هل أصابك الهلع وأنت تتصور مكانك في هذا التيه المخيف ؟
كذرة من اللاشيء فوق هباءة تافهة اسمها الكرة الأرضية ،
بين ملايين ملايين الملايين من النجوم المردة والسدم العملاقة
والمدن الفلكية الجبارة السابحة في فضاء غريب منحن كفقاعة حول العدم ؟
هل أغمضت عينيك وغبت عن وعيك وأنت تعد وتعد ..
وتتصور هذه المتاهات العجيبة ؟
لقد نسيت ما هو أعجب من هذه الإحصائية كلها .. نسيت عقلك..
إن عقلك .. يفوق كل هذه المتاهات ..لأنه وسعها .. واحتواها في مداركه ..
عقلك أدرك الكون .. وتفوق علي الكون لأنه أدرك نفسه أيضاً
والعبرة ليست بالأحجام ..
فكل حاملات الوراثة (الجينات) في جميع المخلوقات البشرية
منذ آدم إلى الآن لا تملأ فنجاناً ..
ومع هذا فهي علي ضآلتها تحتوي على كل الخصائص
التي أنتجت الآداب والفنون والحضارات
بكل تصانيفها وحوادثها وفيها مستقر المواهب والعبقريات والنبوءات
والفاعليات البشرية بكل خيرها وشرها ..
والذرّة علي صغرها فيها طاقة تهدم جبلاً
وبالمثل لا اعتبار للأطوال الزمنية ..
فرب لحظة واحدة مليئة يحدث فيها من الأحداث
ما تنوء به السنون الطوال
القيم لا تقدر بالموازين والمكاييل ولا تقاس بالأطوال
ومستقر القيم في وجدان ذلك الإنسان الذي يخيل إليك
أنه شيء تافه حينما تقيسه إلى الكون
معيار الحقيقة وصورتها في قلبه ،،
المثل العليا في خياله ،،
المستقبل رؤيا من رؤاه ،،
الحب والأمل والحرية وأحلامه ،،
قدس الأقداس روحه ،،
اللانهاية بين جنبيه .