رقم العضوية : 18 تاريخ التسجيل : 12/09/2009عدد المساهمات : 3159نقاط : 5051
موضوع: انا آسف الجمعة 1 يوليو - 13:13
أنا آسف».. كلمتان خفيفتان جداً، لكن بوسعهما إزاحة جبال الغضب والهموم الجاثمة على قلب أي مكلوم. عندما نعتذر «بصدق» إلى شخص ما، أخطأنا في حقه أو جرحناه أو ربما أهملناه بقصد أو بغير قصد، فإننا بذلك نقدم له هدية ثمينة، هي أغلى لديه وأسمى من أية هدية مادية أخرى يمكن أن نقدّمها. الاعتذار يعني للطرف الآخر أننا نادمون على جرحه، وغير مستعدين لفقده أو البعد عنه، ويعني أيضاً احترامنا ومحبتنا له، ومراعاتنا لأحاسيسه ومشاعره.
الاعتذار أمرٌ إيجابي جداً، فهو بلسمٌ يغسل الأحقاد، وينهي العداء، ويُزيل الاستياء، ويطفئ نيران الغضب. قد يقول أحدهم إن الاعتذار أمر لا قيمة له، خصوصاً بعد وقوع الضرر، ولكن الاعتذار في الحقيقة قد لا يلغي الأضرار، لكنه - على الأقل - يُزيل الآثار السلبية المرتبطة بها، ويُعطي فرصة جديدة للمخطئ يستطيع من خلالها إعادة رسم صورة إيجابية عنه، مختلفة عمّا مضى. لذا كان الاعتذار، ولا يزال، وسيلة من وسائل نشر التسامح والسِلم الاجتماعي الفاعلة، فالعفو يتضمن إحسان الظن ونسيان الماضي، والنظر بتفاؤل للحاضر والمستقبل. وبدون الاعتذار والتسامح، سنبقى مأسورين للماضي بأحداثه ومراراته وبكل ما فيه من تفاصيل سلبية. كما لا ينبغي النظر إلى الاعتذار بأنه ترَف سلوكي، بل هو عادة سلوكية ضرورية وآلية اجتماعية مهمة لإصلاح الخطأ، وإظهار الاحترام والمحبة للطرف الآخر «المتضرر». إن الاعتذار يُنمي فينا احترامنا لذواتنا، ويعلمنا التواضع، ويقتل فينا الكبْر وروح المكابرة. كما أن الاعتذار يجعلنا مرتبطين عاطفياً بشكل وثيق بكل من حولنا من أقرباء وأصدقاء وأحباء، فعندما نعلم في قرارة أنفسنا بأننا أخطأنا في حق إنسان، وندين له باعتذار، لكننا نصر على مكابرتنا، فإن ذلك يدعونا تلقائياً إلى اجتنابه، ومن ثم الابتعاد عنه شيئاً فشيئا. ولو أننا اعتذرنا منه، لتقربنا منه أكثر، وكأن شيئاً لم يحدث