سيف بن ذي يزن ملك يمني حميري عاش في الفترة بين 516 – 574،
اشتهر بطرد الأحباش من اليمن، و تولى الملك فيها. نسبه الكلبي
فقال: سيف بن ذي يزن بن عافر بن أسلم بن زيد، من أذواء حمير.
دخل سيف بن ذي يزن القصص الشعبية، فسيرته مشهورة، و
هي من أضخم السير العربية، و فيها اختلط الخيال بالوقائع
التاريخية، و جمح، فأصبح سيف بن ذي يزن ابناً لأم من الجن،
و صاحب سيادة فيهم. و غير ذلك من أفانين الخيال.
حكم الأحباش اليمن فترة طويلة من الزمان، فطغوا و تجبروا، و
أرهقوا أهل اليمن، فخرج سيف بن ذي يزن إلى قيصر الروم ليرجوه
أن يكف يد الأحباش عن اليمن، و يولي عليها من يشاء من الروم،
فأجابه أن الأحباش على دين النصارى كالروم.
فعاد سيف و وفد على النعمان بن المنذر عامل فارس على الحيرة، فشكى إليه، و استمهله
النعمان حتى وفادته على كسرى، فلما وفد قدمه إليه، و أخبره بمسألته، فقال
كسرى عن أرض اليمن إنما هي أرض شاه و بعير، و لا حاجة
لنا بها، و أعطى سيفاً بعض الدنانير فنثرها سيف،
و قال: إنما جبال بلادي ذهب و فضة.
فشاور كسرى رجاله في الأمر، فأشاروا عليه بإرسال السجناء
الذي سجنوا لاتهامهم بالقتل للقتال مع سيف بن ذي يزن، فإن
هلكوا، كان ذلك ما يريده كسرى، و إن ظفروا باليمن من
الأحباش انضمت ولاية جديدة إلى أعمال فارس. فعمل كسرى
بالمشورة، و أرسل مع سيف جيشاً من المحكومين بالقتل.
فنزل سيف باليمن، و جمع من قومه من استطاع جمعهم،
فخرج إليه مسروق بن أبرهه في مائة ألف من الأحباش، و
من أوباش اليمن، فهزمهم سيف و أذهب ريحهم، و تملك على
اليمن بأمر من كسرى على فريضة يؤديها له كل عام، و أبقى
كسرى نائباً فارسياً للدولة في جماعة من الفرس في اليمن.
و جاءت وفود العرب إلى سيف بن ذي يزن لتهنئه بالملك، و فيهم
وفد من قريش فيه عبد المطلب، فأكرم وفادتهم، و أجزل لهم العطايا.
و قيل أن سيفاً دخل الحبشة، فأمعن في أهلها تقتيلاً، و استرق
جماعة من الرجال الأحباش فأخصاهم و جعلهم يمشون
بين يديه و يتقدمون مواكبه.
و قيل قتله هؤلاء الرجال غدراً في غفلة منه عن مراقبتهم، فلما
عرف بذلك نائب كسرى على اليمن ركب إليهم، و قتلهم، ثم
جاءه كتاب كسرى أن يقتل كل الأحباش، و كل من انتسب إليهم
في اليمن، ففعل، و تولى على اليمن، و بعدها صار الحكم للفرس،
فزالت دولة العرب، و لم تقم لملوك حمير قائمة بعدها.
و قيل تآمر الفرس على قتله لتصير اليمن ولاية فارسية بالكامل.
**************************************************