القاضي إياس بن معاوية بن قرة المزني
قاضى القضاه / إياس بن معاويه المعروف باسم / إياس الذكى حتى الاّن عندما يشاهد الناس شخص ذكى يقولون انه اذكى من / إياس بن معاويه وُلِد / إياسُ بن معاوية بن قُرِّةَ المزني سنة 46 للهجرة في منطقة اليمامة في نجد واٍنتقل مع أسرته إلى البصرة وبها نشأ وتعلَّم وتردَّد على دمشق في يفاعته وأخذ عمن أدركهم من بقايا الصحابة الكرام وجِلَّة التابعين ولقد ظهرت على الغلام المزني أماراتُ الذكاء منذ نعومة أظفاره وأكبَّ هذا الفتى على العلم ونهل منه ما شاء اللهُ أن ينهل حتى بلغ منه مبلغا جعل الشيوخَ يخضعون له ويأتمُّون به ويتتلمذون على يديه على الرغم من صغر سنه والعالم شيخ ولو كان حدَثًا والجاهل حدثٌ ولو كان شيخا .
وذات مرة زار / عبدُ الملك بن مروان البصرة قبل أنْ يَليَ الخلافة فرأى / إياسا وكان يومئذٍ فتًى يافعا لم ينبت شاربُه بعد ورأى خلفه أربعةً من القراء من ذوي اللحى بطيالستهم الخضر وهو يتقدَّمهم فقال / عبد الملك : أُفٍّ لأصحاب هذه اللحى أمَا فيهم شيخٌ يتقدَّمهم فقدَّموا هذا الغلام ثم التفت إلى / إياس وقال : يا غلام كم سنُّك ؟ - أي ازدراءً له فقال : أيها الأمير سني أطال بقاءَ الأمير كسنِّ / أسامة بن زيد حين ولاَّه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم جيشا فيهم / أبو بكر و / عمر فقال له / عبد الملك : تقدَّم يا فتى تقدَّم - أي علمُك قدَّمك بارك الله فيك وشاعت أخبارُ ذكاء / إياس وذاعت وصار الناسُ يأتونه من كل حدب وصوب ويلقون بين يديه ما يعترضهم من مشكلات في العلم والدين وتولى القضاء فى البصره التى كان بها الامامان الكبيران / محمد بن سيرين و / الحسن البصرى وكان هذا فى عهد / سليمان بن عبد الملك حيث ان / إياس حينما وفد على الخليفه العظيم / عمر بن عبد العزيز وجده قد وافته المنيه لما ولِيَ القضاءَ جاءه رجلان يتقاضيان عنده فادَّعى أحدُهما أنه أودع عند صاحبه مالا فلما طلبه منه جحده فسأل / إياسُ الرجلَ المدَّعَى عليه عن أمر الوديعة فأنكرها وقال : إن كانت لصاحبي بيِّنة فليأتِ بها وإلا فليس له عليَّ إلا اليمين لا يوجد بيِّنة فلما خاف / إياسٌ أن يأكل الرجلُ المالَ بيمينه التفت إلى المودِع وقال له : في أيِّ مكان أودعته المالَ ؟ أي أعطيته قال : في مكان كذا قال : وماذا يوجد في ذلك المكان ؟ قال : شجرة كبيرة جلسنا تحتها وتناولنا الطعام معًا في ظلِّها ولما هممنا بالانصراف دفعتُ إليه المال فقال له / إياسٌ : انطلِق إلى المكان الذي فيه الشجرة فلعلَّك إذا أتيتها ذكَّرتك أين وضعت مالك ونبَّهتْك إلى ما فعلته به فجعل المدَّعي يذهب إلى الشجرة وأوهمَ المتَّهم أنه بريء أذهب أيها الرجل إلى الشجرة فلعلك نسيت المالَ هناك هذا بريء قال : ثم عُد إليَّ لتخبرني بما رأيت فاٍنطلق الرجل إلى المكان وقال / إياس للمدَّعى عليه : أجلس إلى أن يجيء صاحبُك فجلس ثم اٍلتفت / إياس إلى من عنده من المتقاضين وطفق يقضي بينهم وهو يرقب الرجل بطرفٍ خفيٍّ حتى إذا رآه قد سكن اٍرتاحت نفسُه وكأنه صار بريئاً واطمأن اٍلتفت إليه وسأله على عجل : أتقدِّر أن صاحبك قد بلغ الموضع الذي أعطاك فيه المال ؟ هل تقدِّر أنه وصل إليه ؟ قال له : لا إنه بعيد من هنا فقال له / إياس : يا عدوَّ الله تجحد المالَ وتعرف المكان الذي أخذته فيه تركه ينسى وتركه يطمئن وسأله فجأة صاحبك وصل إلى الشجرة في تقديرك ؟ إلى المكان الذي أخذت فيه المالَ هل وصل إليه صاحبُك لا المكان بعيد لا يزال في الطريق واللهِ إنك لخائن فبُهِت الرجل وأقرَّ بخيانته فحبسه حتى جاء صاحبُه وأمره بردِّ وديعته إليه .
وقال / المدائني أيضا : أودع رجلٌ رجلاً كيساً فيه دنانير ( ذهبية )، فغاب خمس عشرة سنة، ثم رجع وقد فتق المودَع الكيسَ من أسفله، فأخذ ما فيه وجعل مكانه دراهم ( فضية )، والخاتم على حاله، فنازعه، فقال / إياس : منذ كم أودعته ؟ قال : من خمس عشرة سنة . فقال المودَع : صدق . فأخرج ( إياسٌ ) الدراهم، فوجد فيها ما ضرب منذ عشر سنين وخمس سنين، فقال للمودَع : أقررت أنه أودعك منذ خمس عشرة سنة، وهذا ضَرْبٌ أحدثُ مما ذكرت . فأقر واذا تكلمنا عن موضوع ذكاؤه الخارق فله قصص عديده لن يكفيها موضوع بل عشرات المواضيع وعندما ماتت أمه بكى كثيرا عليها وعندما تم عتابه على ذلك قال - كان لى للجنه بابان احدهما انغلق الاّن وكان يلبس الخشن من الثياب ولا يقاطع احد فى حديثه وكان رحمه الله يعترف بعيوبه حتى انه قال انى لى عيب واضح وهو كثرة الكلام وكان يذكر كل شيء من طفولته بالتفصيل حتى أن أمه وأقاربه كانوا يستعجبون كثيرا لحده ذاكرته كل هذا ناله بفضل زهده وورعه وعدم السعى إلى المناصب بل إنه كان هدف لأى حاكم يريد أن يسود العدل فى بلاده رحم الله هذا التابعى الجليل الذى كان ذكاءه مثار إعجاب الجميع إلى الاّن .
م ن
**************************************************
