اعرفوا قيمة النعمة التي بين إيديكم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يقول صاحب القصة:
كنت في مطار بانكوك في تايلاند، ودخلت (كافيه) في المطار، وطلبت قهوة، وسألت إن كان عندهم أي (كيك) خال من الكحول أو جيلاتين الخنزير؟
وأنا أسأل سمعني شاب كان خلفي في الدور، فسألني بحماس: أنت مسلم ؟ قلت له: نعم. فنصحني بنوع معين من (الكيك).
وبعد ما أخد كل منا طلبه، استأذنني أن يجلس معي على نفس الطاولة فقلت له: بكل سرور.
سألني من أي بلد؟ والتعارف المعتاد؟ وكان كلامنا باللغة الإنجليزية، إلى أن عرف أنني عربي، فازداد حماسة، وقال لي بلا تردد وبعربية مكسرة: "السلام أليكم أن اسمه عمر وهو من التايلاند" أعجبت بشجاعته في محاولة التكلم بالعربية، وابتسمت له، وقلت له من باب التشجيع: ما شاء الله لغتك العربية جيدة.
عاودنا حديثنا بالإنجليزية، حيث سألني عمر: طيب بما أنك عربي أكيد أنك تعرف قراءة القرآن، فقلت له: الحمد لله، وأنا معلم قرآن، وكنت في تايلاند لتحكيم مسابقة في القرآن.
وفجأة وقف عمر من مكانه وقال لي: صحيح؟ يعني أنت عربي وحافظ للقرآن وتعلمه للناس ؟
قلت له: نعم الحمد لله. قال لي: "هل من الممكن أن أحضنك ؟".
قمت من مكاني وحضنته بشدة، وحاول عمر تقبيل يدي التي انتزعتها بصعوبة، وعاودت احتضانه، وقد ظهرت دموعه في عينيه ...لم أتفاجأ كثيرا من الموقف، لأني أتعامل كثيرا مع مسلمين من غير العرب، وأعرف حبهم واحترامهم وبراءتهم، وأتذكر مرة أن أحدهم وهو فلبيني طلب مني أي ملابس قديمة عندي لأجل أن يلبسها من باب التبرك بالعرب أحفاد الصحابة حسب تعبيره (بالطبع هذا لايجوز) ولكن الذي فاجأني في عمر إنه دخل الإسلام منذ ثلاثة أعوام فقط، ولأجل ظروف شغله، وسكنه البعيد، فإنه يتعلم اللغة العربية من (اليوتيوب) بمفرده،
وكان يدعو الله في كل صلاة أن يتعرف على عربي يساعده في التعلم وحفظ القرآن.
عمر طلب مني أن أصحح له سورة الفاتحة، إن كان عندي وقت ولما قرب ميعاد طائرتي أعطيته (كارتا) فيه رقم هاتفي وإيميلي وطرق التواصل، وقلت له: أعطني رقم هاتفك، ودعنا نكون على تواصل مستمر.
ومع طيبته لم يكن مصدقا إنني سأسجل رقم هاتفه عندي وبعدها الحمد لله بدأت مع عمر دروسا مباشرة (أون لاين) في القرآن، واللغة العربية، واليوم أتم حفظ جزئين تقريبا بحمد الله، ويستطيع أن يقرأ باللغة العربية.
أحببت مشاركتكم قصتي مع عمر لأجل أن أقول لكم: يا مسلمون! انظروا المسلمين من غير العرب كيف ينظرون لنا؟
أناس من أهم أمنيات حياتهم أن يصاحبوا عربيا، حتى يتعلموا اللغة العربية، وحتى يقرأوا القرآن ؟
لتعلم أيها العربي، أنك في نظرهم من أحفاد الصحابة، ولك مكانتك الكبيرة عندهم، وينظرون إليك بمنظر القدوة؟
هؤلاء الطيبون لا يستوعبون أبدًا أن فيه عربي مسلم ومع ذلك هو بعيد عن القرآن!
هؤلاء يجاهدون ليل نهار ولسنين طويلة حتى يتعلموا القراءة بطريقة صحيحة، ونحن الذين لساننا عربي مقصرون أشد التقصير (إلا من رحم الله) والله المستعان.
اعرفوا قيمة النعمة التي بين إيديكم، وارتبطوا بالقرآن، وأقل شيء أن نقابل الله ونحن نقرأ كتاب الله بطريقة صحيحة .
اللهم اغفر لنا تقصيرنا، وارزقنا العلم بكتابك، والعمل به.
دمتم بعافية
**************************************************