التصويت فلاقت الإجماع.
بداؤا التحضير حتى جاءت ليلة الحسم التي جرت فيها اشتباكات لم تشهد الغابةُ لها مثيلاً من قبل حتى أنتهت بصراخِ جنديٍ من الكلاب: "قُتِلَ الأسود، قُتِلَ الأسود" .. عادوا بخيبةِ املٍ دون جثة الأسود وزملائه الذين اهدتهم الفيلة للتماسيح، عادوا إلى هجاء التماسيح وسط عويل الثكلى .. وبعد انتشار خبر مقتل الأسود أعلنت القبائل الكلبية جميعها الحداد على روحه وقرروا ان لن يكفوا حتى يثأروا لدمه او ان تدفع الفيلة والتماسيحُ ديته.
(٥)وزير لأضحية الكوابيس:
أستيقظ الأسد فزعاً من فراشِه، فأمتصت الدهشة فزعَهُ شيئاً فشيئاً حتى صَرَخ: "أين ذلك الأحمق؟ إلية بوزيري" .. اسرع الضبعُ إلى منزل الخروف: "سيدي الوزير، مولاي الملك يطلبك" .. هرع الخروف إلى الملك ليقص الملك عليه منامَه، ففسره الخروف على انه رسالةُ شؤمٍ تُهدِدُ حياته .. ونصحه ان يُقَدِمَ قرباناً ذا شان ليتجنب الموت .. اقتنع الملك وخوله بالتصرف، فدعا الخروف بقية الحاشية وكبار قادة الجيش، بما فيهم الدب والنمر والثعبان، الى عقد اجتماعٍ طارىء حول أمن الغابه القومي .. وبحضور الملك عُقِدَ الاجتماع، وبعد ان انهى الخروف قصة منام جلالته، ساد الحزن والاسى وجوه المجتمعين حتى تمنوا الموت على ان يسمعوا ان ليلة من ليالي جلالته بهذا السوء، فانهى الخروف حديثه، بأن لاحل سوى بسكبِ دماء تغلي فداءً للملك، وفتَحَ الباب على مصراعيه لمن يرغب نيل هذا الشرف العظيم.
ساد الصمت وانقلبت الوجوه الحزينه الى حائرةٍ صفراء مرتعبه، استمر الصمت حتى لم يبقى من لم يفكر ان يضحي بنفسه كي يتخلص من رعب هذه اللحظات الجهنميةِ التى اخترقها الثعبان قائلا: "بعد اذن مولاي الملك المفدى، من يقرأ التاريخ ويطلع على مشيئة الحضارات، لايخرج الا بنتيجة واحدة لخلاص امتنا العظيمه من هذا الهول الجبار، وهو ان القربان المُقدم لايحققُ مبتغاه الا عندما يُضحى بخروف، فكيف إذا كان الخروف وزيراً؟" .. فصرخ الجميع، ليحيا التاريخ ولتعيش الحضاره.
(٦)ركاكة الشعوب:
تغلغل الصخب الى كل ركن من اركان دولة الحشرات بعد اختفاء ابن الملك الخنفس، وهيئى الجيش للحرب بعد ان اعلنت الزواحف مسوؤليتها عن خطف الامير، فأصبحت الجماهير على خطبةٍ تتوعد بسحق الافاعي، وتبيتُ على اخرى تُنذِرُ التماسيح بالحرق .. ردت السحالي بعملية التهامٍ جماعي لحشرات لاحول لهم ولا قوة، فتصاعدت السنة النار وتجمعت الحشود الحشراتيه امام قصر الملك منتظرين بيانِ إعلان الحرب، فخرج الملك وخرجت ابيات التبجيل من الحناجر ارتجالا .. بدأ الملك حديثه: "شعبنا الصامد، امتنا المجيدة .. لقد تمادى العدو بوحشيته، وقد آنَ موعد دحره وايقافه امام مرأته ليعرف نفسه من يكون" .. صفق الشعب وتعالت الهتافات، وفي هذه الأثناء دنا الوزير من الملك وهَمَسَ في أذنه: "عاد مولاي الامير وهو في القصر الأن" .. أكمل الملك: "نحن التاريخ، نحن الحضارة، لذلك ياشعبنا العظيم، وحقناً للدماءِ ليس إلا، ليكون ولديَ الأميرُ قرباناً لكم".
تعالت هتافات الجماهير، وأستأنف الملك: "لننظر للإلتهام الجماعي على انه أستشهادٌ أختياري، قام به أبطالنا لأجل تحيسن أقتصاد أمتنا، فالأمة لن تنهضَ إلا بدماء أبنائها الزكية" .. تعالت الهتافات مع التصفيق، أستطرد الملك: "ليعود كُلٌ إلى داره، ولتناموا قريري الأعين، فلن أستريح وهناك متعب .. عاشت امتنا، عاش الجيش .. والسلام عليكم" .. فتفرق الجموعُ بالهتاف والمديح بالملك.
تمـــت،،،
**الكاتب غير معروف.
**************************************************