إذا محاسني اللائي أدِلُّ بها = كانت ذنوبي فَقُلْ لي كيف أعتذرُ ؟!
أمرٌ لا يخفى ..
و سِرٌ لا يغيب !
ظاهِرة أصبحتْ مزعِجة في أوساط الناس ..
كبيرهم و صغيرهم !
العاميّ منهم و المثقف ..
بل مِن المحزِن أن نجدها حتى في أوساط المستقيمين !!
إنها الغِيرة و الحسد على ما آتى الله بعض الناس مِن فضله ..
فهل هو اعتراضٌ على حُكمِ الله ؟؟
أم هو بُغضٌ لصاحِب النعمة ؟؟
أم بماذا يعتذرُ الحاسِدُ عن حسده ؟؟
خلق الله الإنسان و نفسه تتطلع لِما هو أفضل ..
و لكن أن يصل الأمر لإظهار التحاسُد ، و تدبير المكائد !
فهذا الأمر لا يمكن أن تقبّله .
إن الحسدَ داءٌ خطير و وبيل
و إذا دخلَ قلبُ امرءٍ ، فاعلمْ أن في إيمانه خلل و عِلل !
يقول الحسن البصري – رحمه الله - : ( ما خَلا قلبُ مِن حسد ، و لكن الكريمَ يخفيه و اللئيمَ يبديه )
إنّ الحاسِدَ عدوُ نفسه !
فلا هو شكر الله على ما عِنده و تقدّم للأفضل
و لا هو تركَ الناسَ و شأنهم
و لا سِلمَ المسلمون مِن لسانهِ و يده .
قلبه و عقله منشغلان بما في أيدي الناس و بما أنعمَ اللهث عليهم
{ أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ }
تعجبُ منهم حين يتملقـّـون لغيرهم و يظهرون المصلحَة
و في الحقيقة أن في صدورِ الحاسدين نارٌ تتأجج !!
نارٌ مِن الغيظ و الحِقد ، قد نفخَ فيها إبليس و زاد حطبها !
هؤلاء الحسّاد يغيبـّـون عقولهم ..
و بعضهم يتوارى خلف لِباس المصلحة
و المؤلم أن يتواروا خلف لِباس الاستقامة !!
و هؤلاء الحسّاد يخفون محاسِن الناس و يظهرون المساوئ !
بل قد يزيدون مِن عند أنفسهم و يفترون على المحسودين ما ليسَ فيهم !
حَسدوا الفتى إذْ لم ينالوا سعيَه = فالناسُ أعداءٌ لهُ خصومُ
كضرائرِ الحسناءِ قُلنَ لوجهها = حسداً و مَقْتاً إنّه لذميمًُ
مِمّا أعجبني قولاً للشيخ د . عائض القرني حين قال :
( إذا أردتَ العيشَ فابتعِدْ عن الحسود ! لأنّه يرى نِعمتك و يصيبك بالعين ، فإن اضطررتَ لمخالطته
فلا تفشِ له سِرّك و لا تشاوره ، و لا يغرنـّـك تملقــّـه لك و لا ما يظهره مِن الدِين و التعبّد
فإن الحَسدَ يغلبُ الدِين ! )
و قد صدّقَ والله
فكم مِن أناسٍ كنّا نعتقدُ فيهم خيراً و أنهم يحبون لنا ما يحبون لأنفسهم
فلمّا مضت بـِــنا الأيام ، كشفتـْـهم لنا و بيـّـنتْ حقيقتهم !
فيا أيها الحاسِد ألا تتقي الله و تخشى عِقابه ..
فلا نِعمة نلتــَـها ، و لا عن غيركَ أزلتـَـها ..
فكل شيء هو مِن عند الله
قد قضى الله بنعمه على هؤلاء
و قضى بزوالها عن هؤلاء ..
تذكّر قوله عليه الصلاة و السلام
فهل يرضيك أن تفعل الحسنات و تتعب ، ثم يأكلها حسدك ؟!
ارضَ بما كتب الله لك
و أنعــَـمْ بِما في يديك ..
ثم اسألِ الله عز و جل أن يرزقك ما يعينك على طاعته
فلربما نِعمةٌ تنالها تكون سبباً في عصيانك لربك ..
فاحمدِ الله على ما أعطاكَ ربُّــك و اشكر له
و إن رأيتَ نِعمةً بيد غيرك فقل { ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (54) } المائدة
و أنتَ أيها المحسود الذي لاقيتَ عداوةً مِن قريبٍ أو بعيد ..
لا تحزن
و تسلّى بنعمة الله عليك
و اعلمْ أنك ذو شأن
و لولا ذاك ما حسدكَ الناس ..
و شكوتَ مِن ظُلمِ الوُشاةِ و لن تجِدْ = ذا سؤددٍ إلا أصيبَ بِحُسّدِ
لازِلتَ يا سِبطَ الكِرامِ مُحسّداً = و التافِهُ المسكينُ غيرُ مُحَسّدِ
و لا تحاوِل أن تفتّش عن سببِ الحَسدِ و الغيرة ..
و لا تُعـِر اهتماماً لما يُقال عنك و لا تحاوِل تبرر ما تفعل
فما يرميكَ بهِ حاسدك هي كذبة ٌ عليه وِزرها
و كُن كما قال الشيخ د . عائض القرني :
( لا تردْ على كلمةٍ جارحةٍ فيك ، أو مقولة أو قصيدة ، فإن الاحتمالَ دَفْنُ المعايب
و الحلمَ عِزٌّ ، و الصمتَ يقهرُ الأعداء ، و العفو مثوبةٌ و شَرَف ، و نِصفُ الذين يقرءون الشتمَ نسوه ، و
النِصفُ الآخـَـرُ ما قرءوه ، و غيرهم لا يدرون ما السبب و ما القضية !
فلا ترسِّخ ذلك أنت ، و تعمّقهُ بالردِّ على ما قيل )
و تذكّر :
إذا الله لم يعـذرك فـيمـا تـرومـه --- فما النّـاس إلاّ عـاذل أو مـؤنـب
وللحلم أوقات وللجـهـل مـثـلـهـا --- ولكنَّ أوقاتي إلى الـحـلـم أقـربُ
يصولُ عليَّ الجاهلـون وأعـتـلـي --- ويعجمُ فـيَّ الـقـائلـون وأعـرب
يرونَ احتمـالـي غـصّة ويزيدهـم --- لواعج ضغن أنني لستُ اغـضـب
أسأل الله العظيم أن يكفي المحسودين شَرّ حاسديهم
و أن يرد الحاسدين إلى صوابهم و يرزقهم القناعة بما قسمَ لهم الل
**************************************************