لا تطرقِ الباب شعر عبد الرزاق عبد الواحد
لا تَطرُقِ الباب، تَدري أنَّهم رَحَلوا
خُذِ المَفاتيحَ ، وافتَحْ أيُّها الرَّجُلُ !
أدري سَتَذهَبُ، تَستَقصي نَوافِذ َهُم
كما دأبْتَ ،وَتَسعى حَيثُما دَخَلُوا
تُراقِبُ الزّاد ،هل نامُوا وَما أكَلوا
وَتُطفيءُ النّور، لو، لو مَرَّة ًفَعَلوا !
وَفيكَ ألفُ ابتِهالٍ لو نَسُوهُ لكي
بِهم عيونُكَ قَبلَ النَّوم ِ تَكتَحِلُ !
لا تَطرُقِ الباب، كانوا حينَ تَطرُقُها
لا يَنزلونَ إليها ، كنتَ تَنفَعِلُ
وَيَضحَكون، وقد تقسُو فَتَشتمُهُم
وأنتَ في السِّرِّ مَشبوبُ الهَوى جَذِلُ
حتى إذا فَتَحوها ، والتَقَيْتَ بهم
كادَتْ دموعُكَ فَرْط َالحُبِّ تَنهَمِلُ !
لا تَطرُقِ ِالباب ، مِن يَومَين تَطرُقُها
لكنَّهم يا غَزيرَ الشَّيبِ ما نَزَلوا !
سَتُبصِرُ الغُرَفَ البَكماءَ مُطفَأةً
أضواؤها ، وبَقاياهُم بها هَمَلُ
قُمصانُهُم، كتبٌ في الرَّفِّ ،أشْرِطَةٌ
على الأسِرَّةِ عافُوها وَما سَألوا
كانَتْ أعَزَّ عليهِم من نَواظِرهِم
وَها علَيها سروبُ النَّمْلِ تَنتَقِلُ !
وَسَوفَ تَلقى لُقىً، كَم شاكَسوكَ لِكي
تَبقى لهم ، ثمَّ عافُوهُنَّ وارتَحَلوا !
خُذ ْها، لماذا إذنْ تَبكي وَتَلثمُها؟
كانَت أعَزَّ مُناهُم هذه ِالقُبَلُ !
يا أدمُعَ العَين ، مَن منكُم يُشاطِرُني
هذا المَساء ، وَبَدْرُ الحُزن ِيَكتَمِلُ ؟!
ها بَيتيَ الواسِعُ الفَضفاضُ يَنظرُ لي
وَكلُّ بابٍ بِهِ مِزلاجُها عَجِلُ
كأنَّ صَوتاً يُناديني ، وأسمَعُهُ
يا حارِسَ الدّار: أهلُ الدارِ لن يَصِلوا!
**************************************************