عادةً ما تظهر الذئاب على أنها جبانة بحضور البشر، غير أن طريقة تفاعلها مع الناس غالباً ما تعتمد على تجاربها السابقة مع الأخيرة عوضاً عن غريزتها.
عندما تحظى الذئاب بالمساحة الكافية من المسكن، وبعدد كاف من الطرائد، وعندما يقوم البشر بصيدها بين الحين والأخر، فإنها تميل إلى تفادي الاحتكاك معهم إلى درجة أنها تتخلى عن فريستها عندما تشعر بدنو إنسان منها.
إلا أنه
على الرغم من ذلك، تمّ توثيق العديد من الحالات التي هاجمت فيها الذئاب
أشخاصاً أو تصرفت بعدائية تجاههم، كما عندما يقوم أناساً باستفزازها، أو
عند اعتيادها عليهم، أو عند إصابتها بداء الكلب، خلطها بين البشر وكائنات أخرى، تعليمها الصيد للجراء، تهجنها مع الكلاب، وعند النقص الموسمي في مخزون الطرائد،أما الهجوم غير المستفز من قبل ذئاب غير مكلبة فيندر وقوعها.
كانت أغلبية هجومات الذئاب على البشر تقع تاريخياً خلال الفترة الممتدة بين شهريّ يونيو ويوليو، وتستهدف الأطفال والنساء،وتقع هذه الهجومات في أماكن وخلال أزمنة متفاوتة، مما يدل على أن افتراس الإنسان ليس شائعاً عند الذئاب ولا يُمثل تصرفاً طبيعيّاً لها، بل هو عبارة عن سلوك يطوره ذئب منفرد أو قطيع معين ويعتاد عليه، ولا يزول إلا بقتل الحيوان.
عند مقارنة الذئاب بغيرها من الثدييات
التي يُعرف عنها قتل الإنسان، فإنه يتبين أن قيامها بهذا الفعل قليل، مما
يدل أنه على الرغم من كونها حيوانات خطيرة، فإنها لا تزال المفترسات الأقل
تهديداً واحتمالاً بأن تفترس البشر.
كانت هجومات الذئاب ظاهرة منتشرة بشكل متقطع في أوروبا خلال العهود السابقة للقرن العشرين، فقد أظهرت الوثائق التاريخية أنه في الفترة الممتدة بين عاميّ 1580 و1830، قتل 3,069 شخصاً على يد الذئاب في فرنسا وحدها، وكان 1,857 شخص منهم قد قتلوا من قبل ذئاب غير مصابة بداء الكلب.
ومن أبرز القصص عن الذئاب القاتلة، قص وحش جيفودان، على الرغم من أن الحيوان المتهم بضلعوه في هذه الأحداث لا يزال غير معروف إن كان ذئباً بالفعل أم كائناً أخر شبيه به.
تفيد حاليّاً العديد من الوثائق بوقوع أحداث تضمنت افتراس الذئاب للإنسان في آسيا، ومن هذه الأحداث ما تفيد به ثلاثة ولايات هندية عن وقوع عدد من الهجومات، التي وثقها علماء أحياء مخضرمون، من قبل ذئاب غير مكلبة خلال العقود الأخيرة.
ففي مدينة هزاريباغ بولاية بيهار على سبيل المثال، أصيب 100 طفل بجروح وقُتل 122 منهم في الفترة الممتدة بين عاميّ 1980 إلى 1986.
وفي روسيا أيضاً تفيد الكثير من الوثائق بوقوع عدد من الهجومات، وبشكل خاص قبل الثورة البلشفية، وبعد الحرب العالمية الثانية؛ ففي الفترة الممتدة بين عاميّ 1840 و1861، وقع 273 هجوماً من قبل ذئاب غير مكلبة في مختلف أنحاء روسيا، أدت إلى وفاة 169 طفلاً و 7 أشخاص بالغين،وكذلك كان الحال في الفترة الممتدة بين عاميّ 1944 و1950، عندما قُتل 22 طفلاً ومراهقاً تتراوح أعمارهم بين 3 و 17 سنة، في كيان كيروف أوبلاست الاتحادي.
أما في أمريكا الشمالية، فإن نسبة اعتداءات الذئاب على الإنسان تعتبر أقل من تلك الخاصة بأوروبا وآسيا. كان هناك حملة أعلامية منتشرة في الكثير من أنحاء الولايات المتحدة، تهدف إلى حشد التأييد لمسألة ترعاها الولاية،
ألا وهي وضع جائزة على رأس كل ذئب، وقد أدت هذه الحملة إلى خلق حافز
اقتصادي جعل الناس يُبالغون في وصف الأخطار التي قد يتعرضون لها من قبل تلك
الحيوانات؛ وقد أدى هذا بالتالي إلى بروز ادعاءات كاذبة أو مبالغ فيها عن
هجومات قامت بها ذئاب.
إلا أنه ورد أيضاً بعض من التقارير التي تفيد بوقوع اعتداءات في أمريكا الشمالية،
وذلك بسبب تعدي البشر بشكل مستمر على مسكن هذه الحيوانات. قام عالم
الأحياء المتقاعد "مارك مكناي" بتجميع 80 وثيقة تفيد بوقوع لقاءات بين
الناس والذئاب في ألاسكا وكندا،
حيث قامت الذئاب بالاقتراب من البشر أو الهجوم عليهم، وتبين أن 39 حالة
عدائية كانت قد وقعت من قبل ذئاب سليمة لا تشكو من أي علة صحية، وأن 29
حالة أخرى كانت عبارة عن اقتراب الذئاب من البشر دون أن تُظهر أي خوف ودون
أن تتصرف بعدائية
**************************************************