" أكليشيهات" بألوان مختلفة تؤرخ لـ: " أمازيغية "
سيرتا العتيقةلاقت التظاهرة الثقافية الخاصة بالاحتفال برأس السنة
الأمازيغية الجديدة - 2969 - التي أقيمت بمدينة قسنطينة على مدار ثلاثة
أيام و التي اختتمت أول أمس الخميس تجاوبا كبيرا مع الجمهور القسنطيني
الذي شكل نسيجا أمازيغيا يرسم لآفاق مستقبلية ثقافية تندرج في هذا الإطار
طالما سيرتا النوميدية برهنت على أنها نموذج لمجتمع متصالح مع نفسه و
متسامح مع الآخر
كل المواضيع قد تنتهي
يوما و تركن في زاوية النسيان، غير أن ألأمر مختلف بالنسبة لـ: " الهوية"
التي يعرف بها الإنسان نفسه من يكون ومن أين جاء؟ و فيها يجد حقيقة ذاته
بعيدا عن كل تعصب عرقي أو إيديولوجي، و عن كل أكليشيهات تمر الهوية
الجزائرية عبر الحياة منطلقة كطائر في الفضاء، و يا لها من بهجة و نحن نقف
أمام زهرة الصخور وهي تحيي سنتها الأمازيغيى الجديدة ( يناير yannayer )
تؤكد فيه للأجيال بأنها - أمازيغية- تظهر إعصارها الأنثوي الأمازيغي
ببهو دار الثقافة محمد العيد آل خليفة بقسنطينة و هو المهرجان الثقافي
الذي عرف مشاركات عديدة لجمعيات ثقافية قدمت من مختلف ولايات الوطن قطع
أعضاؤها المسافات الطويلة ليُحَوِّلـُوا عشقهم لقسنطينة إلى تحف و لوحات
فنية صنعتها أناملهم و ينقشوها على جانبي وادي الرمال..، كان الاحتفال
بيناير 2011 بمدينة قسنطينة للمرة الثانية يعبر عن الامتداد الحضاري و
الروح الشرقية التي تبعثها جسور المدينة وهي تنفض الغبار و تدحض الشائعات
التي حاكها أعداؤها و تؤكد لـ: " الآخر" بأن العاصمة النوميدية " سيرتا"
أمازيغية، جذورها متأصلة عبر التاريخ، و جميع من شاركوا في التظاهرة أكدوا
أن مدينو ماسينيسا و مدينة تيديس الأثرية و يوليوس أركابوس و حتى مدين
ابن باديس الصنهاجي ذات أصول أمازيغية من خلال آثارها ومواقعها الأثرية
الموجودة إلى اليوم و التي تشهد على تعاقب الحضارات عليها، و هي مبادرة
طيبة قامت بها مديرية الثقافة لولاية قسنطينة تحت إشراف مديرها الأديب
جمال فوغالي، و كما يقال: لا يتذوق الفن إلا فنان، و لا يعشق الجمال إلا
جميل، و كان اختيار مديرية الثقافة هذا الاحتفال الذي اختتمت فعاليات أول
أمس الخميس على وقع صوت البارود أطلقته جمعية - كرابيلا- للفنون الشعبية
لولاية غرداية و أسكتت تلك الطلقات صوت اللذين اعتادوا النهل من منهل ما
وراء البحر..
و كلمة أمازيغ تنقسم إلى مقطعين هما: ماس MAS و تعني السيّد، و
زيري ZIRI و معناها النبيل، و بالتالي فكلمة أمازيغي تعني السيد النبيل، و
تؤكد الدراسات التاريخية أن تاريخ الإنسان الأمازيغي يتجاوز 700 ألف سنة
بشمال أفريقيا و حروف التيفناغ تشهد على ميلاد هذه الحضارة و تشهد كذلك
على أن هذه الحضارة ليست تيارا منحصرا و منغلقا على نفسه ، بل نموذج
لمجتمع متطور ، متصالح مع نفسه و متسامح مع الآخر، لا مكان للإقصاء و
النفي، مجتمع تسود فيه الحرية الثقافية و هو تراث ثقافي يُعدُّ مكسبا يزخر
به الشهب الجزائري و كذا شعوب شمال إفريقيا التي حققت نضجها في إطار
الحضارة العربية الإسلامية مهما اختلفت مناطقها الجغرافية، و بخاصة
الجزائر التي يعود الفضل فيها لرجال عبروا عن روحه الوطنية التي أدت إلى
طرد الفرنسي خارج البلاد بدءًا من ( يوغرطة، تاكفاريناس، ماسينيسا، و
مرورا بابن باديس، عميروش، كسيلة و الكاهنة إلى بن بلة و الشاذلي بن جديد )
الذي قال: " نحن جزائريون عربنا الإسلام و كان يردد دوما عبارة " أجدادنا
الأمازيغ " في مؤتمر جبهة التحرير الوطني 1983 .
