معلّقة عبد الباقي العمري (أنت العلي)
أنت العلي الذي فوق العلا رفعا = ببطن مكة وسط البيت إذ وضعا
وأنت حيدرة الغاب الذي أسد = البرج السماوي عنه خاسئا رجعا
وأنت باب تعالى شأن حارسه = بغير راحة روح القدس ما قرعا
وأنت ذاك البطين الممتلي حكما = معشارها فلك الافلاك ما وسعا
وأنت ذاك الهزبر الانزع البطل = الذي بمخلبه للشرك قد نزعا
وأنت نقطة باء معْ توحدها = بها جميع الذي في الذكر قد جمعا
وأنت والحق يا أقضى الانام به = غدا على الحوض حقا تحشران معا
وأنت صنو نبيِّ غير شرعته = للانبياء اله العرش ما شرعا
وأنت زوج ابنة الهادي إلى سنن = من حاد عنه عداه الرشد فانخزعا
وأنت بالطبع سيف تارة عطبا = يسقي الثغور ويشفي مرة طبعا
وأنت قرن يجير المستجير به = وأنت حصن لمن من دهره فزعا
وأنت من بنداه عزًّ من طمعا = وفي جدا من سواه ذل من قنعا
وأنت ذو منصل صلَّ ينضنض في = غمد كلغد لمكر الكفر قد بلعا
وأنت عين يقين لم يزده به = كشف الغطاء يقينا أية انقشعا
وأنت ذو حسب يعزى إلى نسب = قد نيط في سبب أوج العلا قرعا
وأنت ضئضىء مجد في مدى أمد = قد فصل الدهر أوصالا وما انقطعا
وأنت من حمت الاسلام وفرته = ودرَّعت لبدتاه الدين فادِّرعا
وأنت من فجع الدين المبين به = ومن بأولاده الإسلام قد فجعا
وأنت أنت الذي منه الوجود نضى = عمود صبح ليافوخ الدجا صدعا
وأنت أنت الذي حطت له قدمٌ = في موضع يده الرحمن قد وضعا
وأنت أنت الذي للقبلتين مع = النبيّ أول من صلى ومن ركعا
وأنت أنت الذي في نفس مضجعه = في ليل هجرته قد بات مضطجعا
وأنت أنت الذي آثاره ارتفعت = على الاثير وعنها قدره اتضعا
وأنت أنت الذي آثاره مسحت = هام الاثير فأبدى رأسه الصلعا
وأنت أنت الذي يلقى الكتائب في = ثبات جأش له ثهلان قد خضعا
وأنت أنت الذي لله ما فعلا = وأنت أنت الذي لله ما صنعا
وأنت انت الذي لله ما وصلا = وأنت أنت الذي لله ما قطعا
حكمت في الكفر سيفا لو هويت به = يوما على كتف الافلاك لانخلعا
محدَّب يتراءى في مقعره = موج يكاد على الآفاق أن يقعا
أسلت من غمده نارا مروَّقة = تجرِّع الكفر من راووقها جرعا
حكى الحمام حماما من حسامك في = لسان نار على هاماتهم سجعا
غليله طالما أوردته علقا = يوم النهَرْوان من نهر فما انتقعا
بذي فقارك عنا أي فاقرة = قصمتها ودفعت السوء فاندفعا
أراد سيفك في ليل العجاجة أن = يروي السنا عن لسان الصبح فاندلعا
عالجت بالبيض أمراض القلوب ولو = كان العلاج بغير البيض ما نجعا
والرعد قد ظن طرف البرق فيك كبا = لما أغرت على العليا فقال لعا
نبذت للشرك شلوا بالعراء لذا = عليه نسر من الخذلان قد وقعا
والليل لما تسمى كافرا بشبا = قرضاب بطشك قد غادرته قطعا
وباب خبير لو كانت مسامره = كل الثوابت حتى القطب لانقلعا
باريت شمس الضحى في جنة بزغت = في يوم بدر بزوغ البدر إذ سطعا
لله درَّ فتى الفتيان منك فتى = ضرع الفواطم في مهد الهدى رضعا
لقد ترعرعت في حجر عليه لذي = حجر براهين تعظيم بها قطعا
ربيب طه حبيب الله أنت ومن = كان المربي له طه فقد برعا
رعاه مولاه من راع لأمته = لجده وأبيك الحق فيك رعى
آخاك من عز قدرا أن يكون له = أخا سواك إذا داعي الاخاء دعا
سمتك أمّك بنت الليث حيدرة = أكرم بلبوة ليث أنجبت سبعا
لك الكساء مع الهادي وبضعته = وقرَّتي ناظريه ابنيك قد جمعا
لئن توجع في يوم الطفوف لهم = فما سوى الله والله اشتكى الوجعا
قد خادعوا منك في صفين ذا كرم = إن الكريم إذا خادعته انخدعا
نهج البلاغة نهج عنك بلغنا = رشدا به أجتث عرق الغي فانقمعا
به دمغت لأهل البغي أدمغة = لنخوة الجهل قد كانت أشرَّ وعا
كم مصقع من خطاب قد صقعت به = فوق المنابر صقع الغدر فانصقعا
وأنت يعسوب نحل المؤمنين إلى = أي الجهات انتحى يلقاهمو تبعا
ما فرق الله شيئا في خليقته = من الفضائل إلا عندك اجتمعا
أبا الحسين، أنا حسّان مدحك لا = أنفك أظهر في إنشائه البدعا
وكل من راح للعلياء مبتكرا = جاء الثناء على علياه مخترعا
عذرا فقد ضقت ذرعا عن إحاطته = وكلما ضقت عن تحديده اتسعا
وجوهر المدح في علياك رونقه = بلبّة الدهر في لألائه نصعا
مدح لقد خضعت كل الحروف له = وكل صوت إلى إنشاده خشعا
به اأساجل أقواما أجالسهم = فيذهبون بتهذيبي له شيعا
مستنبط من قليب القلب ينضحه = فكر وهل تنزح الأفكار ما نبعا
أوراقه مرتع الأحداق كم نضر = فيه لذي نظر في الشعر قد رتعا
ربع ربيع المعاني في بطائحه = ترى لسائمة الافكار مرتبعا
في كل بيت قصيد من مقاصده = باب بمصرعه التخييل قد صرعا
ما زاده فكر ذي حدس مطالعة = الا وزاد كأفكاري به ولعا
وما تعلق فيه طرف رامقه = إلا وشاهد برقاً ومضه لمعا
وما وعت مهجة أفلاذ جذوته = إلا وقابسها اثناءها لذعا
وما بكت مقلة من فيه قد ذكروا = إلا سقت ما به تذكارهم زرعا
وما امتطى لاحقا في أثره أحد = إلا وعن شأوه في عدوه ضلعا
بسيط بحر له ثغر بمرشفه = للأبحر السبع مأمون الشجا كرعا
فاقبل فدتك نفوس العالمين ثنا = بمثله العالم العلوي ما سمعا
عليك أسنى سلام الله ما غربت = شمس وما قمر من أفقه طلعا
وآلك الغرَّ ما ناحت مطوقة = من فوق غصن أسى في حزنها ينعا
وما لأوج العلا نادى مؤرخه = مقام نعت علي باسمه رفعا
**************************************************