لا يدرك الكثيرون أهمية اللغة في حياة الشعوب، ولا يدركون أن حفظ اللغة وضمان استمراريتها يكون بقدر محافظتنا عليها كأفراد ناطقين بها. إن عدم إدراك هذا الأمر كان سبباً في انقراض كثير من اللغات واللهجات في العالم. وبانقراض تلك اللغات انقرضت وتلاشت معرفتنا بشعوبها وأقوامها وثقافاتها.
إن المتجول في بعض فنادق ومطاعمالدول العربية والخليجية بالأخص يلاحظ أن اللغة الإنجليزية هي اللغة الرسمية التي تطالعنا في معظم تلك الأماكن، واللغات الأجنبية الأخرى هي اللغات الثانوية باستثناء اللغة العربية التي أضحت وكأنها في حالة احتضار تنبئ بانقراضها قريبا رغم أنها في دولة عربية، يفترض أنها تهتم بهذه اللغة وتجعلها اللغة التي لها الغلبة على اللغات الأخرى والمقابلة لأي لغة أخرى في الاستخدام.
الشعوب تتمسك بلغاتها وتحرص على استمراريتها، وتعتبرها اللغات الرسمية التي لا يمكن التنازل عن التخاطب بها حتى وإن كانوا على دراية بلغات أخرى. في حين نتخلى نحن العرب، مواطنين ومقيمين، أفرادا ومؤسسات في هذا البلد، عن اللغة العربية، لدرجة وصل فيها الأمر إلى اعتقاد بعض الزوار والسائحين بأنه لا وجود للعرب في هذه الدولة! .
نحن ندرك أن عدد المتحدثين بالعربية في الدول العربية لا يقارن بعدد المتحدثين باللغات الأجنبية الأخرى، لكننا ندرك في الوقت نفسه بان اللغة العربية هي اللغة الرسمية في البلد وهي لغة أهل البلد الأصليين، والكثير من المقيمين لا يجيدون اللغة الإنجليزية، فلماذا نتجاهل لغتنا العربية لأسباب نحصرها دائما في غلبة نسبة غير الناطقين بالعربية أو السائحين في الدولة على العرب؟
لقد أصبحت اللغة العربية غريبة بين اللغات التي يتداولها الناس. والمشكلة أننا نحن الذين نشجعهم وندفعهم إلى ذلك دفعا دون اعتراض أو حتى استنكار، ودون أن نتبنى لغتنا ونحافظ عليها.
لماذا لا تشترط البلديات في الدول العرية والهيئات والدوائر السياحية والجهات المعنية استخدام اللغة العربية في قوائم المطاعم والفنادق والأماكن العامة مقابل ما توفره باللغة الإنجليزية ولو من باب ذر الرماد في العيون؟! .
استقطاب الملايين من السياح وإقامة ملايين آخرين من الأجانب في الدولة لا يعني أن نتنازل بهذه البساطة عن اللغة العربية، ولا يعني إلغاء جزء من هويتنا، ولا يعني أن نتخطى موروثاتنا.
اللغة العربية مسؤولية كل ناطق بها، وكل فرد ينتسب إليها، والتهاون في تعميمها واستخدامها هو إيذان بانقراضها وتلاشي هويتنا معها. فأهمية اللغة لا تكمن فقط في كونها وسيلة تخاطب لكنها عنوان هوية ودليل تواجد.
وتحمل في كل مضامينها ثقافة لا يجدر بنا التنازل عنها والتفريط فيها، في وقت نحن أحوج ما نكون فيه لأن نحافظ على هويتنا وثقافتنا ولغتنا التي تكاد تحتضر على أيدينا، وبيدنا لا بيد غيرنا.
منقول
**************************************************