يحدثنا السيد جعدي عيسى رئيس جمعية كرابيلا للفنون الشعبية
لولاية غرداية أن جمعيته منذ تأسيسها في سنة 1962 أي مع بداية الاستقلال
لم تكف عن إحياء هذه التظاهرات الثقافية و منها تظاهرة 12 يناير من كل
سنة وهي عادة دأب عليها سكان وادي ميزاب، و الاحتفال ببداية التاريخ
الأمازيغي عند " الإباظيين " يقول رئي الجمعية كان في بادئ الأمر يحتفل به
بين العائلات، ثم تطور تدريجيا حتى أصبح يقام خارج أسوار المدينة و هذا
من أجل التعريف بالثقافة الأمازيغية والشعور بالانتماء للهوية الأمازيغية
الخاصة بوادي ميزاب و مقارنتها مع الثقافات الأخرى، و كانت لهذه الجمعية
التي تضم أكثر من 50 عضوا من مختلف الأعمار و المستويات مشاركات عديدة
داخل وخارج الوطن ( تونس ، المغرب و فرنسا ) ..
كانت منطقة القبائل الكبرى ( تيزي وزو) شاهدة هي الأخرى
على العرس الحضاري الأمازيغي من خلال تواجد بعض الجمعيات بالجبة و البرنوس
الأمازيغي، كما نقف على جمعيات أخرى لولاية توقرت التي قدمت عروضا مختلفة
للألبسة التقليدية الخاصة بالمرأة التوقرتية، تقول الآنسة دليلة معوش
طالبة بجامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية التي كانت ضمن
المشتركين في المعرض أن بنات توقرت تعلمن فن الطرز على القماش في طابعه
الأمازيغي على أيدي الأخوات البيض les sœurs و هي جمعية سميت على اسمهن
تأسست قبل الاستقلال و تزاول نشاطها إلى اليوم،دون أن ننسى جمعيات أخرى من
ولاية قسنطينة و منها جمعية "جسور" الثقافية، هذا التزاوج الثقافي
الأمازيغي يعتبر مؤشرا لصحوة الوعي بالانتماء بالهوية الأمازيغية ، و كانت
سيرتا وسط هذا العرس الأمازيغي شاهدة على رفع الاحتكار الثقافي تؤكدا
علنا بأن سكان الجزائر أمازيغيو الأصل و اللسان عربهم الإسلام..، و للتذكر
فإن التاريخ الأمازيغي حسب المؤرخين يبدأ نمن سنة 950 عندما احتل
الأمازيغ مصر و كانت أول مملكة أسسها الأمازيغ حسب المؤرخين بمصر و كانت
عاصمتها بوبسطيس بالدلتا و هي الزقازيق حاليا، ثم المملكة النبطية و
عاصمتها مدينة سايس، و كان أول مؤرخ من ذكر الأمازيغ في كتبه هو المؤرخ
اليوناني هيرودوت و الذي يؤكد على نزوح الأمازيغ إلى شمال إفريقيا من
الجزر الموجودة ببحر إيجة جنوب اليونان، و ينسب معظم المؤرخين أصل
الأمازيغ إلى السلالة الحامية ، نسبة إلى حام بن نوح عليهم السلام، ، و
أكد ذكا كل من الجرجاني، الطبري، القرطبي، المسعودي و غيرهم عكس ما جاء به
ابن خلدون الذي أشار إلى أن أصل الأمازيغ ينحدر من القبائل اليمنية..
**************************************************