كونوا لقبول العمل أشد من العمل
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يخشى العابد لله تعالى في أن تُردّ طاعته ويلجأ إلى الله تعالى متضرعاً ومتذلّلاً، ووجلاً من عدم القبول،
كان السلف الصالح يجتهدون في إتمام العمل، وإكماله وإتقانه، ثم يهتمون بعد ذلك بقبوله ، ويخافون من ردِّه، وهؤلاء هم الذين : ﴿ يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون ﴾ .
فعن عائشة رضي الله عنها قالت:
(سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية: "وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ"
أهم الذين يشربون الخمر ويسرقون؟! قال: لا يا بنت الصديق ولكنهم الذين يصومون ويصلون ويتصدقون وهم يخافون أن لا تقبل منهم أولئك الذين يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون
فعلى العبد أن يُقلل من قيمة عمله ويستصغره، ولا يغترّ ويَمنّ على الله بفعله وعمله، حتى لا يذهب عمله هباءً منثوراً، فالمخلصون لا يرون أعمالهم ذا الشيء المهم، ولا يعجبون بها، فيستمرّون بالطاعات والأعمال الصالحة ويتذكّرون دائماً أنّ نعم الله كثيرة في البصر، والجسد، والرزق فيشكرون الله تعالى ويُقبلون على الطاعات
قال الإمام ابن القيم في مدارج السالكين:
كلما شهدت حقيقة الربوبية وحقيقة العبودية، وعرفت الله، وعرفت النفس، وتبيَّن لك أنَّ ما معك من البضاعة لا يصلح للملك الحق، ولو جئت بعمل الثقلين؛ خشيت عاقبته، وإنّما يقبله بكرمه وجوده وتفضله، ويثيبك عليه أيضاً بكرمه وجوده وتفضله
وكان علي - رضي الله عنه يقول :
كونوا لقبول العمل أشد اهتمامًا منكم بالعمل، ألم تسمعوا قول الله - عز وجل - :
﴿ إنما يتقبل الله من المتقين ﴾ .
ثمَّ تأمَّل حَال أبينا إبراهيم وابنه إسماعيل -عليهما السَّلام- في هذهِ الآية {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا ۖ إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}
يقُول ابن كثيِر -رحمه الله- عن هذهِ الآية: فهُما في عملٍ صالح، وهما يسألانِ الله -تَعالى- أن يتقبَّـل منهما”.
: فلا تغتَر بطاعتك، فإنما هيَ بتوفيق الله، ولكن اسألـه القبُول بصِدق وسَارع في الخَيرات والطَّاعات دائمًا ...
**************************************************